
هناء فتحى
الحمـار للجحــش
ولماذا لا يعامل الأسد أولاد الكلب مثلما يعامل أولاده؟ هكذا بالحب والحنان.. وهكذا أيضا كان يسأل الجحش صديقه الحمار.. لكن الحمار أطرق أذنيه الطويلتين وأغمض عينيه الحزينتين ولم يجب.. لقد ساءهما الحال الذى وصلت إليه الكلاب من ذل وهوان ومهانة بعد عز وكرامة وهوهوة.. وعن المصير الذى آلت إليه أحوال الحيوان والطير فى جميع بلاد الإنس والجان.وكانت الأفيال فى مصر تسأل إن كانت تستطيع الهجرة إلى الهند حيث الأفيال تعيش فى رغد وحيث لا يقدر أحد على أن ينزع عنها زلومتها.. لكن «هدهدا» راح يخبر الأفيال على الفور بحادثة اغتصاب جماعى تمت الأسبوع الماضى فى مدينة «دلهى» الهندية وداخل أتوبيس نقل عام وفى وضح النهار لطالبة جامعية عمرها 22 عاما مازالت ترقد فى العناية المركزة فاقدة للوعى والكرامة وربما للدين.
هنا انبرى أحد كلاب الحراسة ليحكى عن واقعة حدثت فى شوارع مصر حين هاجمت مجموعة من كلاب «الخرابة» الكلبة «دلال» واغتصبوها أمام أبناء الغابة. سأل الثعبان صديقته الحية إن كانت هى الكلبة دلال المصرية؟ قالت الحية.. لأ.. دلال المصرية دى فيلم بطولة «ماجدة الخطيب» لكن دلال كلبة «لولو» صغيرة اعتدت عليها كلاب الخرابات التى جاءت هنا بعد فتح خرابات البلد هكذا ودون أن يمنعهم أحد.
قال الهدهد الحكيم: كلاب الخرابة يجب أن تعيش فى الخرابة وكلاب الغابة تعيش فى الغابة.. هذه هى أخلاق الغابة.. وأخلاق القرية.. لكن كلاب الخرابة وبمساعدة الأسد الخائن اغتصبت كل الكلاب اللولو وأطلقت عصابة «أولاد أبوقردان» لتفنى الزرع والورد والياسمين والشاى بالياسمين.. وحين اعترض أحد كلاب الحراسة خطفه «أولاد أبوقردان» وعلقوه فوق الشجرة بلا طعام ولاماء.. ومن يومها وأولاد الكلب يبكون ويصيحون: أبى فوق الشجرة.. أبى فوق الشجرة.
هنا جلس الهدهد الحكيم وراح يفكر فعلا فى هجرة الكلاب الضرورية خاصة بعد انتشار ربيع كلاب الخرابة الممتد من الغرب إلى الشرق ولايزال، قال الهدهد للطير والحيوان الراغب فى مواسم الهجرة: سأحكى لكم حكاية عن الإنسان.. لا بل حكايتين إحداهما تحدث فى مالى والأخرى فى سوريا.. وعن أمريكا وأوروبا بلاد الحضارة والعدل والحق والديمقراطية التى أطلقت الإخوان المسلمين لهدم الدولة السورية ثم قتلت الإسلاميين أنفسهم فى شمال مالى حينما اقتضت مصلحة فرنسا ذلك؟ وهؤلاء يطالبون بنفس تطبيق الشريعة التى يطالب بها أولئك.. فإذا بالأمم المتحدة ومجلس الأمن يطلقان العنان للاتحاد الأفريقى كى يقاتل الإرهابيين الإسلاميين فى «مالى».. وهو نفس المجلس ونفس هيئة الأمم التى أطلقت العنان للإسلاميين كما يفعلوا ما يفعلونه الآن فى سوريا تحت مسمى الجيش الحر «الإسرائيلى طبعا»، هنا تدخلت كلبة لولو حلوة وظريفة عمرها تسع سنين وكانت قد نجت من محاولة اغتصاب وتحدثت عن مشهد عظيم الدلالة عرضته قناة «فرنسا 42» لمجموعة من الهمج فى مالى يقومون بتحطيم ضريح لأحد الأئمة وهم يصرخون ويتصايحون فى نشوة: الله أكبر.. الله أكبر.
مع أن زائرى هذا الضريح أيضا يقرأون الفاتحة ويذكرون اسم الله.. ومسلمين وموحدين بالله يا كفرة.. هكذا نطلقت الكلبة لولو الحلوة الظريفة بنت الناس لا.. بنت الكلب.
اجتمع كل أبناء الغابة الكرام على كلمة كلب واحد محاولين توحيد الصف ومحاولين الإجابة عن هذا السؤال: كيف يقدرون من جديد على إعادة كلاب الخرابة إلى خراباتهم من جديد بلا عودة ولا شفقة ولا رحمة من أى كلب لولو حلو وصغير وجميل.