الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
تحجيب المجتمع بتحجيب النساء!

تحجيب المجتمع بتحجيب النساء!


 أصبح حجاب المرأة، منذ سبعينيات القرن الماضى، ولازال حتى الآن، رمزًا  ثقافيًا للفكرالسياسى، للإخوان، وتيارات الإسلام السياسى، التى خرجت من عباءتهم.
لسنا مبالغين، إذا قلنا، أنه «تاريخيًا»  هناك «هوس»، مَرضي مزمن، بإخفاء شَعر النساء، فى العالم كله.
وفى مجتمعاتنا، نقول «ماشية على حل شَعرها»، فى دلالة على انحلالها،  أخلاقيًا، أو لمجرد عدم طاعتها، للأخلاق الذكورية .
فى العصور القديمة، كان الشَعر الطويل، «المنطلق»، «المفكوك»، «غير المربوط»، يميز الفرسان، المنتصرين، فى الحروب.
وكان ملمحًا مشتركًا، بين الفلاسفة، والفنانين والعلماء والكتاب، والشعراء. خاصة هؤلاء، الذين يتمردون على الأوضاع القائمة، وينادون بعالم  قوامه العدل، والحرية، والجمال، والكرامة.
بل كانت إطالة الشَعر، فى حد ذاتها، تدل على أى إنسان، يعيش بطريقته الخاصة، الرافضة لقمع ذاتيته، ومحو تفرده.
وفى قصة شمشون الجبار، فى العهد القديم، يُحكى أن ملاكًا جاء إلى والدته، فى الحلم، يبشرها بميلاده، وحذرها من شرب الخمر، ومن قص «شَعره».
وحين كبر حار الجميع، فى سر قوته. وفى النهاية، يعترف شمشون لحبيبته دليلة، أن «شَعره» هو مصدر قوته.       
فى عصور العبودية، كان «قص» شَعر العبيد، أول ممارسة استعبادية، شيء يفعله الأسياد، الذين يتركون شَعرهم، طويلاً، منطلقًا. يفعلها الأسياد، للتمييز بين «السيد»، و«العبد».
فى عصور أخرى، و ربما حتى الآن، لإلحاق المهانة، والإذلال، والعقاب، برجل، أو امرأة، فى السجون، كانت تصدر الأوامر بـ «حلق» الشِعر، من جذوره.
ومن صفات التربية الفاضلة،  العفيفة، للفتاة، أن تُبقى شَعرها، «مربوطًا»، فى ضفائر، «تلمه»، و«تحكمه»، و«تفقده» الاستجابة لحركة الهواء. وكأن الاستجابة لحركة الهواء، هى الرذيلة، والاستهتار، والتهتك.
و«الغجر»، المتميزون بعشقهم للحرية، وعدم الخضوع للسُلطة، وحب التنقل، يتركون الشَعر، طويلاً، و «منعكشا»، فى إشارة الى أنهم نساءً، ورجالًا، عصيون على «الترويض».
إذن حلق «الشَعر»، أو إخفاؤه، يحدث للتمييز بين الناس. وللدلالة على الطرف «الأدنى»، «الأضعف»، «المهان»، الذى يلحق به «عار» ما، أو «وصمة» ما، أو «لعنة»، ما، أو «دنس» ما.
 والمرأة كانت، وما زالت، هى الطرف المحمل بكل هذه الإيحاءات، وعليها حتى تستر دونيتها، وضعفها، ومهانتها، وعارها، ووصمتها، ولعنتها، ودنسها، أن «تخفى شَعرها».
استجابت  أغلب  النساء، لدعوة الإخوان، للتحجب، باعتباره دلالة ثابتة، يقينية، على «التدين»، وعلى «الفضيلة». وكذلك اقتنع الذكور المسلمون، أن «الإسلام»، يبدأ بتحجيب المرأة. ومن هنا، حدث «تزييف»، لمعنى التدين الحقيقى، و«تضليل» لمفهوم الفضيلة الحقيقى.  وحدث، «تقسيم» بين النساء المسلمات .
فالمحجبات «أكثر دينا وخُلقا.. وبالتالى هن الأفضل»..  وغير المحجبات «أقل دينا وخُلقا.. وأقل درجة».
أن «رأس» الإنسان، أعلى الأشياء فى الجسد، ليس أمرًا تافهًا. أنه مكمن «العقل»، و«الحكمة»، و«الإبداع».
الشَعر، «فلسفة»، و«رؤية»، و«ثقافة»، و«توجه»، و«أسلوب» حياة. وأيضًا «سياسة» تتعلق بتغيير موازين القوى فى المجتمع، وبتحويل السلطة من تيار إلى آخر، باستخدام كل الأدوات الممكنة، وأولها، وأكثرها فاعلية، وتأثيرًا، هن النساء.
إذا  حجبنا «النساء»،  فقد «حجبنا   المجتمع كله». وهذا هو المطلوب . 