الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
العذاب ليس دائما امرأة.. الإبداع أيضا!

العذاب ليس دائما امرأة.. الإبداع أيضا!


أستطيع أن أرى حضور المرأة بقوة فى مهرجان دبى فى الفعاليات وأيضا فى الجوائز التى تم إعلانها مساء الأحد الماضى، حيث وصل نصيب المرأة من الجوائز 70٪.. هل صار الإبداع يساوى امرأة بعد أن نعتها فيلم مصرى قديم بأقسى الصفات عنوانه «العذاب امرأة»؟!.
 
من بين عشرات الأفلام التى شاهدتها فى مهرجان «دبى» أتوقف مع فيلمين حمل كل منهما جرأة فى التناول، الأول روائى سعودى «واجدة» للمخرجة «هيفاء المنصور»، والثانى تسجيلى طويل «صرخة» للمخرجة اليمنية «خديجة السلامى».
 
نلتقط الخيط أولا مع «خديجة» التى أمسكت بسلاح الكاميرا وتابعت الثورة اليمنية، الحقيقة أن تعبير «تابعت» ليس دقيقا، الصحيح أن نقول أنها صارت جزءا من تلك الثورة التى لم تكن فقط تدعو لتحرير اليمن من طغيان «على عبد الله صالح»، ولكن لتحرير الإنسان أولاً من الأفكار البالية التى جسمت على عقله وقلبه.
 
فى الميدان كانت المرأة اليمنية حاضرة ليست باعتبارها امرأة، ولكن إنسان يريد أن يسترد اليمن حقوقه، وأن يحظى بمكانته كدولة شاركت فى صنع تاريخ وحضارة البشرية.
 
عرفت اليمن فى تاريخها الملكة بلقيس، ولكن هناك من أراد لهذا البلد أن يقهر نساءه، ولهذا عندما فوجئ «عبد الله صالح» بضربات مباغتة من المرأة اليمنية لعب بورقة الفضيلة والشرف، وأراد أن يستميل المجتمع المحافظ إلى جانبه بالهجوم على المرأة التى غادرت بيتها إلى الشارع، ووجد أن الصفعة ترد له بقوة، حيث واصلت المرأة تواجدها فى الشارع تطالب بسقوطه، فاضطر للتراجع والاعتذار.
 
الفيلم يتوازى فى دفاعه عن حق المرأة وحق الإنسان اليمنى، كما أن الفيلم يجرى حواراً مع السيدة «توكل كرمان» الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، ويشير إلى أن المرأة اليمنية حملت السلاح بالفكر والقلم، والأهم هو أن المجتمع اليمنى لم يعد يستشعر أى حرج فى أن يرى فى الخيمة المجاورة له امرأة تبات مثله فى ميدان الثورة تطالب بحياة أفضل لليمنيين، ولا يندهش عندما يطل بوجهه فى المقهى فيلمحها على المائدة المجاورة تطلب واحد قهوة سكر خفيف.
 
التحرر الاجتماعى هو وجه آخر للثورة، وهو بالتحديد ما رصدته بألق كاميرا «خديجة السلامى».. نعم لا تزال ثورات الربيع العربى التى أطاحت برؤوس الأنظمة تواجه الكثير من الصعاب فى تونس ومصر واليمن وليبيا.. الثورة لا تنتهى برحيل النظام، ولكنها تبدأ بتحرير المجتمع، ولا يمكن أن نتحدث عن الحرية ولدينا نساء يعتبر البعض أن صوتهن عورة وهذا هو تحديدا ما رصدته خديجة.
 
وجاءت من المملكة العربية السعودية «هيفاء المنصور» لتضع السينما فى المملكة على الطريق الصحيح، شاهدت قبل سنوات بالطبع أكثر من فيلم سعودى روائى طويل، ولكن هذه المرة نحن نتابع شريطا سينمائيا يملك مقومات إبداعية.. مخرجة تمتلك أدواتها وتنتقل بالفيلم من مهرجان فينسيا إلى دبى، وتناقش قضية حرية المرأة البطولة على الشاشة لصبية تحلم بامتلاك دراجة بينما المجتمع يحرم عليها هذا الحق.
 
لم يكن الهدف أن نرى الطفلة فى المشهد الأخير تنطلق فى الشارع وابتسامة الانتصار تعلو وجهها، بعد أن امتلكت ما تريده، ولكن نجحت المخرجة فى أن تثير فكر المشاهد بالتأمل، وأن تدعوه أيضاً للانحياز إلى حرية المرأة وكأنه ينطلق أيضا فى دراجة.
 
فيلمان بأيد سعودية ويمنية أثبتا أن المرأة ليست عذابا، بل من الممكن هذه المرة أن نقول بكل اطمئنان إن الجرأة والإقدام.. والإبداع أيضا امرأة.