الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
لماذا لا تسقط «دولة الميكرفونات»؟!

لماذا لا تسقط «دولة الميكرفونات»؟!


كنت أنوى أن تجيء سطورى تحمل أمنيات مواطنة مصرية، فى مرحلةٍ رئاسية جديدة، للرئيس السيسى، الذى يواصل بإصرار، ودأب، التعمير، والبناء، وضرب التنظيمات الإرهابية التكفيرية المسلحة، فى الداخل، وفى الخارج.
لكننى مجبرة على تأجيل هذا الأمر، رغم أهميته.
 كيف أكتب عن أمنياتى، وأحلامى، للوطن، وهناك شىء فى الوطن، على مدى سنوات تعبت من حسابها، «يخترق» جدران عمارتى المسلحة، وبيتى، وغرفة نومى، وغرفة كتاباتى، وأذنى الداخلية، والوسطى، والخارجية؟
 سنوات، و«ضيف»، غريب عنى، «يقتحم» حرمة مسكنى، دون أن يستأذن صاحبة البيت.. «يغتصب» خصوصية أوقاتى المنصوص عليها،
فى القوانين... «ينتهك» راحتى، وهدوء أعصابى، وروقان مزاجى.
 شىء اسمه «ميكرفون»، مرتفع جدا، إلى درجة توقظ الأموات، وتجعل الأحياء يتمنون لو كانوا أمواتا.
شىء اسمه «ميكرفون»، مرتفع جدا، ومصوب نحو رأسى، يقتلنى...
ولا يجرؤ أحد على الاعتراف بجريمته... لا يجرؤ أحد على عقابه. وكأن هذا «الميكرفون»، لديه حصانة من نوع ما، تبيح له إيذاء الناس، والإفلات من المحاسبة.
 «الميكرفون»، فى مسجد اسمه «مسجد النور والهواء الجميل»، عند تقاطع شارع أبو رحاب، وشارع محجوب، فى الساحل، حدائق شبرا.
 المسجد بالإضافة إلى «شِدة» الميكرفون التى تضربنى «يوميا»، مع مرات الآذان الخمسة، و«أسبوعيا» لإلقاء خطبة الجمعة التى تمكث ساعة بأكملها، يقوم كل  «ثلاثاء»، بإعطاء درس دينى، من بعد صلاة المغرب وحتى صلاة العشاء، أى ساعة ونصف، بـ «الميكرفون» المرتفع جدا.
 سنوات، وأنا أقدم شكاوى، بالهاتف، أو بالبريد، لكل الجهات المعنية. وبعد دخول الإنترنت، على إيميل شكاوى المواطنين. ولكن دون جدوى.
ساعدنى السنوات الماضية، أننى أضع سدادات أذن مستوردة، ليلا، ونهارا.
 وماذا كنت أفعل؟. بعد أن اتضح أن منْ يهمهم الأمر، لا يهمهم الأمر.
 ولكن يبدو أن «الميكرفون» ارتفعت شدته، أو أن السدادات أصبحت أقل جودة، بحيث تأزم الأمر.. فقررت البدء من جديد. هذه المرة، أرسلت شكواى مكتوبة، إلى وزير الأوقاف شخصيا، مع عم «حسين»، حتى تصبح «موثقة»، وخاصة أن رمضان يقترب، وصلاة التراويح تؤدى كاملة، بالميكرفونات.
 بعد عناء، استدل عم «حسين» إلى المسئول عن شئون المساجد، والجوامع، وقدم له الشكوى، ووعده بإنهاء المشكلة فورا، ونهائيا.. وحتى الآن، ما زال ميكرفون المسجد، فى أمان.
 كم من الوقت، تحتاجه إزالة «واحد» ميكرفون مخالف؟
 لم أيأس؛ فالكتابة سلاح لا يُستهان به.. أليست الصحافة، هى «السُلطة الرابعة»؟
 وهذه ليست مشكلة شخصية. إنها «هيبة الدولة»، التى نحاول استعادتها، وتطهيرها، وتقويتها. هى مشكلة، «سيادة القانون» وتطبيقه، على المخالفات، فى تفاصيل الحياة اليومية، والتى تصنع فى النهاية، «كرامة، وإنسانية، وحرية»، أى شعب متحضر.
أهذا هو المناخ الذى سيجدد الخطاب الدينى، ويحارب كل أشكال، ودرجات التطرف، والإرهاب، ويصحح سلوكيات معيبة تتم باسم الدين؟
 أهذه هى مؤسسات الدولة، التى من المفروض، أنها تحمينا، وتحافظ على حقوقنا، بالقانون السريع الرادع، حتى نحب الوطن، وننتمى إليه أكثر؟
هذه هى الميكرفونات، فى القاهرة، فما الحال، فى غير العاصمة؟
إن  «ميكرفونات»  المساجد، والجوامع، «دولة»، داخل الدولة. ومنْ يقترب منها، يعد «كافرا»، «مشككا»، فى دينه، ونواياه، وسهل جدا، تحفيز الهجوم عليه، ورفع قضية «ازدراء» أديان ضده.
 إن فوائد الصلاة للإنسان، وثوابها عند الله، لا يشترط ميكرفونات، مرتفعة، أو منخفضة. فلماذا لا تُحظر ؟... وإلى الأبد؟!!
ذهبت «دولة الإخوان»... واستمرت «دولة الميكرفونات».