الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مهرجان «دبى» و«بوليوود»: فى الهند لا يأكلون الآلهة!!

مهرجان «دبى» و«بوليوود»: فى الهند لا يأكلون الآلهة!!


فاكهة المهرجانات هى السينما الهندية..لهذه السينما سحرها الخاص وأيضاً سرها الخاص، إنها تركيبة تبدو للوهلة الأولى بسيطة ومباشرة حيث تلعب على التناقضات بين الدموع والابتسامات، الحب والحقد، الغنى الفاحش والفقر المدقع!!
 
 
 فى مهرجان دبى كانت هناك احتفالية بهذه السينما التى بلغت مائة عام وأيضا عيد ميلاد شاعر الهند وروحها طاغور الذى يحتفل بمضى 150 سنة على ميلاده حالة العشق التى نراها فى العالم لتلك السينما انطلقت من عشق مجنون للسينما فى الهند حتى أنهم يطلقون على النجوم الهنود لقب آلهة بل يحجون إليهم، مثلاً «أميتاب باتشان»، فى كل يوم أحد يهرع إليه الآلاف من المعجبين وذلك على مدى تجاوز 25 عاماً وهم يحرصون على هذا الطقس، بالتأكيد فإن نجومية «باتشان» قد تأثرت مع مرور الزمن بعد أن صعد نجوم شباب صار لديهم حضورهم ومساحتهم لدى الجمهور إلا أن «باتشان» لا يزال له فى قلوب الجمهور الهندى مكانة خاصة.. أتذكر أن إذاعة «بى بى سى» البريطانية أرادت فى مطلع الألفية الثالثة أن تختار نجم القرن العشرين بين كل نجوم العالم وبينما انقسم الأمريكيون والأوربيون فى اختيار نجم القرن فإن الهنود جميعاً تجمعوا حول اختيار «باتشان» فنان القرن العشرين على مستوى العالم وهكذا تم تتويجه نجماً للقرن العشرين متجاوزاً فى عدد الأصوات نجوماً عالميين بحجم «شارلى شابلن» و«أورسون ويلز» و«جريجورى بيك» و«جاك نيكلسون» وغيرهم من أساطير فن الأداء فى العالم أجمع الذين لمعوا منذ ميلاد السينما فى العالم وحتى عام 2000 كان تعقيب «باتشان» وقتها أن الهنود هم السبب فى تلك المكانة التى حظى بها ولم يقل مثلاً إنه الأهم والأروع مستعيناً بالأرقام التى حققها استفتاء الإذاعة البريطانية، وكان «باتشان» واثقاً أن النجاح الذى حظى به هو ما يستحقه ولكن من خلال الجمهور الهندى.. لا شك أن «باتشان» له أيضاً جمهوره فى العالم كله إلا أن الهنود يشكلون القسط الأكبر، وأتذكر بهذه المناسبة تلك المظاهرات التى كانت تصحبه فى مهرجان القاهرة منذ هبوطه إلى المطار ولكن يظل أن الهند حالة أخرى.. السينما فى «بوليوود» وتلك الكلمة مستوحاة من «بومباى» وبالطبع فإنه يتم نطقها فى العالم كله على طريقة هوليود، بومباى فى الهند كمدينة مثل هوليود فى أمريكا فهى مصنع الأحلام فى العالم بينما تنتج الهند فى العام الواحد ثلاثة أضعاف ما تنتجه أمريكا فى العام حيث يتجاوز الرقم ألف فيلم.. تستطيع أن ترى فى تلك السينما حالة الموسيقى الصاخبة والرقص والإيقاع والنساء الجميلات والقصص الميلودرامية.. الفيلم الهندى أتحدث بالطبع عن الوجه المألوف لنا وفى العالم كله يحيل خيال الناس إلى واقع يعيشونه أو يأملون أن يعيشوه هم يصدقون المبالغات لأنها تحيل هزائمهم فى الحياة إلى انتصارات.. الميلودراما من الناحية العلمية تعنى مزجا بين الموسيقى والدراما وتعيش دائماً هذا التوافق فى الفيلم الهندى وتعيش أيضاً تلك المبالغات لأن الحياة نفسها لا تخلو من المبالغة.. فى الهند تجد الفقراء يمثلون واحدة من أكبر الشرائح فى العالم وتجد أيضاً أن الأثرياء يمثلون شريحة من أكثر النسب فى العالم إنها بلد التناقضات.. الهند بلد التسامح الدينى الأغلبية الهندوسية لا تقهر الأقلية المسلمة التى تصل إلى 12٪ من عدد السكان.. الناس تختار نجومها بعيداً عن الديانة ورئيس الهند مسلم برغم أن الرئيس فى النظام الهندى ليست له صلاحيات حيث إن رئيس الوزراء هو الحاكم للبلاد!!
 
والحقيقة هى أن تلك البساطة التى تعبر عنها المشاعر المباشرة للشعب الهندى فى علاقته بالسينما حيث إنه يحيل النجوم إلى آلهة هى بالتحديد تعبر عن هذا الإحساس الذى كان العربى القديم قبل الأديان يشعر به حيث إنه كان يبحث عن الآلهة ويقوم بصناعتها من التمر وعندما يستبد به الجوع لا يجد أمامه سوى أن يلتهم تلك الآلهة غير آسف عليها ومع مرور الزمن يخلق آلهة جديدة.. كل النجوم فى العالم هم بشكل أو بآخر ترديد لتلك العلاقة إنهم يخلقونهم ثم يعبدونهم وبعد ذلك يلتهمونهم ويبحثون عن آلهة جديدة لتتكرر نفس التجربة!!
 
أما فى الهند فيبدو أن الأمر مختلف، الأساطير تظل أساطير.. نعم تولد أساطير حديثة لأن لكل عصر مفرداته ونجومه ولكن الشعب الهندى على عكس كل الجماهير فى العالم لا يأكل نجومه!!