الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
6 يناير مولد رجلين يسكنان القلب

6 يناير مولد رجلين يسكنان القلب


وتبدأ «صفحة» جديدة من «كتاب» الزمان.
«زهرة» أخرى، تطل من «بستان» الوجود تُرَى أنعرف القراءة؟ وهل نجيد فن التعامل مع الزهور؟ تمنحنا الحياة وقتا إضافيا لكى نثبت بالأدلة القاطعة أن بين ضلوعنا «قلوبًا» عاشقة خيرة عادلة ونستحق أن يمتد بنا العمر سنة أخرى.

كم هى «كريمة» الحياة وكم هى «بنت أصل»، صحيح تغاضت عن أفعال البشر التى تلوث «جلد» الكون بالدم وطفح الكراهية ودمامل الطمع، تسامحت مع الكذب والخوف والنفاق الذى يرفع حرارة هذا الكوكب، تناست أمراض التملك الغاشم والنزعات المستبدة لاحتلال الأرض والنساء والفقراء والكبرياء، تجاهلت ضحايا تناثرت أشلاؤهم باسم الجهاد فى سبيل الله وتحت راية صحيح الإسلام والحرص على الدين والفضيلة أو ثأرًا للشرف الذكورى.
تغاضت عن سطوة اللهجة الدينية وإرهاب المشايخ وفتاواهم السلفية المتجهمة المضادة لكل ما هو مضيء ومشرق ومحفز للحرية ولـ«ثقافة» الاستمتاع بالحياة ولكل ما هو  محرض على «حضارة» الفرح.
شكرًا للحياة التى نحولها إلى «مقبرة» لا حدود لها و«سرادقات عزاء» لا تنتهى ومع ذلك لا تيأس من إصلاحنا.
شكرًا للحياة التى نذبح أشجارها ونسكب عليها غليان تعصبنا وحقدنا ولاتزال «تراهن»  علينا  لعدل الميزان المائل.
ماذا أكتب مع بدء عام جديد؟
هل أرصد أحداث العام الماضي؟ لا أحب النظر إلى الخلف والتفتيش فى جيوب الماضى.
تختلط المشاعر وتتشكل داخلى آلاف اللوحات.
أرى وطنا غير الوطن أتخيل رجالا غير الرجال نساء غير النساء ضحكا غير الضحك حزنا غير الحزن، أغنيات غير الأغنيات  قصائد تعلن حرية كل الأشعار  أمنيات غير الأمنيات أخلاقا غير الأخلاق، هدوءًا يلف الكون وعشقا يرفعنى إلى مجد الأشواق.
مع بداية كل عام تكبر سنوات عمرى «سنة» وتصغر أمنياتى  وأوهامى أزمنة أعاهد نفسى بألا تجرفنى الأمواج وأن أظل نشوانة بسباحتى بعيدا عن شواطئ  الصخب والتشابه والعيون المحدقة.
وكل عام «أقرر»  ألا أدع  سلوكيات البشر تؤذينى أو تغضبنى.
ها هو 6 يناير يعود من السفر البعيد.
6 يناير تاريخ محفور فى نفسى  ممتزج بدمى، مقيم فى الروح، 6 يناير مولد رجلين يسكنان القلب إلى الأبد.
الأول مولد مبدع متعدد المواهب  كلماته معطف يدفئنى فى كل الأوقات يعزينى فى آلام لا أستحقها  غربته من نسيج غربتى حكمته  رفيقة وفية لوحدتى.
إنه جبران خليل جبران (6 يناير 1883 - 10 أبريل 1931)، الذى اعتصر مشاعره وأفكاره لكى تنير لى الطريق إذا ما أظلمت الدنيا  وانطفأ ضى الذكريات.
والرجل الثانى مولد محمد فُتوح توأم الروح (6 يناير 1955 - 13 أكتوبر 2008) ابن قرية الدراكسة الدقهلية الإنسان نادر الوجود  أصيل المعدن الذى وهبنى حبه وحنانه اللا نهائى ونبل أخلاقه  وأجمل أيام عُمره  لم تمهله قسوة الأقدار أن يكمل سلسلة كتاباته  التى بدأها على صفحات مجلة روزاليوسف وأن يقدم موسيقاه وألحانه من كتبه:
«الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى أمركة أم أسلمة».. منْ الضحية».. «استلاب الحرية باسم الدين والأخلاق».. «التلوث البصرى وتذوق الجمال».. «الآثار النفسية للتلوث البصري».
كان «محمد» بالنسبة لى كل الوجود نعيم الدنيا راحتها وأفراحها قضيت نصف عمرى فى البحث عنه وأقضى نصفى الآخر حزنا وحسرة عليه.
كنت أقول: «كل شيء يهون طالما محمد موجود معي».  كان يقول: «خُلقت من أجلك أنتِ فقط».
سأظل أنزفه إلى آخر العُمر  وحتى الرمق الأخير.