
هناء فتحى
إيه الفرق: فلسطين كانت بالشفعة.. وبيعت بعقد تمليك
ما زلت أتساءل: هل أخطأت الغيوم حينما أمطرت برازًا على الهند فى سابقة لم تحدث من قبل ليلة الأربعاء الماضى، ونسيت بلادنا العربية؟ حينما رخت السماء فجأة فضلات آدمية أثناء كلمة ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.. هل اكتفت السماء بخطاب وقرار ترامب على رءوسنا جميعًا؟ أظننا كنا نستحق الاثنتين معا: براز ترامب وبراز السماء، مال للهند وخطايانا وهواننا وعجزنا.
نحمد الله أن شيخ الجامع الأزهر فى اليوم التالى لقيام ترامب بإهداء القدس لنتنياهو، أصدر قرارًا صارمًا بجعل خطبة الجمعة فى الجامع الأزهر عن: «القدس وهويتها العربية».. وذات القرار فعل مثله وزير الأوقاف لكل مساجد مصر.
لسنا وحدنا من يمزح من الألم.. حتى الأمريكان فعلوها وهات يا تهريج، مباشرة وإثر إلقاء ترامب أثناء خطابه الكارثى فقد تبادلوا النكات بحرية متسائلين حول إن كان ترامب يرتدى طقم أسنان أم أنها أسنانه الطبيعية؟ لأنه كان يقلب حرف الـ«سين» إلى «شين».. فقد نشر موقع Select/all تعليقات الأمريكان الساخطين على رئيسهم والرافضين لقراره- نقلاً من تويتر وفيس بوك- وتساءلوا: «لماذا كان لسان ترامب يصطدم باللثة ويقلب الحروف؟» فبدلاً من أنى قول United states قال United Schtates.. ودللوا على ذلك بصور ترامب أثناء خطابه حيث بدت أسنانه صغيرة بيضاء لامعة.. وكان ترامب بالفعل قد حصل من مركز أتلانتا لطب الأسنان فى فبراير 2015 على طقم أسنان خزفى.. انظر إلى أى مدى يناقش الأمريكان على الفيس بوك وتويتر ما يحويه فم الرئيس؟.. تنظر كيف عنون الموقع للمقال الساخر: «Are Donald Trump's Teeth Real»؟
لكن سخرية الأمريكان من رئيسهم لم تنزل بردًا وسلامًا على قلوب الفلسطينيين إثر سماعهم الخطاب الفاتر المهادن الإنشائى الشاعرى المسالم الراضى القابل شديد الإذعان من قبل رئيسهم محمود عباس ردًا على خطاب ترامب الذى منح بموجبه عقد تمليك القدس للصهاينة هدية من البيت الأبيض، العقد الذى بموجبه لن يؤذن مؤذن فى القدس للصلاة، وبموجبه يتم طرد وزارة الأوقاف الفلسطينية من الحرم.. وسيصمت غناء فيروز ومعها أجراس الكنيسة.. لن يعلو سوى صوت صراخ الشعوب.. ولسوف نرى.
كان ترامب فى الحقيقة يمنح نفسه عقد إيجار رئاسى ليكمل مدته وسط مشاكل داخلية وفشل سياسة خارجية قزمت من حجم الإمبراطورية الواضح للعيان فى سوريا والعراق ثم خضوعها وتراجعها وجبنها أمام عنترية الرئيس الكورى الشمالى.. إخفاقات واضحة كادت أن تودى بجلوسه على كرسيه المهتز لولا قيامه بإهداء عقد ملكية فلسطين للكيان المحتل.. فقد كان ترامب هو الآخر يشترى عرش بلاده من اليهود.. اللوبى الصهيونى الماسك بزمام المؤسسات الأمريكية.
العظيم روبرت دى نيرو يروى حضور داستين هوفمان، يصب جام غضبه على ترامب واصفًا إياه بأحط الألفاظ فى لقاء تليفزيونى، الأسبوع الماضى مع الكاتب والممثل ومقدم البرامج جون أوليفر فى برنامجه last night.. يقول دى نيرو إنه ينوى تكملة فيلمه «wag the dogl» بعمل جزء ثان من الفيلم الذى تم عرضه عام 1997، متخيلاً ما سوف تكون عليه حالة البيت الأبيض الآن.. الفيلم سيكون مجرد توثيق للعام الأول من حكم ترامب لأمريكا، يقول دى نيرو عن ترامب للمذيع: «إنه رجل مقزز ومتحرش.. ومكروه من الجميع.. أنا متأكد من أن هتلر كان محبوبًا من قبل شخص ما.. أما ترامب فهو مكروه من جميع الأمريكان».
طيب.. هل تشفى سخرية الأمريكان من رئيسهم وإهانة دى نيرو وسبه علنا لدونالد ترامب على شاشة التليفزيون الأمريكى.. هل تشفى غليلنا؟ هل تشعرنا بالعزة والكرامة.. هل تعيد إلينا نخوتنا المسلوبة؟ هل سترد إلينا فلسطين؟