الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
هل الفول المدمس «هويتنا». وتحجيب النساء «خصوصيتنا»؟

هل الفول المدمس «هويتنا». وتحجيب النساء «خصوصيتنا»؟


«يجب الحفاظ على هويتنا المصرية».. «ننفتح على التنوع دون المساس بخصوصيتنا».. «لابد من محاربة طمس الهوية».. «دور الثقافة والفن فى تأكيد الهوية المصرية»..
هذه مصطلحات تكررت، فى ملتقى الشباب العالمى، 5 نوفمبر - 9 نوفمبر 2017 شرم الشيخ.
لكن ما أدهشنى، هو عدم تعريف، معنى «الهوية»، وعدم تحديد «الخصوصية».

«الهوية»، كما أراها، هى مزيج من أشياء كثيرة متنوعة، لا نستطيع أن نفصل عناصرها.. إن الهوية الثابتة، النقية، الخالصة، المعقمة، غير ممكنة.
«الهوية» ليست صفة أو كتلة ثابتة، نسد بها خانات الأوراق الرسمية، وهى ليست قطعة حجر، محنطة، لإبهار الأفواج السياحية فى المتاحف.
«الهوية» عملية «ديناميكية»، و«حركة» متجددة، مع تجدد الحياة،  ومع تغير الناس.
لا أدرى، ما الهوية، أو الخصوصية، التى نحميها!
هل يكون مثلا، الفول المدمس، أو الفسيخ، أو عصير القصب، هو «هويتنا»؟ هل تحجيب أو إخضاع النساء هو «خصوصيتنا»؟
هل عندما أستمع إلى «أم كلثوم» و«عبدالوهاب»، وعبدالمطلب» أكون قد حافظت على هويتى المصرية؟ ولكن عندما أستمع إلى «فرانك سيناترا» و«اديث بياف» و«شارل أزنافور» و«انجل بيرت» أكون قد تنازلت عن خصوصيتى المصرية؟
عندما أشرب الكوكا كولا، وأتناول البيتزا، وأعشق أفلام «هيتشكوك» و«كلود ليلوش» و«فيلليني» أكون قد خنت «هويتي» الأصلية؟ أو تهاونت فى حق «خصوصيتي»؟
وهل اهتمامى بالشِعر، والرقص الأفريقى، وبالأدب فى أمريكا اللاتينية يشير إلى «ضياع خصوصيتي» و«ذوبان هويتي»؟
قال الفيلسوف هيرقليطس، 540 ق . م ذ 480 ق . م: «التغير هو الثابت الوحيد».
  لكن التغير المستمر عند غالبية البشر يقلق ويفزع ويهدد. من هنا يأتى البحث عن هوية «ثابتة» تعطى الأمان وخصوصية «محصنة ضد التغير» تمنح الطمأنينة.
كل حديث عن «الهوية» و«الخصوصية» يتضمن شعورا بالاستعلاء والغطرسة والتعصب.
  باسم «الهوية» الألمانية النقية وتحت عنوان «خصوصية» الجنس الآرى الأرقى، وتحقيقًا لما أسماه «العِرقية النظيفة» أو «التطهير العِرقى والقومية، وهوية «الانتماء» الأصيل أشعل «هتلر» 20 أبريل 1889 - 30 أبريل 1945 الحرب، وقتل الملايين، من المدنيين، والعسكريين.
وصلت التيارات الإسلامية التكفيرية الجهادية إلى الإرهاب المتوحش نتيجة البكاء على «الهوية الضائعة»، حيث تشكل استعادة الخلافة الإسلامية استعادة «للهوية المفقودة».
  باسم «الهوية» الاثنية العِرقية و«الخصوصية» الطائفية والقبلية  تم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب.
 وباسم «الخوف من ضياع الهوية» خرجت بريطانيا، من الاتحاد  الأوروبى، وتحت عنوان «الخصوصية» الكتالونية تريد كتالونيا الانفصال والاستقلال عن إسبانيا.
«العدالة»، «الحرية»، «المساواة»، «الصدق»، «الكرم»، «التضامن»، «النبل»، هذه هى «المعانى السامية» التى يجب أن تحل محل، الكلام عن الهويات، والخصوصيات.
هذه هى «القيم العليا» التى يجب أن نتشبث بها، ونحميها من محاولات الطمس، ومخططات الإبادة تحت أسماء براقة مخادعة.
«الهوية» التى تغيب عنها العدالة، هوية «باطلة»، «الخصوصية» التى تخاصم الحرية، خصوصية «فاسدة».
من واحة أشعاري
مرارة الذكريات
تدمى قلبي
الحنين اليائس
يستنزف روحي
لا تصالح مع زمن
خطفك فى عمر الزهور
لا تصالح مع أقدار
زرعتنى فى أرض القبور.