
د. مني حلمي
«الحرية» تجعل النساء «جميلات»
تعبير «سن اليأس» يفضح كيف يتحدد مصير النساء، باستمرار تدفق الحيض، والقدرة على الإنجاب، وحمل الأجنة.
إن تحديد، «جمال»، و«جاذبية» المرأة بالخصوبة البيولوجية، لهو منطق شديد الظلم، وشديد التخلف، وشديد الجهل وشديد الضحالة.
أولا، لأن الخصوبة البيولوجية زمنها قصير جدا، مقارنة بحياة المرأة.
ثانيا: إن «الجمال» لا علاقة له بمدى قدرة المرأة على الإنجاب، أو بمدى اتباعها نصائح التجميل الساذجة. وهو ليس «الفاترينة» الخارجية التى تستنزف وقت وجهد وفلوس المرأة. و«الجمال» ليس خلو البشرة من الكرمشة والخطوط والتجاعيد، وليس رسم الحواجب ودق الوشم وإزالة الشعر الزائد وتكبير الشفاه والأثداء، وهو ليس مقاييس الذكور المكبوتين جنسيا، وليس مقاييس خبراء التخسيس، أو تشبها بنجمات السينما وفتيات الإعلانات وملكات الجمال والجوارى المملوكات.
إن «الجمال» ليست له سن، لأنه قيمة «داخلية» نابعة من عقل وقلب المرأة، وبالتالى هو «غير مشروط» بالحمل والإنجاب أو بالعناصر الخارجية الزائلة. ولأنه قيمة «داخلية» فهو موجود دائما ويعكس كيف تنظر المرأة إلى نفسها وإلى دورها فى الحياة.
«الجمال» هو ثقة المرأة بنفسها واعتزازها بشخصيتها المتفردة المستقلة، التى لا تشبه أحدا إلا ذاتها. «الجمال» هو شجاعة المرأة فى مواجهة العالم بوجه مغسول، وأن تحب تقدمها فى العمر بكل بصماته على الملامح والجسد. بل تعتبر التقدم فى العمر محطة النضج والحكمة والسخرية من عالم مقلوب، معتل المقاييس.
«جمال» المرأة فى قدرتها على العمل والإبداع. وهو خطواتها الشجاعة على درب الحرية، لا أحد ولا شيء يستعبدها. «الجمال» للمرأة هو تلك الحيوية المتدفقة من قلب امرأة، والطاقة الإيجابية المشعة من عينيها.
المرأة الجميلة هى التى لا تخاف كلمة الحق ولا تخاف كلام الناس، ولا تخاف الوحدة، ولا تخاف الموت، ولا تخاف تقدم العمر، ولا تخاف أى سلطة، ولا تخاف العنوسة أو الطلاق.
أغلب المجلات النسائية تصور فتيات صغيرات مثل الدمى، ملونات بجميع أنواع المساحيق، وفى ميوعة تنم عن الخواء الداخلى يبتسمن، أهذا جمال؟!
لماذا لا يضعون على الغلاف امرأة تعدت الستين أو السبعين أو الثمانين أو التسعين، بلا مكياج وبكل خطوط الزمن لتكون نموذجا للجمال الحقيقى الداخلي؟ ورمزا للجاذبية التى تنبع من رجاحة العقل، ونبل الطباع وسمو الأخلاق؟
إن نجمات السينما بعد أن أسعدننا طويلا بالفن الراقى تنحسر عنهن الأضواء، هذه إحدى الخطايا الذكورية والفنية والثقافية الكبرى، إن عطاء «الموهبة»، مثل «الجمال» ليس له عمر، بل إنه ينضج ويتعمق بمرور الزمن.
لا يخفى الرجل سنه الحقيقية، بينما المرأة تخفيها كأنها «جريمة» يجب إزالة بصماتها، أو «بلاء» لابد من ستره.
«البيولوجيا» ليست المصير.. واحدة من صيحات النساء الثائرات الأحرار فى كل مكان.
فى فيلم «معبودى الخائن»، الذى يحكى لمحات من حياة الأديب الأمريكى «فرانسيس سكوت فيتزجيرالد»، بطولة نجمى المفضل «جريجورى بيك» مع «ديبورا كير»، وأخرجه «هنرى كينج» عام 1959، هناك جملة لا أنساها.
كان «سكوت فيتز جيرالد» على علاقة بالصحفية الشابة شيلا جراهام، واعترفت «شيلا» لحبيبها، بأنها تخاف كثيرا من مرور الزمن وفقد جمالها، رد عليها قائلا برقة: «الجمال فى الشباب هبة الطبيعة، أما فى العمر المتقدم، فنحن الذين نصنعه، إن أجمل امرأة رأيتها فى حياتى، كانت فى الثمانين من العمر».
من واحة أشعاري
سأبقى فى نظر نفسى «جميلة»
طالما أستطيع ترويض الأشياء المستحيلة