
هناء فتحى
إلى كل رجل فى العالم: سلم نفسك
واضح إن الحكاية وسعت جدًا ومحتاجة دكتور «فرويد يشرح لنا حمى الاغتصاب والتحرش التى طالت وأعيت رجالات العالم كله».
بركان التحرش والاغتصاب الذى صدع الأرض الأمريكية هذا الشهر، بهوليوودها وأوسكارها وبيتها الأبيض وحزبها الديمقراطى قد ألقى بحممه الحارقة بعيدًا بعيدًا حتى طال لظاها قارات الدنيا.. وبلاد ما كنا نظنها يومًا تعيش هذا الانحدار الأخلاقى المكتوم والمخفى: روسيا واليابان مثالاً!! تصدق..؟؟ وقد كنا نظن بل نجزم حتى وقت قريب أن الحظر والكبت فقط يولدان الانفجار، فإذا ببلاد الحريات المفتوحة على البحرى هى الأخرى تصنع عالمًا مخبوءًا- مسكوتًا عنه- من الابتذال.. عالمًا يؤكد ويعيد علينا أزمنة الجوارى والنخاسين.. وسيبك بقى من نظرية الرجل المتحضر وبلاد بره.. معلهش.. إحنا بنضحك على بعض حضرتك. لا فرق بين «العالمة» و«العالمة لا مؤاخذة»- الأولى بكسر اللام الثانية والأخرى بتسكينها- فالمرأتان عُرضة للتحرش والاغتصاب من الرجعى والمتحضر.. كلاهما رجل واحد قد غير ثوبه واحتفظ بعقله الصدئ.. احتفظ بنظرية «فرويد» وحدها فى تفسير الحب: باعتباره «جنس» فقط وأنه لا وجود للحب أصلاً لأن المشاعر هى مجرد دافع جنسى بحت.. ومع أن هذه النظرية لم يتم تعميمها حتى الآن من مجمل علماء النفس الذين أتوا بعده.. إلا أن ما يحدث فى العالم كله الآن من فضائح جنسية طالت أشهر وأرقى رجالات العالم المتحضر والمتدنى، يؤكد صدق ادعاءات «فرويد»، ويجب نظريات العلماء والفلاسفة الذين أتوا بعده.
فى خبر صدام خرجت علينا منذ 3 أيام الممثلة Heather Lind بأن الرئيس الأمريكى العجوز القعيد على كرسى متحرك «جورج بوش» الأب قد لمس مؤخرتها من وراء ظهر زوجته «باربرا» بل قال لها «نكتة قبيحة» اضطرت الممثلة أن تدلى باعترافها إثر نشر الصحف الأمريكية صورا لـ5 رؤساء أمريكيين معًا فى حفل لجمع تبرعات لضحايا الأعاصير، الأسبوع الماضى قالت: إنها قد استفزتها صور الرؤساء الخمس «المحترمة» فى الإعلام»!! فاعترفت طبعًا لن نحكى عن الرئيس الحالى «دونالد ترامب»، فتحرشاته صارت أشهر من أغانى أم كلثوم.
وفى تطور لافت لقضية أحد أهم منتجى هوليوود المتهم بالتحرش والاغتصاب لنجمات الأوسكار وغيرهن.. إذ براقصة البولشوى الروسية الشهيرة «أنستازيا فولوشكوفا» تعترف لصحيفة The Telegraph أنها هى الأخرى تعرضت للاغتصاب.. وأن البولشوى هو بيت دعارة عملاق.. وأن كل باليرينا تقدم مع الباليه خدمات جنسية لعلية القوم.. وأن السرير يفتح الأبواب إلى المسرح.. ووووووووو.. ألم يخبرنا الدكتور «فرويد» أن الجنس هو أصل المشاكل النفسية قاطبةً؟!
فى الأسبوع الماضى تقدمت صحفية يابانية برفع دعوى للمرة الثانية بعد أن شجعتها نسوة هوليوود للإدلاء باعتراف أنها تعرضت للاغتصاب من قبل صديق رئيس الوزراء اليابانى وكاتب السيرة الذاتية «نوريوكى ياماجوتش».. وقد كانت الصحفية اليابانية قد تقدمت بدعوى إلى المحكمة فى 2015 لكنها رفضت.. فقامت بتأليف كتاب عن واقعة اغتصابها أسمته: «الصندوق الأسود» شوف إزاي؟ قالت فى صفحاته: «هنا فى المجتمع اليابانى الخنازير تحمى الخنازير.. بما فى ذلك أعلى مستويات فى الحكومة».
لذا لم يلفت انتباهنا بشدة كما كان يفعل بنا فى السابق خبر تحرش أو اغتصاب من قبل أحد أفراد الجماعات الإسلامية أو من أحد رموز الإخوان المسلمين.. فقد مر خبر اغتصاب «طارق رمضان» حفيد «حسن البنا» وأستاذ الدراسات الإسلامية فى جامعة أكسفورد- للمؤلفة النمساوية التونسية الأصل «هند عيارى» فى حجرته بأحد فنادق باريس أثناء حضوره فعاليات مؤتمر عن الإسلام منذ 5 سنوات.. لكن «هند» أعادت طرح القضية فى غمرة التفجر الجنسى الذى اجتاح العالم كله.
فى أمريكا وبعد صمت طويل وبعد اعتراف 200 فنانة بالاغتصاب والتحرش من قبل ذات المخرج.. اعترفت الفنانة الكبيرة «جوليان مور» بأن المخرج الكبير «جيمس توباك» قد قام باغتصابها فى بيته أثناء عمل اختبار أداء تمثيلى.. وهو نفس ما جاء فى اعترافات الفنانات الـ200 الأخريات، وبالمرة خرج علينا الممثل الوسيم «جورج كلونى» ليعلن أن زوجته الإنجليزية لبنانية الأصل «أمل كلونى» قد تعرضت لتحرشات عدة أثناء عملها بالمحاماة وحقوق النساء.
ربما يكون هذا البركان الذى انفجر فى أمريكا وألقى بحممه على العالم أجمع.. ربما يكون هو الانفجار الثالث الأضخم حجمًا وتأثيرًا.. فقد سبقته فى التاريخ حادثتان مروعتان: الأولى كانت اعتداء المغول على نساء العراق وبلاد الشام حيث لم تبقَ امرأة واحدة عذراء.. الحادثة الثانية المروعة كانت أثناء الحرب العالمية الثانية وسقوط الرايخ الثالث، حيث حدث فى ألمانيا أضخم اعتداء على النساء.. 100 ألف امرأة ألمانية مغتصبة.. وفى 17 يوليو عام 1945 اعترف «ايزنهاور» القائد العام لقوات الحلفاء فى أوروبا بالواقعة، فقد سيقت النساء فى أنفاق المترو وتم اغتصابهن جميعًا.
هذا ولايزال العالم قذرًا للغاية؟!