د. مني حلمي
لماذا يستمتع الجمهور بالإيحاءات الجنسية؟
على إحدى القنوات الفضائية، شاهدت فصلا من مسرحية، كوميدية، استعراضية المشهد كله، تلميحات، وإيحاءات، ولعب، على الغريزة الجنسية، بشكل وضيع، ومنفر، تأسفت لهذا الانحدار الفنى، الذى وصلنا إليه، وتأسفت أكثر، لأن الجمهور كان متجاوبا جدا، يضحك جدا، منسجم جدا، لست أدرى، لماذا تثير الإيحاءات الجنسية كل هذا التجاوب، والضحك، والانسجام؟ ما هو المضحك، والممتع، فى سماع النكات، والتلميحات، الجنسية؟
هل السبب هو الكبت الجنسى الضخم الذى يميز بلادنا؟ هل لأن الكلام عن الجنس من المحرمات؟ ربما، ولكن هذا ليس مبررا، لكى نرى مثل هذه الأعمال، إن الفن يرتفع بمشاعر الناس، يرتقى بأفكارهم، يسمو بخيالهم.
الفن يقدم المتعة، والضحك، والانسجام، والبهجة، والجمال، دون النزول إلى البذاءة، والتفاهة، وقلة الأدب، والسطحية المفزعة، والقبح المقزز.
الفن لا يكون فنا، إلا إذا ترفع عن تحقيق النجاح التجارى المؤقت، الماشى مع التيارات السائدة.
والفن ليس مطالبا بالاستجابة، إلى مقولة مستهلكة، خادعة، مضللة تتستر على الجشع المادى، وانعدام الموهبة، وضحالة الفكر والخيال، اسمها «الجمهور عايز كده».
ما أصعب، وما أجمل، الفن، «الفاضح» للعلاقات، والتناقضات الأخلاقية، والقبح، والزيف، دون أن يفقد قطرة واحدة من حيائه، وكبريائه.. والذى «يعرينا»، بمنتهى الشياكة، والتهذيب.
11 أكتوبر، هو اليوم العالمى للطفلة، أو الفتاة.
المفروض أن إقرار هذا اليوم، يزيد الوعى بكل درجات، وأشكال العنف، والتمييز، والتفرقة، التى تحاصر الطفلة، والفتاة.
الختان الجسدى، والزواج المبكر، وموروثات الطاعة العمياء، والتحرش الجنسى، والاغتصاب، وزنى المحارم، و «بيزنس» الدعارة، والتفسيرات الذكورية للأديان، كلها جرائم وحشية تخرب، وتدمر، الفتيات، والأطفال الإناث.
لكن منْ يهتم بإنسانية، طفلة صغيرة، ضعيفة، فى عالم يحكمه، قلة من الذكور، ذوى العقائد العنصرية، المتعطشين للدم، والحرب يملكون المال، والسلاح، والتشريعات، والإعلام، والثقافة، والأخلاق، والأديان؟؟ ويملكون أيضا، الأمم المتحدة التى أسست، «اليوم العالمى للطفلة»؟
وإذا كانت المرأة «البالغة»، «الناضجة»، لا تستطيع الهروب من الحصار الذكورى، فكيف تهرب منه الطفلة «القاصر»؟ فى بلادنا، مازال هناك منْ يطالب، بتخفيض سن الزواج للفتيات، وهناك منْ يرى أن الختان، ليس جريمة وحشية، وإنما «طهارة»، لضمان العفة.
«اليوم العالمى للطفلة»، مثل جميع الأيام العالمية، مجرد «مسكنات»، و«مهدئات»، لامتصاص شحنات الغضب المكبوتة، المتراكمة، والمتزايدة، وبالتالى تترسخ الأوضاع القائمة.
على سبيل المثال، منذ إقرار الأمم المتحدة، فى عام 1992 بأن 17 أكتوبر هو اليوم العالمى للفقر، وضحايا الفقر، والأنظمة الطبقية، من الجماعات، والأفراد، فى ازدياد وهل ينتهى الفقر، فى عالم يمنح لاعبى كرة القدم، مليارات، مقابل إدخال الكرة فى الشبكة؟ ويغدق الملايين، على نجمات السينما، وإعلانات ترويج البضائع؟
واليوم العالمى لنبذ العنف، 2 أكتوبر الموافق ميلاد «غاندي»، يقف متفرجا، على ازدياد العنف، والإرهاب، وجرائم القتل، وسفك الدماء.
إن التغيير الحقيقى لا يحدث بإقرار أيام عالمية، ولكن بضرب الأسس الفكرية، العنصرية، التى تحكم الحضارة العالمية، غير السوية مختلة المقاييس، والأولويات، المهووسة بتقديس رأس المال وتدنيس رأس المرأة العاجزة، عن تلبية، وإشباع الحد الأدنى الكريم إنسانيا، للغالبية العظمى من سكان الأرض.
التغيير الجذرى، مرهون بازدياد قوة، وضغط، التكتلات الشعبية من النساء والرجال، الذين يكرهون كل أنواع التفرقة، والتمييز، والاضطهاد.
من واحة أشعاري
حتى «الفرح» أصبح له سوق سوداء.











