الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الشيعة والسنة وعبده موتة

الشيعة والسنة وعبده موتة


 
 
الأرقام الاستثنائية التى حققها فيلم «عبده موتة» بطولة محمد رمضان تستحق أن نتناولها بالتحليل، فلقد تفوق حتى على إيرادات الأفلام التى لعب بطولتها فى السنوات الماضية كبار نجوم الشباك فى السينما المصرية مثل حلمى والسقا وكريم وعز.. الفيلم ردىء فنياً ولكن هناك أفلاماً أخرى أكثر رداءة عرضت بجواره فى عيد الأضحى ولم تحقق شيئاً.
 
حدث انفلات فى عدد من دور العرض حيث تماهى البعض مع البطل واقتحموا السينما وهم يحملون مطاوى وبعضهم بعد أن نفدت التذاكر وأغلقت السينما أبوابها قاموا برشق الدار بالحجارة، العنف الذى مارسه بطل الفيلم انتقل من الشاشة إلى الجمهور وقرر بعضهم أن يصبحوا عبده موتة ويفرضوا قانونهم الخاص.
 
الأمر يستحق بالفعل أن نعثر على خطوط التواصل بين ما هو نفسى واجتماعى وثقافى فى هذا الفيلم إلا أنه قبل نحو أسبوع تغير المؤشر وتبدلت زاوية الرؤية التى نطل من خلالها وصار الأمر متعلقاً بالدين وذلك بعد أن أقام عدد من الشيعة فى مصر دعوى ضد الرقابة على المصنفات الفنية وتساءلوا فى دعواهم: كيف يصمت الأزهر الشريف ولا يمنع أغنية ترددت داخل أحداث الفيلم باسم «يا طاهرة يا أم الحسن والحسين» ويقصدون الطاهرة السيدة «فاطمة».. وكانت دينا تصاحب الأغنية بالرقص. هذه الأغنية ترددت قبل سنوات كما أن هذا النوع الذى يمزج بين الترديد الدينى والرقص ليس جديداً على الثقافة الشعبية المصرية بل إن عددا من الأغانى العاطفية يتم استبدال كلماتها فى الموالد لتتحول إلى أغنية فى المديح النبوى وهكذا اشتهرت أغنية «رحولوا رحولوا.... رحولوا المدينة» التى تتردد فى الأفراح الشعبية منذ نصف قرن بعد أغنية عبدالحليم حافظ «قولولو قولولو... قولولو الحقيقة» والإذاعة لا تزال تحتفظ بتسجيل نادر بصوت عبدالحليم وهو يغنى روحولوا المدينة.. فى الأفراح نشاهد من يغنى «صلى صلى ع النبى صلى» ثم يبدأ المزمار البلدى والرقص الشعبى فى زفاف العروسين ولدينا مثلا أغنية شهيرة «لا والنبى يا عبده» لو حاكمناها فنيا فلا يمكن أن نسمح بتداولها.
 
إنه المزاج الشعبى سواء وافقت أو اختلفت عليه فهذه قضية أخرى. ينقل الفيلم لمحات مما يجرى فى الشارع وتعارف وتآلف عليه الناس ولم يعد فى حقيقة الأمر يثير الدهشة.
 
إنه مزاج خاص.. مفتى الديار المصرية الشيخ د.على جمعة بعد أن وجد أن الأزهر الشريف يتعرض لاتهام بالصمت اتصل بنقيب السينمائيين مسعد فودة وسأله عن الفيلم وكان النقيب يعد لجنة لمتابعة ردود الفعل فطلب المفتى أن ينضم إلى اللجنة التى تشكلت من نقيب السينمائيين ونقـــيب الممــثلين أشــرف عبد الغفور ووكيل نقابة الممثلين سامح الصريطى ووكيل نقابة السينمائيين عمر عبدالعزيز وضموا إليها كاتب هذه السطور.
 
وقلت فى حضور المفتى إننا لا يمكن أن نُخضع أى عمل فنى لرقابة دينية وأن الفن لا يقيم بتلك المعايير ليس معنى ذلك أن الفن يخاصم الأديان ولكن فقط هو لا يخضع لمعاييرها المباشرة التى لو طبقناها حرفيا على أى عمل فنى فسوف نصادر 90٪ على الأقل منها.. «عبده موتة» أراه فيلماً رديئاً كشريط سينمائى فهو مصنوع وبه كل مشهيات شباك التذاكر من رقص وعنف وجنس وألفاظ ولكنه مثل عشرات من الأفلام الأخرى نرفضه فنياً ولكن لا نصادره دينياً.
 
الأزهر الشريف يُصبح مرجعية فى حالة واحدة لو كنا بصدد تناول شخصية دينية فى التاريخ الإسلامى ما عدا ذلك تطبق المعايير الفنية ومن حق المتفرج الغاضب أن يرفض الفيلم ولكن ليس من حق أحد أن يصادره.
 
والغريب أن المفتى أصدر قراره الذى يوصى فيه بحذف الأغنية وذكر فى القرار أن هذا الإجراء قد تم اتخاذه فى حضور عدد من ممثلى النقابات الفنية والنقاد وقلت لفضيلة المفتى: لم يكن هناك ناقد غيرى وأنا أعترض على أن تُصدر دار الإفتاء هذا القرار بحضور ممثلى النقابات الفنية لأن هذا يرسخ قاعدة تمنح المؤسسات الدينية مراقبة الأعمال الاجتماعية ولكن لم يستجب إلى أحد!!