عاش فى بطنها مرتين

ولا تعتقد أن آخر خيالك فى الألم والحسرة والأسى سيتوقف عند فاجعة مشهد أولئك الأوغاد الذين ذبحوا الطفل العراقى ابن الأذيدية السجينة فى قبو الدواعش.. فقطعوا لحمه وعظامه وأسقطوه فى الماء المغلى حتى استوى وطاب.. وصنعوا منه حساء وأرزا ولحما طريا وقدموه لأمه التى جوعوها أياماً ثلاثة فالتهمته كاملا.. وحين انتهت من طعامها وحمدت ربها قالوا لها: لقد أطعمناك ابنك يا فاجرة.. ابن السفاح.. المرأة الأذيدية المغتصبة من الدواعش أكلت ابنها!!! لا تجذع فلديك عندى الآن من الحكايا ما هو أقسى وأمر.
فالخبر السابق والذى اهتمت به فى تقرير مطول مصور صحيفة  The Sun   الإنجليزية اليومية.. وهى الصحيفة الأولى توزيعا فى بريطانيا وإيرلندا حول هذهِ الأذيدية المسكينة والتى روت حكايتها للصحيفة عضوة البرلمان العراقى Vian Dakhill وذكرت أن الداعشى والد الطفل هو الذى قتله وطبخه بعد أن اغتصب الفتاة معتبرا إياها من عبدة الشيطان.. كل نساء الأزيديين ورجالها وأطفالهم من عبدة الشيطان.. والمؤمنون يقتلون الأذيديين لذلك.. لا تسألني: من هو الشيطان؟ ولا كيف يبدو سلوكه؟ لكن اسألنى عن حال المرأة كيف بدا فى اللحظة التى علمت فيها أنها أكلت صغيرها حتى شبعت.. هل صرخت؟ تقيأت؟ ماتت؟ جُنت؟ لقد عاش فى بطنها مرتين.. فما أن خرج للحياة حتى عاد لبطنها من جديد.. صارت حبلى به مرتين.. وهو شعور لا يشبه شعور القطة التى تأكل أولادها خوفاً عليهم من الفقد أو اعتداء الغرباء عليهم ومن ثم فقد خبأتهم فى قلبها حين ابتلعتهم.
هل سمعت عن أسواق موتى السوريين؟ هل تدرك المعنى الصحيح لعبارة الأرض ضاقت بقاطنيها؟ أو أن القبور فى سوريا  complete هل سمعت عن أسرة تترك مريضها الميت فى المشفى السورى لأنهم لا يجدون مقبرة لدفنه؟ فقد طال القصف الزرع والضرع والقبور!! فصار الدمشقيون يدفنون موتاهم فى الحدائق.. أو يحفرون متراً فى أى أرض خلسة ويوارون الجثمان خلسة ويردمون الطريق؟ هل تعرف أن الأب لا يحمل ابنه الميت فى صندوق أحذية أو صندوق فاكهة من الكرتون باعتباره نعشا قبل أن يحفر فى الأرض.. أى أرض.. حفرة صغيرة يضع فيها الطفل ثم ينسى مكانه بعد أن يتساوى الطريق فى البلاد التى تهدمت فيها الطرق والأحياء والمدائن والعواصم؟ هل تعرف أن سعر المقبرة فى دمشق وصل إلى مليون و500 ألف ليرة سورية؟ شوف بقى كام دولار.. مش عارفة.. هل تعرف كيف يعيش الأحياء حتى تعرف كيف يدفنون الموتي؟ هل سمعت عن سماسرة الموت فى سوريا والعراق؟ قطعا سمعت عن داعش التى تسبى النساء وتغتصبهن وتقتل أطفالهن وتطعم الصغار بعد طهوهم لأمهاتهن الأزيديات عبدة الشيطان.. لكنك لم تسمع عن سماسرة القبور..  وتسمع عن سماسرة السلاح والدولار والبغاء.. عن سماسرة المهاجرين السوريين من بلادهم إلى مياه البحار وسماسرة بيع أعضاء السوريين فى مشافى تركيا وإسرائيل.. تسمع يقيناً عن سماسرة الأوطان.. حدثنى يا هذا عن سماسرة الأوطان.>