الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
براءة  مشاهير هوليوود من تهم الاغتصاب

براءة مشاهير هوليوود من تهم الاغتصاب


أى حزن ذاك الذى حملته «سامانثا  جايمر» فى خرج على ظهرها 40 عاماً وكتل الحزن تتضخم وساقاها مشدودتان وظهرها الذى استقام أمام العيون الجارحة ولم يتكور كيّ لا تسقط رأسها فى التراب.. المرأة التى كانت طفلة 13 عاماً حين اغتصبها المخرج الكبير «رومان بولانيسكى» وفر هاربا من حكم بالسجن مختبئا فى كادراته وألوانه وشخوصه الحزينة والحالمة.. فر من فضيحته إلى صخبه وجنونه ليمنحنا أفلامه السينمائية البديعة الخلابة: «عازف البيانو»  و«طفل روز مارى» و«تشاينا تاون» وغيرها.. المرأة التى كانت تنقل حزنها الرهيب الموجع من كتف لآخر قررت أن تنهى عذاباتها المستحيلة وتتقدم صوب المحكمة طالبة إسقاط التهمة عن المخرج الكبير ذى 83 عاما وقد صار عمرها هى الأخرى 53 عاما. كبرت المرأة وامتلأت بالسمنة وتغيرت ملامحها الجميلة وسكنت الخطوط الدقيقة أسفل عينيها وحول الشفتين.. ذهبت الأسبوع الماضى للقاضى فى المحكمة كيّ تلقى بعذاباتها فى وجوههم: جئت إليكم بحمولتى الثقيلة أطلب منكم إسقاط التهمة عنه.. أطلب منكم ذلك من أجلى.. رأفة بى.
أظنها قد اكتفت من الوجع.. أظنه لم يعبأ بها.. أظن أن العالم الذى يعيش فيه الفنان الكبير والمرأة المغتصبة لم يعبأ طويلاً بمثل تلك الحكايا.. فقد ظل رومان بولانيسكى هاربا يكتب ويخرج أروع الأفلام ويقوم بالتحكيم فى مهرجانات سينمائية كبرى. ونحنُ نحب أفلامه كثيراً ونفخر به!! أى عدل هذا؟ كان المخرج العبقرى الكبير يحب ويتزوج ويخون بينما هى نذرت نفسها للوجع الخاص.. تحمل على كتفيها دماء جرحها المتضخم .. فبالرغم من أن هذهِ البلاد تمنح مواطنيها حرية الحب والعشق إلى آخر حدوده فإن قضايا الاغتصاب مجرمة بالقانون لأنها ليست برضا الطرفين.. وتظل المنظمات النسائية الحقوقية مشتعلة من أجل قضايا مثل تلك.
كان المخرج العبقرى الكبير قد اعترف للمحكمة عام 1977 باغتصاب «سامانثا جايمر» فى منزل العبقرى الآخر «جاك نيكلسون» فى هوليوود.. ولم يكن  نيكلسون موجوداً فى منزله أثناء الواقعة فلم يطله اتهام ولا عقاب..  الحكاية فى بعض أوجهها تشبه مأساة العبقرى المصرى بليغ حمدى  مع الفتاة المغربية سميرة مليان التى وجدت مقتولة أسفل شرفة شقته  عام 1984.. وبالرغم من أن الشهود اعترفوا بأن الفتاة أسقطها شخصية عربية نافذة كان موجوداً فى بيت بليغ بصحبة المرأة المغربية فإن القضاء أدان الموسيقار بتهمة تسهيل الدعارة، فر بليغ هاربا بين لندن وباريس.. لكنه قد صار مريضاً وحزينا وشريدا وبعيداً عن مصر التى يعشقها.. ومات بليغ فى مستشفى سان جوزيف بباريس عام 1993 متأثراً بسرطان الكبد.
الغريب أنه فى أمريكا وفى هذا الشهر الفضيل بينما البعض منا فى مصر والعالم العربى كان يتابع المسلسلات الرمضانية الهابطة فى مجملها.. كنتُ أتابع مسلسلات وحكايات فنية وحقيقية عن قضايا التحرش والاغتصاب فى أمريكا أبطالها من مشاهير هوليوود.. وفى أحد البرامج التليفزيونية الأمريكية أعلنت «سلمى حايك» أن دونالد ترامب قبل أن يصبح رئيساً كان يراودها عن نفسها وتحرش بها عدة مرات.. لكن الغرب والأمريكان  لم ترق لهم حكاية الفنانة اللبنانية المكسيكية الأمريكية سلمى حايك لأن شهرة الرئيس الأمريكى فى هذا الموضوع شهرة واسعة وأكبر من حكاية سلمى بكثير. 
«باميلا أندرسون» الفنانة الكبيرة ذات الشهرة العريضة وبطلة أفلام الإغراء الشهيرة لا تزال تعشق الأضواء والإغراء والرجال المشاهير.. فعلى إيميلها الخاص أشعلت مواقع التواصل العالمية   وأشعلت معه مزاج رئيسة الوزراء البريطانية بالمرة.. فقد كتبت تدعو زعماء العالم لإطلاق سراح صاحب موقع ووثائق ويكيليكس جوليان أسانج المختبئ فى سفارة الإكوادور من حكم بالحبس فى السويد بعد اتهامه بالاعتداء الجنسى.. ولأنه لا أحد فى العالم قد صدق حكاية الاغتصاب السويدية وأن القضية  «طبخة أمريكية» بعد تسريبه للعالم أجمع وثائق أمريكية شديدة الخطورة والسرية تخص شخوصا ووزارات حساسة لذا تعاطف الملايين معه وتعاطفت باميلا أندرسون بشكل خاص وطريقة مختلفة.. قالت نجمة الإغراء  «باميلا أندرسون» على صفحتها: «أحبك يا أسانج» وشرحت للعالم كيف تراه مثيرا جذابا.. لم تتوقف باميلا عند هذا الحد بل راحت لتنتقد أداء رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى بأنها أسوأ رئيس وزراء فى تاريخ بريطانيا.. جاء ذلك بعد عدد من الهجمات الإرهابية ثم حريق برج جرانفيل الأخير. لم تتوقف باميلا عند هذا الحد. بل شطحات فى أحلامها السياسية.. وتمنت أن يصبح  «جيرمى كوربين» زعيم حزب العمال البريطانى رئيساً للوزراء فى الدورة القادمة.
فى سياق آخر من حكايات التحرش والاغتصاب داخل المجتمعات الغربية والأمريكية لدى بعض المشاهير السينمائيين.. كانت المفاجأة المدوية أن تطلق محكمة أمريكية منذ 10 أيام سراح الممثل  الأسود الشهير «بيل  كوسبى»-79 عاما - والمتهم فى عدة قضايا  اغتصاب لزميلاته فى الحقل السينمائى بعد تخديرهن  طوال 40 عاماً لأن الأدلة غير كافية.. لكن  «أندريا لونستاند» إحدى ضحايا الفنان بيل كوسبى رفضت التنازل عن القضية المثارة منذ عام 2004 والتى تتهم فيها الممثل الشهير  بمواقعتها دون إرادتها بوضع المخدر فى العصير.. بالرغم من ذلك خرج الممثل من المحكمة بريئا مرفوع الرأس بلا إدانة رغم عشرات قضايا الاغتصاب ضده.. بينما أدلت محامية المغتصبات للصحف بتصريح جارح لوجه الغرب المنافق.. قالت «جلوريا ألريد» «لا نستطيع أن نقلل من تقدير سلطة المشاهير التى تعمى عن رؤية الحقيقة.. لكن العدالة ستحقق.
الغريب أن الجماهير العريضة فى أرجاء العالم قد فرحت للمخرج العبقرى رومان بولانيسكى حين ذهبت ضحيته للمحكمة طالبة له العفو وإغلاق القضية.. بينما لم  يحزن من أجلها أحد.. أظنها حين ألقت بجراحها القديمة على وجوه القضاة والمجتمع قد لملمت من الأرض جراحها من جديد بعد أن خرج الجميع من قاعة المحكمة.. ويبقى السؤال: هل أحس المخرج بالذنب.. هل أحبها يوماً أو لحظة خلال الأربعين عاماً الماضية.. هل تجسدت له كمأذق فنى سيتشكل  شخصية داخل فيلم قريب؟!