الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
اللهجة لغم أم نغم؟!

اللهجة لغم أم نغم؟!


تغنى «لطيفة» التونسية باللهجة المصرية وتغنى «سميرة» المغربية باللهجة المصرية، ورغم ذلك يغضب أغلب صناع الأفلام العربية من دول المغرب العربى تحديداً عندما يستمعون إلى من يشكو من صعوبة اللهجة المغاربية!
 
 

 
فى الأيام الماضية شاركت فى مهرجانين «أبوظبى» ثم «تروب فست» للأفلام القصيرة فى المهرجان الأول عرض للمخرج التونسى الكبير «نورى بوزيد» فيلمه «مانموتش» الحاصل على جائزة أحسن مخرج وفى الندوة التى أعقبت الفيلم تساءل البعض: لماذا لا تتم ترجمة الفيلم التونسى إلى لغة عربية مبسطة تكتب مصاحبة له، مما يؤدى إلى أن يتفهم الجمهور أكثر التفاصيل وهنا انفجر «نورى» غاضباً متسائلاً: لماذا نفهم نحن اللهجة المصرية ولا تفهمونا لماذا لا تحاولوا بذل بعض الجهد لتكشفوا شفرة اللهجة مثلما نفعل نحن فى تونس، واعتبر «نورى» أن أى محاولة لترجمة اللهجة التونسية أو المغاربية بوجه عام إلى العربية أو تقديم حوار غير مغرق فى المحلية التونسية بمثابة خيانة للعمل الفنى.
 
 
بينما فى مهرجان «تروب فست» طلب المخرج المغربى الشاب «أمجد البومسهولى» أن تصاحب فيلمه «ستة اثنان» الحاصل على الجائزة الثانية بالمهرجان والناطق باللهجة المغربية ترجمة بالعربية المبسطة الأقرب للفصحى، بل إنه فى فيلم «أبجد» الذى عرض أيضاً بالمهرجان يقدم شخصية بطل الفيلم يتحدث نصف الحوار باللغة الفصحى.
 
 
تظل إشكالية اللهجة تطرح نفسها عادة فى مهرجانات السينما العربية وتبدو فكرة الترجمة من اللهجة المحلية إلى اللغة العربية بمجرد أن تصعد لمقدمة الكادر تتفجر براكين الغضب.
 
 

 
صار الاقتراب من هذه القضية أشبه بإشعال فتيل لغم مدفون تحت الأرض منذ سنوات وقابل للانفجار فى كل لحظة.. مهرجان «أبوظبى» مثلاً فى دورته الثالثة التى أقيمت فى 2009 تجاوز الحساسية وتمت ترجمة اللهجة التونسية إلى العربية البسيطة فى فيلم «الدواحة السر المدفون» إخراج «رجاء معمارى».. أتصور أن الترجمة لعبت دوراً إيجابياً لصالح معايشة تفاصيل الفيلم وتفهم مفرداته اللغوية المغرقة فى محليتها.. الكل يُجمع أن أفضل علاقة تقيمها مع العمل الفنى هى تلك التى تصلك مباشرة من خلال الشاشة والترجمة بالتأكيد تخصم من روح الفيلم، كما أن المفردات المحلية والمغرقة فى دلالاتها البيئية تفقد الكثير من بكارتها اللغوية إذا حاولنا أن نعثر على مرادف عربى مماثل لها.. إلا أننا فى النهاية أمام اختيارين أحلاهما مُر كل منهما يحمل فى داخله مرارة ما وأقلهما الترجمة مرة أخرى إلى العربية.. تسألون فى تونس والمغرب والجزائر ألسنا جميعاً نتحدث العربية؟! والحقيقة أن اللهجة المصرية على سبيل المثال تعارف عليها العرب من خلال الأسطوانات قبل السينما والتليفزيون.. لعبت «أم كلثوم» و«عبدالوهاب» دوراً محورياً ورائداً فى توحد العرب حول اللهجة المصرية وصاروا فى أحيان كثيرة يتحدثون بها فى تعاملاتهم اليومية.. الجمهور العربى لديه تراكم للهجة المصرية ولا ينبغى أن تتحول القضية إلى نوع من التنابز باللهجات.
 
 
 لا شك أن الأغنية الخليجية واللبنانية والسورية ساهمت فى أن يتعايش الجمهور العربى كله مع الأعمال الدرامية التى تٌقدمها تلك الدول بلهجاتها المحلية، كما أن المسلسلات التركية التى تمت - دبلجتها - لعبت مؤخراً دوراً كبيرا فى انتشار اللهجة السورية فى البيت العربى.. ومن الممكن أن يحقق المطرب دوراً فى تحقيق الألفة بين لهجة بلده والجمهور العربى، ومن المؤكد أن «فيروز» و«الرحبانية» منذ الخمسينيات فى القرن الماضى لعبوا هذا الدور بينما «لطيفة» و«سميرة» لم يساهما حتى الآن فى تحقيق تلك الألفة.. قبل أن تتحول تلك القضية إلى لغم على المطرب أولا أن ينشر لهجة بلاده بالنغم!