الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الإعلام المفترى عليه

الإعلام المفترى عليه







إذا أردت الخروج من أى مشكلة أو تهمة وتحميلها لآخر لتبعد نفسك عن هذا الاتهام أو توجيه أى نوع من أنواع النقد، ما عليك سوى توجيه سهام النقد إلى الإعلام وتحميله هذه المشكلة، بل يمكنك أيضا أن تتهمه بما ليس فيه.. هذا للأسف هو المنهج أو المبدأ الذى يميز المرحلة الحالية التى تمر بها البلاد.. أصبح الإعلام هو المتهم الأول والأخير وعليه أن يتحمل كل النواقص التى يتسم بها أغلب مسئولينا الآن.
 

المستشار عبد المجيد محمود
 
ففى أزمة المستشار عبدالمجيد محمود الأخيرة، وفى ظل غياب تام لكل ما له علاقة بالشفافية وغضب المستشار حسام الغريانى وقبوله التنحى عن كل مناصبه إذا تبين أنه هدد النائب العام.. «فتش» عن الإعلام الذى زاد الأزمة اشتعالاً وكان من ضمن أسباب سوء الفهم أو اللبس، بعد أن نقل للرأى العام كل ما له علاقة بالأزمة وتداعياتها.
 
وفى برنامج الرئيس محمد مرسى المعروف ببرنامج المائة يوم الخاص بحل مشاكل وأزمات المرور ورغيف العيش والقمامة والأمن التى يعانى منها المجتمع المصرى، واستفحلت عقب قيام ثورة 52 يناير.. «فتش» أيضا عن الإعلام الذى لم ينقل بأمانة ما تم إنجازه فى هذه المشاكل والتقليل من العمل الذى تم فيها.
 
وفى الهجوم الحاد الذى تتعرض له جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة.. ابحث عن الإعلام الذى يرهب الناس بما سيحدث لهم منذ خرجت الجماعة للعمل فى النور بعد أن أدمنت العمل السرى.
 
لم يسلم الإعلام أيضا من تقريع الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب المنحل حيث اتهمه بأنه يصنع من الهفوات والأخطاء البسيطة التى ارتكبها نواب مجلسه خطايا كبيرة نتيجة للمبالغات التى يتعمد بعض وسائل الإعلام إبرازها للنيل من أعضاء المجلس.
 
حتى مُدرسة الأقصر التى قامت بقص شعر تلميذتين لعدم ارتدائهما الحجاب، اتهمت الإعلام وأشارت إلى دوره السيئ الذى أسهم فى تضخيم المشكلة.
 
وأخيرًا فى أزمة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان بشأن التحقيق معهما ومنعهما من السفر، لابد أن يكون الإعلام متهمًا لأنه نقل خبرًا كاذبًا من أحد المصادر المرتبط عملها بالجهة التى تحقق فى البلاغات المقدمة ضدهما، ورغم اعتذار الجريدة عن هذا الخطأ.. فإن الاعتذار لم يشف غليل من يرون أن الإعلام خرج عن دوره فأصبح مُصدرًا للأزمات أكثر منه كاشفًا عن الحقيقة.
 
لهذا لم يكن غريبًا أن يتم وصفنا نحن- الإعلاميين- بسحرة فرعون، وبأننا نشعر كأن على رؤوسنا ريشة، أو أننا نتلقى أموالا لنقول ما يمكن أن نسىء به لجماعة الإخوان ولقوى الإسلام السياسى الأخرى.
 
المبالغات والأخطاء البسيطة التى قام بها نواب مجلس الشعب وما يتبعهم من قوى تيار الإسلام السياسى وضخمها الإعلام لأغراض وأهداف خاصة، ارتكبت عن عمد من قبل بعض العاملين فى الإعلام، ووصل معها الأمر إلى حد توجيه الاتهام إليهم سواء كان إعلامًا مرئيًا أو مقروءًا أو مسموعًا، فكل من يمتهن الإعلام أصبح مدانًا فى نظر البعض، «ناقص» أن نُحمل الإعلام جميع الأخطاء والمشاكل التى تمر بمصر الآن، فهو المتهم الوحيد فيما يحدث من مشاكل وإضرابات ومطالب فئوية وانتشار للقمامة فى الشوارع وعدم تحقيق ما طالبت به ثورة يناير.
 
بداية لابد أن نؤكد أن كل التهم التى وجهت للإعلام غير صحيحة، لأن الإعلام ينقل للرأى العام ما يحدث، وإذا حدث وكانت هناك تجاوزات فيما يتم نقله، فنحن أهل الإعلام أول من يطالب بمحاسبة المخطئ واستبعاده إذا لزم الأمر، لأنه يسىء إلى الشرفاء فى هذه المهنة قبل غيرهم، وبالمناسبة طرق الحساب والعقاب معروفة ويجب تطبيقها على الجميع دون أدنى حرج، وإن كان بالتأكيد ليس من بينها الإيقاف عن العمل فقانون النقابة التى ينتمى إليها به من المواد الكثير الذى يضمن حق المهنة والمجتمع.
 
وإذا كان البعض قد اتهم الإعلام وجعله سبب أزمة النائب العام.. فأحب أن أوضح هنا أن «ناقل الخبر ليس بكاذب»، بل يجب محاسبة من خرج من قصر الاتحادية ليعلن للجميع نبأ تعيين المستشار عبدالمجيد محمود سفيرًا لمصر فى الفاتيكان.. مما جعل النائب العام يصدر بيانًا يقول فيه إنه تعرض للتهديد من قبل زميلين له، وبالتالى لم يكن الإعلام هو الذى صرح بذلك، أما أن يُتهم الإعلام بأنه سبب سوء الفهم أو اللبس فيما دار بين النائب العام وزميليه، فهو قول جانبه الصواب من قبل اللجنة التى شكلها المستشار الغريانى.
 
وعن برنامج المائة يوم التى حددها الرئيس مرسى حين تولى مسئولية رئاسة البلاد، فلم يكن الإعلام هو الذى حدد مائة يوم أو حتى مائتين أو ثلاثة، ولم يكن الإعلام أيضا هو من حدد نسب الإنجاز من عدمها فيما يخص هذه المشاكل، وإنما يُسأل فى هذا الأجهزة التى حددت هذه النسب وقدمتها للرئيس ليعلنها للشعب.
 
نأتى إلى ما صرح به الدكتور سعد الكتاتنى من تصعيد الإعلام لبعض الأخطاء البسيطة التى ارتكبها نواب مجلسه المنحل.. والمبالغة فى رصد هذه الأخطاء بغرض الهجوم على النواب دون سبب واضح، فنحن أيضا نرفض هذا الاتهام جملة وتفصيلاً، فلم يكن الإعلام هو من طلب من البلكيمى أن يكذب حين أجرى عملية تجميل فى أنفه وخشيته من افتضاح أمره أمام حزبه، فخرج على الناس ليقول إنه تم الاعتداء عليه من قبل مجهولين، وسرقوا شنطة كانت بحوزته بها مبلغ كبير من المال ليغطى على فعلته الأصلية المتمثلة فى الجراحة التى أجراها لتجميل أنفه، ولم يكن الإعلام أيضا هو من زين للنائب السابق «على ونيس» أن يقف بسيارته على جانب الطريق الزراعى ليفعل ما فعله حين ضبطته الشرطة، ولم نكن أيضا من طالب بعدم تدريس اللغة الإنجليزية.. فكلها أخطاء بسيطة لا تستحق مبالغات الإعلام كما وصفها الكتاتنى، وأيضا لم نضخمها نحن كإعلاميين، وإنما نقلنا وقائع ما حدث، لأن نواب الشعب شخصيات عامة ولا توجد على رؤوسهم ريشة كما يحلو للدكتور غزلان حين يصف أهل الإعلام.
 
تبقى هناك نصيحة للدكتور الكتاتنى كى نكون أمناء معه.. «بلاها» إذاعة جلسات مجلس الشعب القادم على الهواء، لأنها تكشف للشعب حقيقة أداء النواب الذين انتخبهم، وأعتقد أنك شخصيا لا ترضى عنه.
 
نأتى إلى مُدرسة الأقصر التى لم تستطع أن تبرر ما فعلته من جرم فى حق تلميذتين صغيرتين، فقامت بدورها باتهام الإعلام الذى ضخم المشكلة، وبصراحة لا أجد ما أستطيع أن أقوله لها ولأمثالها.. «فإذا لم تستح افعل ما شئت»، ولهذه السيدة التى تعمل فى وزارة التربية قبل التعليم أقول لها: أنت لا تصلحين أن تكونى مُدرسة وما وقع عليك من عقاب غير كاف، وأفضل لكِ أن تجلسى فى منزلك لأن التربية والأدب فضلوهما على العلم.
 
الإعلام يا سادة ليس سوى مرآة لما يحدث فى المجتمع، وإذا كان البعض يريد أن يرى إعلامًا على المقاس كما يفعل ترزية القوانين، فهو غير موجود لدى الشرفاء من أهل الإعلام.. وإن كان من الممكن أن يجد هؤلاء ضالتهم فى المتحولين الذين لهم دور فى كل العصور، ففى كل مهنة من مهن الدنيا تستطيع أن تجد بين جنباتها أخيارًا وأشرارًا، إلا أنه يظل الحكم على هؤلاء فى النهاية للقارئ.. أقصد للمجتمع الذى سيعرف بسهولة من هو الطيب من الخبيث.
 

المستشار حسام الغريانى