الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الجماعة والقانون

الجماعة والقانون


 
إدمان العمل السرى طيلة 80 عاما والخوف وعدم المغامرة سبب
 
رفض أعضاء الجماعة  لتقنين أوضاعهم
 
وفق القانون الحالى الذى يتضمن مواد تكبل أى جمعية
 
وخوفا من تقديمهم للنيابة حال مخالفته
 
 
 
وكأن الثورة لم تعرف طريقها بعد إلى بعض الفئات والقطاعات فى المجتمع التى من ضمنها جماعة الإخوان والتى أصبح اسمها يتردد الآن على كل لسان.. الجماعة قررت بينها وبين نفسها جعل أمرها سرا على جموع المصريين ولا يحق لغيرهم معرفة ما ينتوونه، لهذا كان قرارها الذى لن تحيد عنه حتى يقضى الله أمرا كان مفعولاً بعدم تقنين أوضاعها وفقا للقانون الحالى الذى ينظم عمل الجمعيات الأهلية، لأنه «أى القانون» أصغر بكثير من أن ينطبق عليها وعلى رجالتها الذين يرون فى أنفسهم أنهم من طينة أخرى غير التى نعرفها نحن.
 
بعد الثورة طالب الجميع بجعل الشفافية منهجاً لحياتنا وهذا ما تبناه المجتمع، ولكن الجماعة وقادتها يرون شيئا آخر، فجميعنا نعيش فى مجتمع أوجب لنا حقوقاً ووضع علينا واجبات ولهذا نرى أن هناك حقاً للمجتمع على جماعة الإخوان وأعضائها ومن أول هذه الحقوق أن نعرف بوضوح وبشفافية تامة -لا تحتمل أى لبس أو تأويل- مصادر تمويل الجماعة وأوجه إنفاق هذا التمويل سواء كان فى عمل خيرى أو دعوى أو حتى رياضى أو ثقافى، وكذلك لنا الحق أيضا نحن المصريين وليس غيرنا- أن نعرف عدد أعضاء الجماعة.. هذا ما يطالبنا به القانون المنظم لعمل الجمعيات الأهلية، لن نتحدث هنا الآن عن مدى قانونية وضع الجماعة، وهل هناك حكم قضائى يضمن لها قانونية وجودها على الساحة وممارسة أنشطتها أم لا، وهذا الأمر سيكون مجاله القضاء رغم أن عدداَ لا بأس به من قياداتها يؤكد قانونيتها ولكن الأمر يتطلب فقط توفيق أوضاعها حتى تتسع لأنشطتها المتعددة.
 
بالتأكيد لا يختلف قادة الجماعة مع باقى القوى عن الأخذ بالديمقراطية التى ارتضى جموع المصريين العمل وفق قواعدها التى أتت بالرئيس مرسى إلى مقعد الرئاسة، وجعلت الجماعة تخرج إلى النور بعد أن أدمنت العمل السرى الذى أعتقد جازماً أنه من أهم الأسباب التى جعلت القائمين على الجماعة يرفضون تقنين أوضاعها حتى الآن بسبب الخوف وعدم المغامرة والإقدام الذى بدأ يعترى نفوس المنضمين إليها عقب اتهامها بقتل محمود فهمى النقراشى ثم اغتيال مؤسسها وما أعقبه من اعتقالات فى عهد عبدالناصر.. التى انتهت بإعدام بعض رموزها، خاصة أن القانون المنظم لعمل الجمعيات الأهلية يتضمن العديد من المواد التى تحتوى على شروط وعراقيل تكبل عمل أى جمعية، فما بالك بجماعة الإخوان التى تقرن العمل الدعوى والخيرى والثقافى والرياضى وكذلك التنموى بالعمل السياسى..
 
هذه العراقيل تستطيع وفى أى لحظة أن تقدم من يعمل وفق هذا القانون إلى النيابة فى حالة حدوث أى مخالفة.
 
وقد يكون هذا ما جعل قادة الجماعة يؤكدون أنهم لن يوفقوا أوضاعهم فى ظل القانون الحالى بحجة أنه لا يتسع لأنشطتهم المتنوعة، ولهذا يفضلون الانتظار لحين إقرار قانون جديد يسمح لهم بذلك، وهذا أيضا ما أكده الرئيس مرسى لبعض القوى السياسية حين التقى بها فى قصر الرئاسة، ولكننا من ناحيتنا لا ندرى متى سيتم ذلك؟
 
 وهل سيتم هذا التقنين أو التوفيق كما يصرح البعض عندما يتشكل مجلس الشعب؟.. وحينها من الوارد أن يتم تفعيل قانون يلائم وضع الجماعة وقد لا يلائم غيرها من الجمعيات التى تعمل وفق القانون القديم.
 
 وهنا نود أن نؤكد أن المجتمع لن يوافق على أن تضع الجماعة ريشة على رأسها، لأنه إعمال للشفافية التى نطالب بها.. لابد أن تخضع الجماعة وأنشطتها لرقابة ومتابعة الدولة، فلم يعد مقبولا الآن أن يكون هناك أى تجاوز للقانون من قبل أى جماعة حتى ولو كانت جماعة الإخوان التى خرج منها الرئيس مرسى.
 
وإذا كان البعض يتحدث عن قانونية الجماعة وشرعيتها فلابد أن يتم ذلك وفق القانون، أما عمن يتحدثون عن «الشرعية الواقعية» فى نغمة جديدة لم نعهدها من قبل فنقول لهم، لا يوجد هناك ما يمكن أن نسميه بالشرعية الواقعية، فالشرعية تعنى القانون وما عدا ذلك يعد من قبيل فض الحديث غير الجاد الذى لا يعتد به ولا محل له من الإعراب، فلا يوجد فى القانون ما يمكن أن نسميه جمعية واقعية فرضها 08 عاما من العمل تحت الأرض المقترن بصدور أحكام ضد بعض قادة الجماعة والمنتمين إليها، اللهم إلا إذا كان هناك فى القانون ما يمكن أن نطلق عليه الشرعية الواقعية التى لم نعلمها بعد أو هناك مادة فى القانون اسمها زينب.
 
 وإذا ابتعدنا عن الجماعة وضرورة متابعة أنشطتها ومتابعتها فإن حزب «الحرية والعدالة» ومصادر تمويله لابد أن نتابعه أيضاَ ونعرفه، فهل الحزب يعتمد فى تمويله والصرف على أنشطته وحملاته على أموال الجماعة التى لا نعرفها أصلا، مما يضعه فى وضع متميز عن باقى الأحزاب، والسؤال هنا: هل يستطيع أحد فى مصر أن يحدد لنا كم صرف الحزب على حملاته الانتخابية «شعب وشورى» وكم صرف على حملة الرئيس مرسى؟ من حق المجتمع أن يعرف، وكذلك من حق باقى الأحزاب أن تتساوى مع حزب الحرية والعدالة فيما يخص مصادر التمويل، أما أن ينفرد الحزب والجماعة عن باقى الأحزاب والجمعيات الأهلية، فهذا ما لا نرضاه ولا تستقيم معه العملية الديمقراطية فى أى مجتمعات تسعى إلى تداول السلطة فيما بين قواها السياسية عبر صناديق الانتخابات..
 
إن الفصل بين الحزب والجماعة أمر حتمى وضرورى، ولن يتم ذلك إلا بتقنين الجماعة لأوضاعها، أما أن ترفض الجماعة ذلك وتصر عليه فى الوقت الذى تتنامى فيه مقراتها دون أى سند قانونى ودون أن تخضع أنشطتها للرقابة والمتابعة من قبل أجهزة الدولة، ففى هذا وضع خاص تنفرد به الجماعة دون باقى الجمعيات التى سبق أن قننت أوضاعها وفقا للقانون، وعلى الدولة أن تحدد لنا سبب هذا الوضع الخاص.
 
بالمناسبة هذا الإصرار يزيد من حالة الغموض حول الجماعة ويزيد الحيرة أيضا فيما يخص أنشطتها داخليا وخارجياً، وكذلك طرق تمويل هذه الأنشطة وما مدى استفادة الحزب من هذا التمويل.
 
ورغم مطالبة العديد من القوى السياسية بضرورة تقنين وضع الجماعة.. فإن قادتها يرفضون ويؤكدون أنهم لن يقننوا أوضاعهم تحت مظلة القانون الحالى فى تحد صارخ للقانون الذى أقسم الرئيس مرسى على احترامه، ولهذا نطالبه بالضغط على جماعته لتقنين أوضاعها حتى لا تسبب له المزيد من الحرج فيما يخص هذا الشأن باعتباره رئيسا لكل المصريين، وأعتقد أن هذا من حقه كما هو من حقنا وحق المجتمع عليه.