الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ولم تلق الدولة «العصا والجزرة»!

ولم تلق الدولة «العصا والجزرة»!





هل تلقى الدولة بالعصا وتمنح الجزرة لمن يريدها أم ستظل ممسكة بهما؟ كل المؤشرات تؤكد أنها لن تترك ما هو فى يديها ستظل تبحث عن رجالها بين المثقفين والإعلاميين والصحفيين تهددهم تارة بالعصا وتذيقهم أخرى مذاق طعم الجزرة.
 

فاروق حسنى
 
هذا هو حالنا قبل وبعد الثورة لن يعترف أحد من كبار النجوم ويروى لنا المكاسب التى حصل عليها من النظام السابق وجعله يخضع له ويروج لأفكاره.. الكل سوف يؤكد أنه أبداً لم يأخذ شيئا ولكنه يا ولداه لم يكن يستطيع أن يقول لا للحاكم.. الحقيقة التى نعلمها جميعاً أن الدولة تلاعب القوة الناعمة بسياسة العصا والجزرة، من يمشى فى ركابها تفتح أمامه كل الأبواب ومن لديه تحفظ ما يتحول إلى القائمة السوداء.. نعم لم تكن هناك قائمة مكتوبة لأن الكل يعلم أن قرارات المنع تتم شفاهة.. بالتأكيد تغير أسلوب الزمن القديم الذى كان يستخدم أجهزة التنكيل والتعذيب بالمعارضين ولكن الدولة تملك فى يدها - ولاشك - أسلحة خاصة فى عالمنا العربى فهى عن طريق وزارتى الثقافة والإعلام تستطيع أن تساهم فى تلميع فنان أو أديب ومنحه جوائز وتملك أيضاً أن تحرمه منها.. محاولات الاحتواء لم تتوقف وفى العادة تستعين الدولة بأحد المثقفين لكى يتولى هو دفع زملائه للدخول إلى الحظيرة عن طريق منحهم الجوائز والمكافآت، أتذكر مثلاً كيف أن الدولة من خلال وزير الثقافة «فاروق حسنى» لعبت هذا الدور طوال ربع قرن وهو على المقابل كان يستعين بناقد كبير مثل «د. جابر عصفور» ليبدأ فى استقطاب زملائه، ولهذا كان أول المرشحين لخلافة «فاروق حسنى» فى الوزارة هو «جابر عصفور» الذى كان طوال عهد «فاروق» أقوى الأصوات فى الدفاع عنه وخوض معارك من أجله، ولكن «جابر» عندما وجد أن السفينة غارقة لا محالة استقال من الوزارة..
 
من أشهر وقائع الاستقطاب تلك التى خذلهم فيها الأديب «صنع الله إبراهيم» عندما وافق مبدئيا قبل 9 سنوات أن يحصل على جائزة الوزارة فى الرواية ثم على المسرح رفضها مهاجماً الدولة الفاسدة إلا أن هذا كان هو الاستثناء وليس القاعدة لأن الدولة سيطرت على أغلب نوافذ التعبير ولهذا وجدنا أكثر من أديب بعده يرحب بالجائزة ليثبت للدولة ولاءه المطلق.. ورغم أن هناك قنوات خاصة غير حكومية إلا أن الأنظمة العربية نجحت فى أن تسيطر أيضاً عليها ليصبح الفنانون والمثقفون - أتحدث بالطبع عن الأغلبية - جزءا من تلك المنظومة أخذوا أجزاء من التورتة وصار بقاء الوضع الحالى هو هدفهم الأسمى لأنهم أصحاب مصلحة مباشرة!
 
عندما سقط النظام فى مصر وقبله فى تونس اكتشف الفنانون والمثقفون المتورطون مع الأنظمة السابقة أنهم مرفوضون شعبيا، ولهذا سارعوا للاحتماء بالجمهور وذهب بعضهم إلى ميدان التحرير ولم تكن لهم يوما علاقة بالميادين، ولكنهم قرروا السباحة مع الموجة، يجب أن نذكر أن عددا من النجوم تعاملوا مع الثورة مثلما يتعاملون مع دور درامى يؤدونه على المسرح وينتظرون فى نهاية العرض تصفيق الجمهور!
 
أغلب النجوم وجزء لا بأس به من المثقفين كانوا جزءا من تلك المنظومة الفاسدة روجوا لها واستفادوا منها والآن مع السقوط المدوى راهنوا مرة أخرى على الجماهير، ربما كان «عادل إمام» هو أوضح الأمثلة على ذلك، ولكنه بالتأكيد ليس النموذج الوحيد وكأنه يردد مقولة صديقه سعيد صالح «اللى يتجوز أمى أقوله يا عمى».. كان خادما للنظام الآن صار خادما للجماهير.
 
لن يلقى النظام بالعصا ولن يمنح الجزرة إلا لمن يثق فى ولائه ستظل الدولة تلاعب المثقفين مادموا قبلوا شروط اللعبة!
 

د. جابر عصفور