الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ميرنا المهندس.. وصخب الرحيل بعد توهج فنى قصير

ميرنا المهندس.. وصخب الرحيل بعد توهج فنى قصير


عاشت كالنسمة العابرة.. نسمة لفحت وجهك لبرهة ثم مرت هكذا دون أن تترك بك أثراً تتذكره من عبورها المباغت سوى طراوتها العابرة فى ليلة صيف قائظ، لم تترك «ميرنا المهندس» تاريخاً فنياً حافلاً زاخراً مؤثراً.. مجرد قطة سيامى جميلة.. حضور، غياب.. لكن حياتها المضطربة - فنيا واجتماعياً - ثم مسيرة مرضها وموتها المؤلم الفجائى لم تمر بك كنسمة عابرة.. أبداً.. كانت كعاصفة مروعة اقتلعت فى طريقها وسكتها قلوبنا.. بل والأهم اقتلعت جزءاً من فرحة وانشغال المصريين بافتتاح قناة السويس فقد ماتت «ميرنا» فى ليلة شديدة الأهمية والتأثير.. ليلة الفرح يا جدع.
للذين كانوا يبحثون فى لحظة كتابة عابرة عن علاقة الفن بمشروع قناتي السويس الأولى والثانية ويعييهم التنقيب عن موضوع صحفى معتبر: (قناة السويس والفن ) ها هى حكاية «الموت» العابر لـ«ميرنا المهندس» التى ارتبطت رغما عنا وعنها بحكاية «الفرح» الخالد للمصريين.
لكن أن تظل البنت هكذا فى ثلاجة الموتى رقما داخل درج بارد انتظارا لتصريح دفنها فى يوم عطلة رسمية.. غاب فيها العاملون بالطب الشرعى فتأخر بذلك دفنها.. ثم محاولة نقيب المهن التمثيلية الفاشلة للعثور على وزير الصحة ليوقظ أحد العاملين ليمنحها شهادة وفاة كى يستقر جسدها المنهك فى رقدته كانت الأخيرة!! تلك قمة التراجيديا التى منحتنا إياها ميرنا بعد وفاتها ولم تمنحنا إياها فى حياتها.
سوف تكتشف بالعودة إلى أرشيف حياتها القصيرة أن الجمهور المصرى والعربى لم يغضب منها أبداً حتى فى سنوات اللخبطة التى ألمت بها إثر ارتدائها المفاجئ للحجاب ثم خلعها له - ككثير من الفنانات التائبات - فقد منحها الجميع صك غفران، أوجع مرضها قلوبهم وأدركوا أنها لم تلعب كالأخريات بالدين والحجاب وندوات الجوامع وتكفير الفن، كان حجاب ميرنا مجرد انزواء، لم تكن تحب أن يرى الآخرون جمالها وهو يزوى بتساقط الشعر واصفرار الجلد وصراخ الألم.. القطة الجميلة حرصت ألا يراها الجميع إلا فى لحظات الشقاوة والتجلى.. لكن موتها المباغت لم يمنحنا ذاك الشعور.
غريب أمر الإنسانية هذه!! لن يتذكر الناس شيئاً - فيلما أو مشهدا عبقرياً - عن الفنانة العابرة «ميرنا المهندس».. لن يتذكروا سوى تراجيديا موتها.. فالألم وحده هو من يحفر له فى الروح نفقا وشوارع رحبة..أما الفرح فعمره قصير وإن طال.. والمصريون قرروا أن يقتطعوا جزءا من فرحهم الخالد الخميس الماضى بافتتاح مشروعهم القومى ويستبدلوه بمشاعر حزن على فراق فنانة عاشت كالنسمة إذا مرت بك تمر مرور الكرام، لكنها ماتت محدثة دوى ضجيج عاصفة مدوية.. وما بين طراوة النسمة وضجيج العاصفة مرت ومرقت «ميرنا» من بيننا.
سلاما على روحك «ميرنا» الجميلة المريضة الحزينة.∎