
طارق الشناوي
وحتى إشعار آخر
لن يعترف أحد من كبار النجوم والمثقفين ويروى لنا المكاسب التى حصل عليها من النظام السابق وجعله يخضع له ويروج لأفكاره، الكل سوف يؤكد أنه أبداً لم يحصل على شىء ولكنه يا ولداه لم يكن يستطيع أن يقول لا للحاكم... الحقيقة التى نعلمها جميعا أن الدولة تلاعب القوة الناعمة بسياسة العصا والجزرة من يمشى فى ركابها تفتح أمامه كل الأبواب ومن لديه اعتراض يجد نفسه فى القائمة السوداء، حتى لو لم يكن هناك قائمة مكتوبة لأن الكل يعلم أن قرارات المنع والتعميم تتم شفاهة.. بالتأكيد تغير أسلوب الزمن القديم الذى كان يستخدم أجهزة التنكيل والتعذيب بالمعارضين ولكن الدولة تملك فى يدها ولا شك أسلحة خاصة فى عالمنا العربى فهى عن طريق وزارتى الثقافة والإعلام تستطيع أن تساهم فى تلميع فنان أو أديب ومنحه جوائز وتملك أيضا أن تحرمه منها.
محاولات الاحتواء لم تتوقف وفى العادة تستعين الدولة بأحد المثقفين لكى يتولى هو دفع زملائه للدخول إلى الحظيرة عن طريق منحهم الجوائز والمكافآت أتذكر مثلا كيف أن الدولة من خلال وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى لعبت هذا الدور وهو على المقابل كان يستعين بناقد كبير مثل د.جابر عصفور ليبدأ فى استقطاب زملائه ولهذا كان أول المرشحين لخلافة فاروق حسنى فى الوزارة هو جابر عصفور وأول قرار اتخذه وقتها هو تكريم فاروق حسنى فلقد كان طوال عهد فاروق أقوى الأصوات فى الدفاع عنه وخوض معارك من أجله ولكن جابر عندما وجد أن السفينة غارقة لا محالة استقال من الوزارة التى شكلها مبارك من أشهر وقائع الاستقطاب تلك التى خذلهم فيه الأديب صنع الله إبراهيم عندما وافق مبدئيا قبل 9 سنوات أن يأخذ جائزة الوزارة فى الرواية وقدرها 200 ألف جنيه ثم على المسرح رفضها مهاجما الدولة الفاسدة إلا أن هذا كان هو الاستثناء وليس القاعدة، لأن الدولة سيطرت على أغلب نوافذ التعبير ولهذا وجدنا أكثر من أديب بعده يرحب بالجائزة ليثبت للدولة ولاءه المطلق.. وبرغم أننا نعيش فى ظل ميديا مفتوحة وهناك قنوات خاصة غير حكومية إلا أن الأنظمة العربية نجحت فى أن تسيطر على القسط الوافر منها ليصبح الفنانون والمثقفون - أتحدث بالطبع عن الأغلبية وليس الجميع - جزءا من تلك المنظومة أخذوا أجزاء من التورتة وصار بقاء الوضع الحالى هو هدفهم الأسمى لأنهم أصحاب مصلحة مباشرة!
عندما سقط النظام فى مصر وقبله فى تونس اكتشف الفنانون والمثقفون المتورطون مع الأنظمة السابقة أنهم مرفوضون شعبياً ولهذا سارعوا للاحتماء بالجمهور وذهب بعضهم إلى ميدان التحرير ولكن الجماهير أسقطتهم ليس فقط من على المنصة ولكن من قلوبهم!
أغلب النجوم وجزء لا بأس به من المثقفين كانوا من تلك المنظومة الفاسدة روجوا لها واستفادوا منها ومع السقوط المدوى راهنوا مرة أخرى على الجماهير، هل تغير الأمر الآن؟
تابعوا كيف أن أغلب نجومنا ومثقفينا بدأوا فى التوجه إلى مرشح المجلس العسكرى الكل سوف يقول لك إنه لا يؤيد شفيق حبا فى شفيق ولكن كراهية فى التيار الذى يمثله مرسى والذى يضع على قائمة أولوياته كبت الحريات ولن يقول لك أحد أن شفيق أيضا سوف يحرص على أن يحمى نفسه ومصالحه وما يمثله، لا شفيق ولا مرسى مؤمن بحرية التعبير ولكن كل منهما يريدها حرية على مزاجه لا تقترب من ثوابته وممنوعاته، واحد مرجعيته إسلامية والثانى مرجعيته عسكرية.
الفنانون والمثقفون حاليا تتوجه الأغلبية منهم إلى شفيق لأنه حاليا هو الأقوى وحتى! إشعار آخر!