
هناء فتحى
تفخيخ 30 يونيو بأسطورة ذبح الحمير
سيظل محفورا فى الذاكرة مشهد الفنان «حمدى أحمد» وهو بكفه الأيمن يصفع الفنان «على الشريف» على صفحة وجهه اليسرى فى فيلم «الأرض» معنفا إياه قائلا له: (سايب الحمارة فى السمس؟)، سيبقى ذاك المشهد من أجمل وأنبل مشاهد الفيلم إنسانية ورحمة يساويه مشهد سحل الرائع الكبير «محمود المليجى» أمام عينى ابنته «نجوى إبراهيم».. وأتحداك أن تفتح كل الكتب القديمة وتعاود قراءة وتحليل حقيقة العلاقة بين الإنسان والحمار فلن تجده إلا صديقا جميلاً وهذا الكلام ليس تأنيبا موجها للذين يذبحون الحمير، «لا» بل لأولئك الذين يملأون الدنيا صياحاً الآن لأنهم - ياعينى - أكلوا لحوم الحمير بدلا من الجاموسة، قرفانين يعنى، تؤلمهم بطونهم، بدلا من أن تؤلمهم قلوبهم - الحجر - لأن سفاحين من بنى البشر صاروا يقتلون ويبيعون ويطبخون ويطعموننا - أصحابا - ورفقاء فى الأسفار لنا.. فكيف نأكل لحم صديق؟ هذا هو السؤال.. سؤال يراوح منطقة الضمير، ويفصل بين مناطق الحيرة وبين النظر فى عين الشمس، بمعنى: لماذا نقبل أن نأكل لحم هذا ولا نأكل لحم ذاك؟ الإجابة هى: لأن بعض الحيونات يعاملوننا بإنسانية.. شوف يا أخى!! بعض الحيوانات نقيم لها مدافن حين يأتيها الأجل، ونبكيهم بحرقة.
والله العظيم أنا حاسة إن حكاية ذبح الحمير فى الفيوم اليومين إللى فاتوا ملعوبة علشان ننسى الخرفان لأن عيد ذبح الخرفان فى 30 يونيو قد اقترب.. طبعاً هناك فرق بين عيد الأضحى المبارك وبين عيد ?30 ? يونيو المجيد.. حيث إن الاحتفال بذبح الخرفان فى 30 يونيو 20 13 هو عيد مصرى، أما عيد الأضحى عيد للجميع.
ولسوف أذكرك بالراحل العبقرى أحمد ذكى وهو يلعب شخصية أنور عبدالمولى فى فيلم أربعة فى مهمة رسمية، حيث كان أنور ذات نفسه فى الفيلم رابع أربعة: القرد والمعزة والحمار.. شفت يا إنسان؟ وكيف ظل أنور فى رحلته مع أصحابه الثلاثة يعانى مع السلطات المصرية لكى يسلمهم لبيت المال قبل سفره إلى اليونان باعتبارهم ثروة، وأيضا أصدقاء، وأرجوك ألا تذكرنى متناصحا بأنه ساوى بين العنزة والحمار لأننى سأجيبك بأن أحمد ذكى قد مات قبل أن يرى عام محمد مرسى والإخوان وإلا كان قد استبدل العنزة - هه العنزة!!- بالصرصار.. مع الاعتذار طبعاً للصرصار.. واخد بالك؟
ولسوف تجد كيف أن معظم أفلامنا القديمة فى ستينيات القرن الماضى قد احتفت بالحمار، وكيف كان البطل يعقد منديلا فوق رأسه ويتباهى بأنه يستطيع أن يمتطى ظهر الحمار جلوسا بالعكس، وما يقعش، أصل الحمار مش غدار.
سيبك من أن فصيلا من بنى الإنسان صاروا يأكلون الآن لحم وقلب وكبد الإنسان، هناك فى سوريا والعراق وبلاد عديدة، وسيبك من أنهم يذبحون البنى آدمين وهم يكبرون ألله أكبر كما يفعل بنو آدم مع الخروف الحلال الذى نحتفل بأضحيته.. مرتين فى العام: إحداهما فى آخر أيام يونيو من كل عام.∎