
طارق الشناوي
منى زكى فى «أسوار القمر» هل أعادت المرأة لعرش النجومية؟
أثناء حضورى مهرجان برلين كانت هناك جلسات بين عدد من النقاد يتم فيها نقاش قضايا فنية وكالعادة تحتل السينما المصرية البؤرة كان النقاش يتناول غياب جميلات الشاشة عن البطولة؟ كانت منى زكى قد عادت متصدرة الكادر والأفيش فى فيلم «أسوار القمر» الذى احتل المركز الثانى فى الإيرادات بعد محمد هنيدى وفيلمه «يوم مالوش لزمة». وهو فى الحقيقة عودة بعد غياب لصعود المرأة كقوة جذب للشباك» ولكن لا يزال المشوار طويلا.
ربما كانت السينما المصرية هى الوحيدة فى العالم التى نجد فيها أن المرأة كانت أكثر جرأة من الرجل فى اقتحام هذا المجهول، ولهذا كانت الريادة لعزيزة أمير وبهيجة حافظ وفاطمة رشدى وأمينة محمد وآسيا ومارى كوينى. فى البداية كان المؤرخون ينسبون لهن إخراج عدد من أفلامهن الأولى بعد ذلك تشككوا فى صدق هذا النسب، وإذا كان البعض ينفى عن الرائدات قيامهن بالإخراج فإنه لم يجرؤ أحد على أن ينزع عنهن صفة الجرأة والاقتحام للسينما.
وفى إطلالة سريعة على المرأة الحلم فى السينما نجد العديد من الأسماء التى شغلت خيال الناس ولا تستطيع أن تفصل العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والسيكولوجية عن هذا الاختيار، لأن الناس تظل فى حالة بحث عن ملامح هذه المرأة الحلم يعيشون معها فترة من الزمن ثم يستبدلونها بعد استيقاظهم بحلم آخر وامرأة أخرى!
كانت النساء دائما هن الأكثر جذبا للشباك، ليلى مراد هى أول امرأة تتجسد فيها أحاسيس الناس وبرغم أن هناك أكثر من امرأة سبقت ليلى مراد زمنياً فى السينما، إلا أنها فقط هى التى حققت هذا الحلم للناس، خلال 17 عاماً قدمت 28 فيلماً ثم اعتزلت عام 55 وعمرها لم يتجاوز 37 عاماً لتظل حلماً لا تصيبه الشيخوخة أبداً حتى لو استبدلناه بحلم آخر.
استلمت فاتن حمامة الراية من ليلى مراد، لتظل على القمة وتحتل المساحة الأكبر فى القلوب، ومن جيل فاتن حمامة نتوقف أمام شادية التى كانت على الشاشة هى فى البداية الفتاة خفيفة الدم، ثم تتطور لتقدم مختلف الأدوار، «هند رستم» لم تكن تحتاج إلى خط درامى وملامح شخصية تكتب على الورق لكى تجسد دور الأنثى المثال النادر فى السينما المصرية، فإذا كانت الرقة فاتن فإن الأنوثة هند رستم، ليس إغراء الجسد بقدر ما هو نداء الجسد، يكفى أن ترتدى هند رستم جلباباً بلدياً فى «باب الحديد» ليوسف شاهين أو «صراع فى النيل» لعاطف سالم أو «ابن حميدو» لفطين عبدالوهاب حتى يتمناها كل الرجال.
وماجدة الصباحى تشعرك أنها الوجه الوطنى للسينما بأفلام مثل، «جميلة بوحريد»، «العمر لحظة»، «مصطفى كامل»، «ثورة اليمن» أو الوجه الوقور المتدين المتحفظ مثل «انتصار الإسلام»، «بلال مؤذن الرسول»، «هجرة الرسول».
رومانسية مريم فخر الدين فى أفلام مثل: «لا أنام»، «حكاية حب»، «رد قلبى»، «بقايا عذراء»، «رسالة إلى الله» حققت فيها درجة من الإغراق فى العمق لم تصل إليه نجمة أخرى من جيلها أو بعد جيلها.
أما لبنى عبدالعزيز، فرغم المشوار القصير الذى قدمته فى السينما فإن خريجة الجامعة الأمريكية حملت قدراً من التعبير عن المرأة العصرية منذ نهاية الخمسينيات حتى نهاية الستينيات والذروة هى «أنا حرة».
سعاد حسنى هى التعبير الحقيقى عن صورة المرأة منذ نهاية الستينيات حتى مطلع الثمانينيات.. تجسدت أحلام الشباب فى نموذج «سعاد حسنى»، فهى تجمع بين الأنوثة والجمال ممزوجاً بقدرة على الإبداع لا يطاولها أحد.
نادية لطفى كانت تكمل بوجهها نموذج الجمال الأرستقراطى لكن ابنة البلد فى أعماق نادية لطفى أحالت الملامح الأرستقراطية إلى جمال شعبى متاح، ولهذا تبرع فى أدوار مثل «النظارة السوداء»، «المستحيل»، «الخائنة»، «السمان والخريف»، «قصر الشوق»، وتؤدى دور فتاة الليل فى أكثر من فيلم بأستاذية فى فن الأداء بلا أى استسهال أو ترخص!!
نادية الجندى ونبيلة عبيد نموذج أنثوى ارتبط بتغيير فى المجتمع من اشتراكية السوق إلى الانفتاح الاقتصادى.
وفى مراحل متلاحقة منذ نهاية السبعينيات حتى الثمانينيات تبدأ يسرا ثم ليلى علوى وإلهام شاهين.. السينما درامياً تتجه إلى الرجال ويسرا وليلى وإلهام يحاولن إثبات جدارتهن بالبطولة المطلقة مثل الأجيال التى سبقتهن، لكن جيل يسرا وليلى وإلهام لم يصبحن نجمات شباك بالمعنى الحقيقى للكلمة وسلمن الراية منكسة للجيل التالى هو ما يعانى منه الجيل الجديد ربما حاولت منى زكى فى «أسوار القمر» ولكن لا يزال الطريق طويلا!!∎