الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
النعمة المفقودة التى ننتظرها!!

النعمة المفقودة التى ننتظرها!!


يرى البعض أن الفن سبوبة والغناء تحديدا هو أسهل الطرق لتحقيقها ، ومن يبيع مشاعره فى أغنية عاطفية لن يثنيه أحد عن تكرار البيع فى الغناء للوطن.
السؤال: هل نحن بحاجة فى هذه اللحظة إلى تقديم أغانٍ عن ثورة 25 يناير أم أن الظرف الزمنى الذى تحياه مصر تجاوز ثورتى يناير ويونيو وأصبح المطلوب على المستوى الغنائى نغمة وكلمة مغموسة بنبض تلك اللحظة التى نعيشها.
عاد الحديث مجددا عن ضرورة تنفيذ حوالى 20 أغنية نستقبل بها مرور أربع سنوات على الثورة، تم الاتفاق على هذه الأغنيات أثناء حكم المجلس العسكرى وتولى الكاتب الصحفى أسامة هيكل مسؤلية وزارة الإعلام، سجلت فقط اثنتان، وبعد أن تولى مرسى وجماعته الحكم وجاءوا برجلهم صلاح عبدالمقصود لحقيبة الإعلام توقف المشروع.
أتصور أننا سنكتشف أن هذه هى الحسنة الوحيدة التى فعلها عبد المقصود، فلقد استمعت شعرا إلى أكثر من واحدة ووجدت أنها مجرد إسهال غنائى تعود عليها عدد من العاملين فى دائرة الموسيقى والغناء حيث إنهم يتعاملون مع الإذاعة والتليفزيون مثل المجمع الاستهلاكى فرخة لكل مواطن وأغنية لكل فنان، أتذكر أن بعض أعضاء لجنة الاختيار هم الذين اختاروا أنفسهم أيضا للتأليف والتلحين، بل إن أحد الملحنين لم يكتف بهذا القدر بل تقدم بأغنيتين من تأليفه طالما أن زيتهم فى دقيقهم ولم يجرؤ أحد على الاعتراض.
أغلب العاملين فى الوسط الغنائى يعانون من حالة البطالة بعد أن توقف تقريبا إنتاج الأغانى فى الشركات الخاصة بسبب القرصنة، كان الإذاعى الراحل الكبير وجدى الحكيم المشرف على المشروع يشكو وقتها من تهرب أغلب المطربين والشعراء والملحنين «اللى فيهم الرمق» من المشاركة فى تقديم هذه الاغانى ولم يجد أمامه سوى الاعتماد على الفريق القديم «اللى فقدوا الرمق» بمفرداتهم وأفكارهم وأنغامهم العجوزة.
هل يصلح التكليف الغنائى لتقديم أغانٍ عن الثورة؟ الكل يعلم أن كل الأغانى التى واكبت مشاعرنا الوطنية لم تقدمها لجان، بل فى 73 اقتحم مبنى الإذاعة والتليفزيون بليغ والطويل والموجى  وعبد الحليم ومعهم شعراء مثل عبد الرحيم منصور وعبد الرحمن الأبنودى ومحمد حمزة وغيرهم وقدموا أحاسيسهم بدون تكليف من أحد، واللحظة الزمنية فرضت نفسها على المبدعين وطوال تاريخنا الوطنى فإن ما عاش من الأغانى هو فقط ما خرج من مشاعر المبدعين إلى الناس، وتكتشف تشابها فى لحظات إبداعية مثلا عاشها كمال الطويل ومحمود الشريف كل منهما حكاها لى بتفاصيلها.
أثناء حرب 56 كان الشريف فى الطابق التاسع فى عمارة شهيرة  «استراند» بباب اللوق وزوجته مريضة بالقلب والمطلوب أن يغادر الشقة إلى الملجأ فى الطابق الأرضى والأسانسير معطل ماذا يفعل؟ توجه للبيانو وردد كلمات يناجى بها الله ليست هى بالضبط «الله أكبر فوق كيد المعتدى أنا باليقين وبالسلاح سأفتدى»، ولكن فقط لكى يضبط اللحن وأسمعها تليفونيا لصديقه الشاعر عبد الله شمس الدين كتب ملحمة الله أكبر، فى نفس اللحظة كان كمال الطويل فى حى الزمالك كما روى لى على البيانو يضع اللمحات الاولى لـ«والله زمان يا سلاحى» وعلى التليفون يسمع صديقه الشاعر صلاح جاهين المقدمة ويكتب صلاح على الموسيقى «اشتقت لك فى كفاحى أنده وأقول أنا صاحى يا حرب والله زمان».
محمود الشريف يكمل اللحن ويتم الاتصال بالمطرب كارم محمود للغناء فى صباح اليوم التالى.
بينما كمال الطويل يتصل بأم كلثوم فتطلب منه أن يأتى إليها مسرعا والمسافة بين بيت الطويل وفيلا أم كلثوم لا تتجاوز خمس دقائق سيرا على الأقدام.
فى صباح اليوم التالى الإذاعة المصرية ومبناها القديم فى شارع الشريفين مهدده بالضرب فهى هدف استراتيجى، حيث إننا لم نكن حتى تلك السنوات قد بدأنا البث التليفزيونى.
أم كلثوم تتحدى الجميع وتصر على التسجيل فى المبنى، كارم محمود يخشى أن تقصف الإذاعة ، ويحيل الشريف النشيد إلى هتاف جماعى ويستعين بالعمال والسعاة للغناء، ملحوظة: بعد أسبوع أعيد التسجيل بكورال متدرب.
يمر الزمن يتجاوز نصف قرن ولا تزال الناس تردد «الله أكبر» و«والله زمان ياسلاحى»، هل تعتقدون أن الأغانى المعلبة التى تم الشروع فى إنتاجها قبل نحو عامين تحمل الآن أى نوع من الصدق يستحق أن تنفق الأموال ونبكى عليها أم أننا لو سجلناها واستمعنا إليها سوف نبكى منها، هل أذكركم بحمادة هلال فى رائعته الخالدة «شهداء يناير ماتوا فى ثورة يناير»!∎