الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فاتن.. من عبدالوهاب إلى عبدالوهاب!

فاتن.. من عبدالوهاب إلى عبدالوهاب!


صدفة أن تُصبح محطة انطلاقها الأولى مرتبطة باسم موسيقار الأجيال د. محمد عبدالوهاب،ثم تتزوج فى الأربعة عقود الأخيرة من عمرها بأستاذ الأشعة الأكبر فى بلادنا د. محمد عبدالوهاب، بالطبع دكتوراه عبدالوهاب الموسيقار فخرية بينما الطبيب المرموق دكتوراه علمية، إلا أنها أمضت حياتها الفنية والشخصية بين وهابيين كبيرين.
حفاوة استثنائية حظيت بها سيدة الشاشة طوال تاريخها فلم تكن المناسبة هى الرحيل لكى تحتل فاتن كل هذا القسط الوافر من الاهتمام الإعلامى والصحفى، ولكن لأنها فاتن  فهذا يكفى.
فاتن لا تحتاج إلى مناسبة لكى نكتب عنها، عدد قليل جدا من المبدعين لا يقدمون فقط بصمة خاصة فى مجالهم الفنى، ولكنهم يصبحون الفن نفسه، هيتشكوك مثلا لم يكن مجرد مخرج مبدع، ولكنه صار يعنى فى دنيا السينما الإخراج، أم كلثوم ليست هى الصوت المعجز، ولكنها هى الغناء، حضور فاتن على الشاشة لم يحلها فقط إلى ممثلة استثنائية بل هى التمثيل، لست من أنصار حزب زمن الفن الجميل، أقصد هؤلاء الذين دائماً ما يبخسون حق الحاضر، وهم يتغزلون فى  الماضى، يعتقدون أن الجمال مجرد زرع ينبت فى زمن ثم يتغير المناخ فلا تعد أرض الإبداع تطرح ثمارا، إنها بالتأكيد نظرة قاصرة جداً تظلم الحاضر وتدين فى نفس الوقت الماضى لأنه لم يكن يحمل بداخله «جينات» الاستمرار، وهذا بالطبع يتنافى مع حقيقة الحياة.
لكل زمن إيقاعه ومفرداته وقانونه ونجومه وأيضاً جماله، إلا أنه تظل دائماً هناك استثناءات، إنه الفنان الذى يعيش معنا فى زمن ويظل محتفظاً بمكانته فى زمن آخر، الفنان الذى لا ننتظر منه حضوراً مباشراً ليظل حاضراً، هذا التوصيف يتجسد أمامى دائماً مع فاتن!
إنها الطفلة الصغيرة فى فيلم «يوم سعيد» للمخرج محمد كريم لم تبلغ التاسعة عام 1940 حتى وصلت وهى تقف على مشارف السبعين إلى مسلسل «وجه القمر» للمخرج عادل الأعصر،وذلك فى آخر ظهور فنى لها قبل نحو 15 عاما، نعم طال زمن الغياب ولكن مثلما عرفها الناس وهى طفلة ونضجت معهم، فإن غيابها لم يكن يعنى أبداً أنها لم تعد تشغل مساحة فى أعماقهم، فهى لا تزال أيضاً تواصل إبداعها على شاشة القلوب، إنه الحب من أول لقطة، الجيل الذى شاهدها وهى طفلة كبر معها والأجيال التى لم تعاصر ذلك الزمن أصبح لديها سجل كامل حافل بكل سنوات عمر فاتن حمامة، إنها السينما عندما تحفر فى ذاكرة الناس ملامح وإحساس يكبران معهم مثلما هم أيضاً يكبرون، بالطبع لم يطلب منها أحد التخطيط لذلك، ولا هى فكرت فى أنه مع الزمن سوف تدعم تلك اللقطات وهى طفلة مشوارها عند الناس، وقوفها كطفلة منحها حميمية ودفئا فى كل لقاءاتها التالية مع الجمهور.
يحصى عادة الشعراء والملحنون عدد لقاءاتهم مع أم كلثوم ويعتبرونها بمثابة شهادات بالتفوق، والحال أيضا تكرر مع فاتن، بل كانت هى حلم المخرجين من جيل نهاية الأربعينيات والخمسينيات وحتى جيل التسعينيات مثل حسن الإمام، صلاح أبو سيف، هنرى بركات، كمال الشيخ، يوسف شاهين الذين تعودنا أن نطلق عليهم مخرجى العصر الذهبى للسينما، وحتى تصل لجيل داود عبد السيد وخيرى بشارة وكانت لها مشروعات لم تكتمل مع كل من عاطف الطيب ومحمد خان وشريف عرفة.
إنها الفنانة التى اختارها الجمهور والنقاد بإرادة حرة لتحمل لقب «سيدة الشاشة العربية» ثم يمنحونها بعد ذلك لقب «فنانة القرن»، عطاؤها هو الذى حقق لها تلك المكانة وفى عام 1996 عندما أقيم أول استفتاء لأفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية حظيت فاتن حمامة بالمركز الأول ولها رصيد 10 أفلام، الوحيدة التى كانت تلاحقها فى الأرقام هى سعاد حسنى 9 أفلام، الأفلام العشرة حسب أسبقية عرضها جماهيرياً هى «ابن النيل» يوسف شاهين، «لك يوم يا ظالم» صلاح أبو سيف، «المنزل رقم 13» كمال الشيخ «صراع فى الوادى» يوسف شاهين» «أيامنا الحلوة» حلمى حليم، «بين الأطلال» عز الدين ذوالفقار، «دعاء الكروان» و«الحرام» بركات، «إمبراطورية ميم» حسين كمال، «أريد حلاً» سعيد مرزوق.
انتهى الملف ولكن لم ولن تنتهى حفاوتنا بفاتن ستظل دائما تضىء ليالينا وتُنعش أيامنا!∎