
طارق الشناوي
غلوشة أم شفافية !!
من يرأس الدورة رقم 37 فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى؟ لا أتصور أنه السؤال الصحيح، علينا أن نجيب أولا هل من صالح المهرجان أن تواصل إقامته وزارة الثقافة العام القادم، أم أن عليها فقط أن تدعمه حتى يحافظ على حريته ويجنب الدولة تبديد الطاقة والجهد؟!
علينا أن نصحح الخطأ الذى ارتكبه الناقد سمير فريد وتناقض حتى مع كل آرائه السابقة بضرورة تحرر المهرجان من قبضة الدولة، عندما عرض فريد مشروعه أمام لجنة السينما لم يعترض سوى ثلاثة فقط، المخرجان مجدى أحمد على وشريف مندور وكاتب هذه السطور، بينما الآخرون ربما لإحساسهم أنهم قد جاءوا به إلى قمة المهرجان لم يشاءوا أن يظهروا احتجاجهم ليواصل رئاسة المهرجان إلا أنه وكعادته تقدم قبل أيام باستقالته، معللا إياها بأسباب صحية، هل كانت بالفعل كذلك، علينا أن ندعو له بالشفاء العاجل، إلا أننا نضع فقط فى المعادلة تكوين لجنة تواكبت مع توقيت تقديمه للاستقالة لمراجعة أوجه الصرف فى المهرجان، اعتذار فريد عن الرئاسة يطرح سؤالا: هل أساسا أصدر الوزير قرارا رسميا بتعيينه؟! صحيح أنه وعده بذلك فى بعض البرامج.
فكيف يعتذر عن منصب لم يسند إليه رسميا، هل هو غاضب من تلك اللجنة التى أنشأها الوزير للمراجعة، هل كان الوزير مجبرا عليها؟ أتصور أنها كذلك، يجب الأخذ فى الاعتبار أن الوزير طبقا للقانون هو رئيس اللجنة العليا للمهرجان وهذا يعنى أنه أشد الناس حرصا على أن تنتهى اللجنة إلى قرارات تبرئ ساحة الجميع، وأنا فى الحقيقة ضد التشكيك فى نزاهة أحد، ولكن الخطأ الاستراتيجى هو أن ناقدنا الكبير لا يصلح للإدارة وجزء كبير من أخطاء المهرجان تقع فى أسلوب الإدارة، ثم إنه لا يعترف أبدا بأى خطأ يرتكبه، بينما الوزير فى حفل الختام يعتذر للجميع عن الأخطاء، الغريب فى الأمر أن جزءا من الصحافة لعب دورا فى محاولة التقليل من حجم الأخطاء، واكتشف مثلا مؤخرا أن الجلسة التى عقدها وزير الثقافة مع عدد من أعضاء اتحاد الفنانين العرب فى بداية المهرجان، كان رأى الأغلبية أن سمير ناقد سينمائى كبير، ولكنه لا يصلح للإدارة، بينما الوزير تحمس فى الجلسة لاستمراره، ما نشرته الجرائد مخالف تماما، حيث بدا الأمر وكأن الفنانين العرب قادوا مظاهرة إلى مكتب الوزير فى شجرة الدر تطالبه بالتجديد لفريد!
من أخطائه التى لم يعترف بها أنه أول رئيس لمهرجان القاهرة يلغى عرض فيلم الافتتاح، وبعد ذلك يرسل لوزير الثقافة توصية يطالبه فيها بأن يطالب الرئيس القادم للمهرجان بضرورة عرض فيلمى الافتتاح والختام، لم يعترف أبدا أنه أخطأ حتى فى حق زملائه الصحفيين عندما قال إنهم يتركون فيلم الافتتاح ويذهبون للعشاء، أكثر من ذلك أنه فى مؤتمر صحفى وصف زميلاً شاباً بالسافل لأنه تساءل عن أوجه الإنفاق المادى فى المهرجان.
مثلا ألم يلحظ أن رئيسة لجنة التحكيم يسرا برغم أنها كعادتها تلعب دورها فى الدفاع عن أى عمل تشارك فيه إلا أنها ارتكبت خطأ فادحا يسئ لمصداقية ونزاهة لجنة التحكيم، عندما وقفت على المسرح فى حفل توزيع الجوائز وتعلن أنها خضعت لضغوط المخرج الصينى عضو لجنة التحكيم وقررت منح الفيلم الصينى تنويها خاصا، هل رئيس اللحنة من حقه أن يمنح جائزة مخالفة للائحة وأن تفضح أيضا ممارسات عضو اللجنة، والأدهى أن رئيس المهرجان وكان بجوارها على المسرح التزم الصمت، كل ما فعله أنه لم يرسل هذه الجائزة المشبوهة فى الخبر الرسمى للجرائد وتناسى أنها معلنة على الهواء، لم تكتف رئيسة لجنة التحكيم بهذ القدر، بل فى حوار لها فى جريدة «الشروق» مع الزميل أحمد فاروق قالت: إن لجنة التحكيم كانت تريد حجب عدد من الجوائز ولكن اللائحة تمنع، ألا يعنى ذلك سوى شىء واحد وهو ضعف مستوى أفلام المسابقة، بينما رئيس المهرجان لا يكف عن التأكيد بأنه يقدم آخر صيحة فى اختيار الأقوى والأهم؟
الشفافية تقتضى أن نعترف أولا بالخطأ حتى نبدأ التصحيح، ولكن ما رأيناه هو مجرد «غلوشة» حتى لا يرى أحد الأخطاء!.∎