
محمد جمال الدين
لمصر.. وليس للإخوان أو لغيرهم
[if !mso]>
جاءت الفرصة مرة أخرى على طبق من ذهب لاستعادة ما تم فقده فى الفترة السابقة لجميع القوى السياسية التى اعتمدت على نفسها بعيدا عن باقى القوى الأخرى التى يتكون منها المجتمع المصرى.. فكل فريق اعتقد أن ما يفعله هو الصواب، وما يقدمه غيره أو يطرحه فى الشارع هو الخطأ بعينه، وهذا تحديدا ما أدى إلى حدوث أزمة سياسية نحن فى غنى عنها، خاصة فى ظل هذه المرحلة العصيبة التى تمر بها مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
لا يخفى على أحد أن من أهم أسباب قيام ثورة 25 يناير هو أن يكون صندوق الانتخابات هو الفيصل دائما، وهذا ما ارتضته جميع القوى السياسية وظهر جليا عند الاستفتاء على الإعلان الدستورى ثم ظهر أكثر عقب انتخابات مجلسى الشعب والشورى التى حصد فيها الإخوان والسلفيون أغلبية المقاعد، بعد أن اختارهم الشعب معتقدا أن فى يدهم الخلاص مما هم فيه.
ولكن هيهات فالوجه الآخر لهذه الأغلبية ظهر على حقيقته فلم ير الناس أى جديد، وإنما أداء وممارسات وقوانين تم تفصيلها تشبه فى طريقة صدورها تلك القوانين التى كان يصدرها الحزب الوطنى بين الوقت والآخر حينما كان يريد شيئا ما، والحال نفسها تنطبق على الأداء والممارسات، ومن ثم اختفى شعار مشاركة لا مغالبة الذى صدعنا به تيار الأغلبية.. لأن الأمر سرعان ما انقلب إلى استحواذ، ودليلى ودليل كل المصريين على ذلك ما حدث عند اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، عندما احتكر الإخوان والسلفيون مقاعدها كأنهم يقولون لجموع الشعب المصرى «أنا وبعدى الطوفان»، وتغافلوا عن عمد باقى القوى السياسية والشعبية الأخرى التى لم ترتض هذا الأسلوب، وزاد رفضها لهذا المنطق فى الاختيار بعد قرار الإخوان ترشيح الشاطر لانتخابات الرئاسة، كأنهم يريدون الحصول على أكبر قطعة من البلاد دون غيرهم سيراً على مبدأ «فيها لاخفيها»!
[if gte vml 1]>
filled="f" stroked="f">
mso-wrap-distance-top:1.5pt;mso-wrap-distance-right:1.5pt;
mso-wrap-distance-bottom:1.5pt'>
وعقب استبعاد الشاطر لعدم انطباق شروط الترشح عليه خرج علينا ليعلن أن نظام مبارك مازال يحكم، ثم قال إن الانتخابات سيتم تزويرها رغم أن القائمين عليها هم أنفسهم من أشرفوا على انتخابات مجلسى الشعب والشورى التى حصل فيها حزبه وباقى الأحزاب السلفية على الأغلبية التى باركها الشعب، وفى النهاية قال إنه سينزل هو وجماعته إلى الشارع الذى رحلوا عنه فور جلوسهم تحت قبة البرلمان، وكأن مقاعد هذا البرلمان لا تكفيهم فقرر أيضا النزول إلى الشارع لاستعراض قوته وللجهاد ضد وصول الفلول إلى السلطة.
[if gte vml 1]>
mso-wrap-distance-top:1.5pt;mso-wrap-distance-right:1.5pt;
mso-wrap-distance-bottom:1.5pt'>
السادة أعضاء جماعة الإخوان.. الشعب كان ينتظر منكم ما هو أكثر وأهم من صراعكم على السلطة وعلى التكويش على جميع المناصب، فلم نر منكم أفعالا، وإنما أقوال فقط تعتمد على حسابات خاصة تخدمكم أنتم دون غيركم، وبناء عليه فأنتم تخسرون ومؤشر تراجعكم يتزايد فى الشارع.. عموما الفرصة مازالت أمامكم، فإما أن تسعوا نحو التوافق والتعاون وهذا ما سيوفر لكم مناخا جيدا للعمل ومن خلاله تحصلون على الشرعية التاريخية بجانب الشرعية البرلمانية، وقتها ستلتف حولكم أطراف عديدة من الشعب بدأت معكم، ولكنها انفضت عنكم عندما شاهدوا صراعكم الدائم على كل ما هو له علاقة بالسلطة الذى كان واضحا وضوح الشمس فى تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وتقديمكم للشاطر ومن بعده «مرسى» كمرشح لانتخابات الرئاسة، الذى مازلت أرى أن عدم ترشحه يعد فرصة ذهبية لكم لاستعادة ما فقدتموه من تعاطف وتأييد من رجل الشارع.
وإذا كان هذا هو حال الإخوان.. فإن حال السلفيين لا تختلف كثيرا عنهم، فقد نالهم قدر ليس بقليل من عدم الارتياح، وهذا ما ظهر بصورة كبيرة عقب رفض اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية للشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، الذى سرعان ما طالب أنصاره بالجهاد وعدم اعترافه برفض ترشحه، مما أدى إلى اعتصام أنصاره أمام مقر اللجنة واعتصام عدد آخر فى ميدان التحرير، ثم عاد أبوإسماعيل واتهم القيادات السلفية بالخيانة فى حالة دخولهم لمقر اللجنة لرؤية المستندات التى بحوزتها.
تمسك أبوإسماعيل بالجهاد رغم الأدلة التى لا تسمح له بترشحه لا يعنى سوى أنه يستقوى على مصر وشعبها بأنصاره، الذين أعلنوا أمام الجميع أنهم سيفجرون بحورا من الدماء!
ما أعلنه أبوإسماعيل وصرح به أنصاره كشف نواياهم تجاه مصر وشعبها والحمد لله أنهم كشفوا أنفسهم بأنفسهم، وهذا ما جعل قادة التيار السلفى يعلنون أن أبوإسماعيل لم يكن يوما من ضمن كوادرهم، وإنما هو محسوب على جماعة الإخوان التى سبق أن ترشح ضمن صفوفها فى انتخابات برلمانية سابقة.
[if gte vml 1]>
mso-wrap-distance-left:1.5pt;mso-wrap-distance-top:1.5pt;
mso-wrap-distance-right:1.5pt;mso-wrap-distance-bottom:1.5pt'>
ومن أجل كل هذا ومن أجل عدم وصول الدماء إلى الركب.. على شباب الثورة الذى سرقت منه ثورته أن يعى الدرس وألا يسمح لأى تيار أن يركب ثورته مرة أخرى مع ضرورة أن تتوحد صفوفكم بدلا من الصراع فيما بينكم ويتفرق الناس عنكم، لأن ما يقوم به بعضكم لا يرضى أحدا.. والذى كان آخره قطع بعض الشباب لكوبرى أكتوبر كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج وسوء الأوضاع، فمثل هذه الأفعال ستكون ضدكم ولن تكون أبدا فى صالحكم.