الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
انفلات الشارع وسقوط الأحزاب

انفلات الشارع وسقوط الأحزاب




محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 22 - 10 - 2011



هل الشباب الذي أشعل ثورة 25 يناير وأسقط أعتي أنظمة الحكم في الإجرام وعدم احترام حقوق الإنسان هو نفسه الشباب الذي يحرق ويخطف ويهتك الأعراض؟
بعد ثورة 25 يناير حلمت كما حلم غيري من المصريين بمصر جديدة ليس فيها حزب وطني وأصحاب نفوذ ومقربون من السلطة ومعتادو إهانة خلق الله من قبل بعض رجالات الداخلية لخدمة الحاكم قبل نظامه، وبالتالي قبل شعبه.

ولكن - وآه من كلمة لكن- مصر التي حلمت بها لم يعد لها مكان علي خارطة الواقع هذه الأيام فظهرت مصر التي أخشاها وأخاف عليها في نفس الوقت حيث توالت أعمال العنف والبلطجة والمواجهات المسلحة والاحتجاجات والاعتصامات ومعارك الأحزاب بين بعضها البعض للفوز بمقعد نيابي حتي لو علي حساب الشعب وشهدت الساحة تعاون عدد لا بأس به من الأحزاب سواء كانت القديمة أو الجديدة مع فلول الوطني المنحل، واختفي الحديث عن نوابه الذين شاركوا في تدمير البلاد واقتسام ثرواته لحسابهم الخاص وأصبح كلام الليل ليس له محل من الإعراب في الصباح.
حلم المصريين الذي لم يكتمل طرح العديد من التساؤلات من قبل محبي هذا البلد من ضمنها، هل فعلا هذه هي مصر التي يريدها الشعب وعقد علي ثورتها الآمال والأحلام التي تضمن لهم حياة حرة وكريمة.
وهل الشباب الذي أشعل ثورة 25 يناير وأسقط نظاماً من أعتي الأنظمة في الإجرام وعدم احترام حقوق الإنسان، هو نفسه الشباب الذي يحرق ويعتدي علي الآمنين ويهتك الأعراض ويحاول اقتحام الأقسام.
من المؤكد أن من يدمر ويعتدي ولا يتحدث إلا عن طريق المواجهات المسلحة ليس من الشباب الذي أشعل فتيل الثورة بعد أن ركب علي سطحها محترفو السياسة وإشعال الفتن ونجوم الفضائيات.
فبماذا نفسر ازدياد ظاهرة الخطف والبلطجة التي يشهدها الشارع هذه الأيام حتي وصل الأمر إلي اختطاف الأطفال وطلب فدية لإعادتهم إلي ذويهم.
وبماذا نفسر ازدياد حالات قطع الطريق لتنفيذ مطلب ما أو لإيقاف شاحنة أو سيارة بغرض سرقتها، ويكفي ما حدث مؤخرا من إيقاف ثلاث شاحنات محملة ببضائع في عز الظهر في الطريق الزراعي باستخدام الأسلحة النارية في تحدٍ صارخ للقانون بعد أن ضاعت هيبة الدولة عندما ضاعت هيبة الشرطة من قبل بعض المنتسبين إليها في وقت سابق، وهذا ما جعل أكثر من مائتي بلطجي يحاولون اقتحام قسم شرطة روض الفرج مستخدمين جميع أنواع الأسلحة وزجاجات المولوتوف لإخراج ذويهم من حجز القسم.
وإذا كان الخطف والبلطجة لها ناسها وهم معروفون ومعروف دوافعهم.
أما غير المعروف فهو الاحتجاجات وعودة المطالب الفئوية مرة أخري إلي الظهور حتي وإن كانت مشروعة فأصبحت الاستعانة بالشرطة والجيش لفك أسر مسئول هنا أو هناك أمرا متكررا، ولكن أن يصل الأمر إلي كسر الحوائط لفك أسر مسئول عن طريق رجال المطافئ لإخراجه من حالة الحصار التي وقع فيها لهو الجديد الذي نتمني ألا يتكرر ثانية لأننا لم نشهده في مجتمعنا من قبل ففقدت الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات معناها، وبالتالي ضاعت المطالب المشروعة التي كان يمكن تحقيقها بالمناقشة والهدوء، دون اللجوء لمثل هذه الحلول غير المجدية في الوقت الذي يتأثر فيه اقتصاد البلد بصورة تنذر بالخطر.
هذا هو حال عامة البلد، أما حال النخب وتحديدا السياسية منها فهو لا يسر عدوا أو حبيبا بعد أن تفرغ رجالها إلي خلافاتهم، وشهدت أغلب الأحزاب تربيطات وانسحابات تنذر أيضا بالخطر في الانتخابات البرلمانية المقبلة ولهذا لم يكن مستغربا أن يشهد حزب الوفد الليبرالي والذي يعبر عن الرأسمالية الوطنية انسحابات بالجملة لعدد كبير من رموز وأعضاء الحزب بعد استعانة رئيسه السيد البدوي بعدد لا بأس به من فلول الحزب الوطني لخوض الانتخابات البرلمانية علي قوائمه رغم رفض أغلب قيادات الحزب لانضمام فلول الوطني لحزبهم، وعندما زادت وتيرة الانسحابات والاستقالات كانت حجة البدوي أنه لن يضم للوفد نواب المنحل الذين شاركوا في انتخابات 2010 وكأن حزب الوفد العريق لا يجد بين المنتمين إليه من يخوض الانتخابات علي قوائمه. رغم أن هذا الحزب طوال تاريخه عامر بالقيادات وفي كل المجالات التي تستطيع أن تفرض نفسها في أي مكان تعمل فيه.
المؤسف في هذا الأمر تحديدا أن قرار البدوي خالف رأي أغلب أعضاء الهيئة العليا للحزب بخصوص ضم أعضاء المنحل إلا أنهم لم يتحركوا بإيجابية للوقوف ضده في هذا الشأن.. البعض من داخل الحزب أكد أن عدم الاعتراض سببه أن البدوي جعل من الحزب المعروف بمواقفه الوطنية طوال تاريخه وكأنه فرع من فروع شركاته أو قناة فضائية من ضمن شبكة قنواته التي يملكها وتسبح بحمده خاصة بعد أن أصبح الحزب مرتبطا ماديا به شخصيا وبصورة لا يستطيع أن ينكرها أحد فأصبح الآمرالناهي في كل ما يتعلق بالحزب وشئونه.
وإذا ابتعدنا قليلا عن الوفد الليبرالي لننظر علي باقي الأحزاب الأخري سنجد أن حالها لا تختلف كثيرا عن حال الوفد فحزب الوسط الذي وقف رجال الوطني كثيرا ضده ودخل في صراع قضائي طويل مع رموزه حتي تم لهم ما أرادوه سارع بضم بعض أعضاء حزب الفلول بين صفوفه وهذا ما لم يتوقعه أكثر الناس تفاؤلا لزيادة فرصة وجوده في البرلمان.
أما الأحزاب السلفية فقد وقفت جميعها ضد بعضها البعض ففتح الصوفيون النار علي السلفيين بعد تصريحات عادل عفيفي رئيس حزب الأصالة السلفي بأن عدد السلفيين في مصر 6 ملايين وسيكون لهم تأثير فاعل في الانتخابات فرد عليه الشيخ مصطفي علي زايد منسق الائتلاف العام للطرق الصوفية أن السلفيين معروفون بخداعهم وتضخيم عددهم الذي لا يتجاوز ال 3 ملايين، الاختلاف في العدد بين الصوفيين والسلفيين لم يخف الخلاف علي عدد المقاعد التي يحاول كل فريق أن يستأثر بها.. ورغم الصدام إلا أن الأحزاب السلفية والصوفية اتحدت فيما بينها بعد ذلك للوقوف أمام حزب الحرية والعدالة لسان حال جماعة الإخوان المسلمين الذي يحاول أن يلتهم كعكة الانتخابات لوحده دون باقي الأحزاب بحجة أنه الأكثر جاهزية وتنظيما وذلك بزيادة عدد مرشحيه في القوائم وفي النظام الفردي وهذا يخالف ما سبق وأعلنوه عن منافستهم علي ثلث القوائم فقط، ولكنهم صرحوا مؤخرا بأنهم رفعوا هذه النسبة بعد قرار حزب الوفد بخوض الانتخابات سواء في نظام القوائم أو الفردي من خلال قائمة منفردة للحزب.
نصل إلي النازحين من الوطني المنحل الذين انضم بعضهم لأحزاب أخري رحبت بوجودهم ضمن صفوفها لضعف هذه الأحزاب من جهة وعدم شعبيتها ولعدم وجود مرشحين أصلا يلقون قبولاً في الشارع من جهة أخري.
أما الغالبية العظمي من أعضاء المنحل فقد فضلوا نزول الانتخابات علي النظام الفردي معتمدين علي قوة وسلطوية رجالهم في بحري أو في الصعيد الذين هددوا باحتلاله في حالة تطبيق قانون العزل السياسي عليهم، وبالتالي لم يكن غريبا علي جموع المصريين أن يترشح رجال مثل الغول والجميل وحمادي والشعيني وطارق طلعت مصطفي وهذا ما يلقي مسئولية الرهان علي الناخب الذي يجب عليه أن يقف ضد هؤلاء بعد أن أفسدوا بالمشاركة مع حاكمهم حياة هذا الناخب، وفي حالة عدم تطبيق قانون العزل عليهم.
من واقع ما نشهده من أحداث وعنف وبلطجة وخلافات بين الأحزاب بالتأكيد لا نريد لهذا الحلم الذي سبق وحلمنا به بعد ثورة 25 يناير أن يكتمل لأنه ليس حلما بل هو كابوس نتمني أن نفيق منه سريعا لأن اكتماله علي هذه الصورة يعني أننا مازلنا في مرحلة ما قبل ثورة يناير ولم نتغير.
عموما مازالت الفرصة سانحة أمام الجميع ولابد من اغتنامها في حالة لو خلصت النوايا ووضع الجميع مصلحة مصر أولا وفوق الجميع.