
محمد جمال الدين
اتقوا الله في مصر
محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 01 - 10 - 2011
هل آن الأوان لأن ننتبه لما يدور حولنا من تداعيات وممارسات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ستؤدي بنا إلي طريق الهلاك.
ألم يحن الوقت بعد لنترك انقساماتنا وخلافاتنا جانباً لنحافظ علي ثورتنا التي استشهد من أجلها شباب من خيرة شباب هذا الوطن، حتي نتفرغ لبناء مصر الجديدة.. مصر الأمل والديمقراطية والعدالة والتقدم والرخاء.
المشهد الحالي هو الذي جعلني أنادي وأطالب بأعلي صوت أن نتحد ونقف جميعاً صفاً واحداً كالبنيان المرصوص من أجل هذا الوطن الذي يضمنا والذي يستحق أن نبذل من أجله الغالي والنفيس.
فمن مظاهرة هنا إلي وقفة احتجاجية هناك، تسرب الخوف إلي قلوب العديد من المصريين رغم إيماني الكامل بأن هذه الوقفات أو المظاهرات وتحديداً السلمية منها مشروعة، بعد أن تجرع أغلبنا مرارة الظلم من قادة ومسئولي النظام السابق، ورغم مشروعية هذه الوقفات والمظاهرات والمطالبات إلا أن استمرارها بعد نجاح الثورة والقضاء علي النظام السابق هو ما يزعج أغلبنا الآن بعد أن دبت روح الانقسامات داخل نفوسنا وتفرغ كل فصيل لنيل نصيبه من الكعكة واختفت وجوه وظهرت أخري، جميعها تسعي إلي الحصول علي أكبر مكسب من الثورة بعد أن تواري أصحاب الثورة الحقيقيون لدرجة وصل معها الأمر إلي أن أصبح التعدي علي ممتلكات وحقوق الغير أمرًا روتينيًا ومعتادًا، خاصة أن السلوك العدواني أصبح سمة من سمات عدد كبير من قبل البعض ممن يحاولون تحقيق مكاسب من الثورة في الوقت الذي تفرغ فيه رجال السياسة وائتلافات الثورة والأحزاب، سواء الموجودة قبل الثورة أو التي تشكلت بعدها، لتحقيق مكاسب خاصة بهم أو لتحقيق نوع من الدعاية لأحزابهم دون النظر لمصلحة البلد.
فجميعهم للأسف سواء كانت أحزابا قديمة أو جديدة لم ينظروا إلا إلي تحت أقدامهم فقط، فظهر بينهم من ينادي بتنفيذ أجندات خاصة بهم لا علاقة لها بمصالح عامة المصريين فخرج علينا من ينادي بشواطئ خاصة للأجانب وأخري لنا نحن أصحاب البلد، وكأن مصلحة مصر تركزت في هذا الشاطئ أو ذاك أو في المايوه البكيني أم الشرعي الذي لابد أن ترتديه المرأة المصرية «في حالة إذا ما سمح لها بنزول البحر أصلا».
التصريحات السابقة أطلقها مسئول في حزب تكون حديثاً نزل إلي معترك السياسة من أوسع أبوابه بعد ثورة يناير، وبلاها سياحة فوجودها غير مرحب به من قبل مسئولي هذا الحزب وعلي ثلاثة ملايين مصري يعملون في السياحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أن يبحثوا لأنفسهم عن مصدر رزق آخر بعيداً عن السياحة.
وهذا حزب آخر يسعي إلي تأسيسه عدد لا بأس به من بعض المنتمين للحزب الوطني البائد وحالياً يحاولون غسل أنفسهم من حزب المخلوع ليسطوا علي الحياة السياسية مرة أخري والبحث لأنفسهم عن دور جديد فهم دائماً متلونون ويعرفون جيداً أين يذهب اتجاه الربح ليسيروا معه.
وهاهو حزب الوفد الذي شارك بممثليه في انتخابات 2010 بعد أن خرج علي إجماع القوي السياسية بمقاطعة الانتخابات التي تم فيها التزوير المفضوح والذي مكن ممثلي الحزب من الحصول علي عدد ضئيل من المقاعد في مجلس الشعب لا يتناسب مع حزب الوفد وتاريخه، المؤسف أن التزوير الذي علق بمجلس شعب 2010 عاني منه بعض ممثلي حزب الوفد ويسأل في هذا محمد مصطفي شردي مرشح الحزب في بورسعيد الذي تم إسقاطه بفعل فاعل، الحزب يدعو إلي التحالف مع الإخوان لنيل حصته من مقاعد مجلس الشعب القادمة.
هذا التحالف وفي هذه المرحلة تحديداً لم يكن المفاجأة الوحيدة التي فجرها لنا السيد البدوي ولكن المفاجأة الأكبر كانت في قبول الحزب لبعض الشخصيات التي سبق أن كانت في الحزب الوطني الذي تم حله بحكم المحكمة بحجة أنهم لم تشبهم شائبة علماً بأن عضويتهم في الحزب المنحل كانت من أهم الشوائب التي علقت بهم.
واليوم يبحث الوفد ورئيسه مقاطعة الانتخابات احتجاجاً علي قانون انتخابات مجلسي الشعب والشوري الذي أقره مجلس الوزراء مؤخراً وذلك بالاتفاق مع باقي القوي السياسية، فهل سيقاطع الحزب بالفعل ما أقرته القوي السياسية التي تحالف معها أم سيخالفها مثلما فعل في المرة السابقة.
لنترك الأحزاب جانباً ونذهب إلي نوع آخر من الأشكال التي تميز بها المشهد السياسي الذي يمر ببلادنا وهو المتمثل في حالة الاحتقان والغليان التي باتت سمة أخري من سمات الشارع المصري الذي أصبح يتساءل في كل لحظة ومنذ بداية اليوم وحتي نهايته عن مخرج آمن لهذه الفوضي والتخريب والبلطجة التي عاني منها المصري البسيط الذي يشغله البحث عن قوت يومه، وذلك بعد أن شاركت شرائح جديدة في إحداث بلبلة في الشارع كان يفترض فيهم أن يقدروا الظروف التي تمر بها البلاد مثل الأطباء والمدرسين في الوقت الذي يتدهور فيه اقتصاد مصر بشكل خطير ينذر بمشاكل كبيرة ستنعكس علي كل أفراد الشعب لأن العمل والإنتاج يأتي في نهاية ما يمكن أن يفكر فيه عدد كبير من القطاعات التي من المفروض أن تكون داعمة للاقتصاد بدلاً من انهياره، مما أدي إلي هروب المستثمرين وكذلك إحجام أغلب الدول المانحة عن تقديم المساعدات التي سبق أن وعدت بها، ورغم كل هذه الظروف المعاكسة فتحقيق المكاسب هو الشغل الشاغل لهؤلاء دون أن يكون هناك عمل وإنتاج، وهذا ما أحذر منه لأن المحصلة في النهاية ستكون ثورة أخري غير ثورة 25 يناير التي وقف معها الجميع، تلك الثورة سيكون وقودها الجياع وسكان العشوائيات والمهمشين، وأغلب هؤلاء لا يجد قوت يومه إلا بصعوبة.
هؤلاء صبروا طويلاً علي ما أصابهم قبل ثورة 25 يناير وهي نفسها التي أنارت لهم طريقا من الأمل الذي بمقتضاه يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية، وهم أنفسهم الذين سيلتف حولهم أصحاب المصالح والانتهازيون لنيل مكاسب لحسابهم وليس لحساب هؤلاء المهمشين.
من أجل كل هذه الأسباب التي نخشاها ونتمني عدم حدوثها دعونا نعمل جميعاً لصالح مصر ولنترك الوقفات والمظاهرات والمطالب الفئوية جانباً لبعض الوقت ولنركز فقط في العمل والإنتاج الذي سيحقق لنا هذه المطالب ولنتفق جميعاً كشعب وقوي سياسية علي هدف واحد لا بديل عنه وهو مصلحة مصر وأمنها.