الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
عن الفتنة.. أتحدث

عن الفتنة.. أتحدث






محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 14 - 05 - 2011



منذ الفتح الإسلامى تعايش مسلمو مصر مع أقباط .. وحتى الخلافات التى حدثت بعد ذلك كان مرجعها سياسيا ولم يكن للدين أى علاقة بها
بدلا من أن نتحدث عن زيادة الإنتاج والتنمية لبناء مصر الجديدة، نجد أنفسنا نتحدث عن الفتنة الطائفية ومحاولات التقريب بين جموع المصريين مسلمين وأقباطاً لعودة الحياة الطبيعية إلي مصر، وللأسف اتضح أن إعادة مثل هذه الأمور إلي طبيعتها ليس بالأمر الهين في الوقت الحالي علي الأقل.

دليلي علي هذا ما حدث مؤخرا في حي إمبابة الشعبي الذي لم يشهد يوما مثل هذه الانقسامات بين أبناء الحي الواحد.. وإن كان هناك بعض الصدامات لكنها لم تصل إلي هذا الحد.. إلا أن غياب الأمن وعدم تفعيل القانون، بالإضافة إلي وجود بعض رموز النظام السابق الذين لم يرق لهم حال البلاد بعد زوال ملكهم الذي سمح لهم ولغيرهم بالانتفاع بخير هذا البلد، معتمدين في ذلك أسلوب البطش والبلطجة الذي لا يجيدون سواه، كل ذلك أدي إلي تفاقم الوضع، وبالتالي لم يعد هناك مفر في الوقت الحالي سوي مواجهة هذه الظاهرة التي لابد لها من نهاية حتي تعود مصر إلي سابق عهدها: بلد الأمن والأمان والتسامح والتعامل مع الآخر.
فمنذ الفتح الإسلامي، وعلي مر العصور، تعايش مسلمو مصر مع أقباطها، حتي وإن حدثت بعض الخلافات بعد ذلك فمرجعها كان سياسياً في المقام الأول ولم يكن أبدا له علاقة بالدين.
هذا التوضيح كان لابد منه، فالسياسة تعد الحاضر الغائب في كل مرة تثور فيها أحداث خاصة بالفتنة، وبعدها تظهر الأدوار المريبة التي يتبعها البعض في تأجيج هذه الفتن، وهي بالتأكيد ليست بمستبعدة عن بعض رموز النظام البائد الذي يستغل الفتنة الطائفية في ثورته المضادة بعد انهيار حكمهم وسيطرتهم علي البلاد، لنشر حالة من عدم الاستقرار نعاني منها جميعا بعد التخلص منهم علي الرغم من التضحيات الكبيرة التي تكبدها الشعب المصري بعد ثورته والتي تجلت في شهداء الثورة الذين ضحوا بدمائهم الزكية، والتي لم يستطع أحد أن يفرق أيهما تخص هذه الدماء هذا الشاب المسلم أو ذاك المسيحي فكلهم في النهاية كانوا من أبناء مصر الذين تعايشوا سويا أثناء الثورة.
والآن هذا المشهد العظيم سرعان ما تحول إلي صورة درامية وأكثر سوادا من الفترة التي عاشتها مصر في عهد الرئيس المخلوع بعد وقوع عدد من أحداث الفتنة الطائفية والتي كان آخرها في إمبابة، حيث انفض المسلم عن المسيحي الذي سبق أن شاركه لقمة العيش ووحدة الهدف والمصير.
الذي أجج هذه المشاعر ووصل بها إلي ما نحن عليه الآن هو عدم تفعيل القانون وتطبيقه علي المسلم أو المسيحي مما حدا بالبعض إلي أن يتآمر علي وطنه، لدرجة وصل معها الأمر إلي الاستقواء بالخارج، وهذا هو الخطر بعينه، والذي يرفضه الجميع ولن يُسمح به لأن في ذلك خيانة للدولة وللوطن الذي يضمنا جميعا.
وساعد علي هذا الشعور العام الذي انتاب البعض انفراد التيار الإسلامي بنسبة كبيرة من التصويت علي التعديلات الدستورية وما صاحب ذلك من بعض التصريحات التي أطلقها البعض سواء ممن صوتوا بنعم أو لا مما ساعد في ازدياد الإحساس بالخوف من المستقبل المجهول (من وجهة نظر البعض ) الذي ينتظرهم في حال انفراد التيار الإسلامي بالحكم..
أضف إلي هذا الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها المجتمع والتي جعلت العديد من المصريين يلوذون بالمساجد والكنائس لأسباب كثيرة ما جعل بعضاً من القائمين عليها وغير المدركين لحقيقة كونهم رجال دين وغير الواعين بمصلحة الوطن وللدور الذي يخدمون به مجتمعهم يتلقفون البعض من هؤلاء الشباب الذي يتردد علي دور العبادة ليبث في عقولهم بعض الأفكار والمعتقدات التي لا تتفق مع صحيح الدين سواء كان إسلامياً أو مسيحياً التي في النهاية لا يمكن أن تصب في صالح المجتمع أو الوطن.. خاصة أن القبلات والأحضان التي تعقب كل صدام بين الشيوخ والقساوسة لن تستطيع أن تضع نهاية للتدهور الحاد الجاري الآن بين المسلمين والأقباط بعد أن وصلت العلاقة إلي أدني مستوياتها بين بعض النفوس الضعيفة من الطرفين.
ولهذا يجب أن يحذر بعض المنتمين للمؤسستين الدينيتين من خطورة إشعال مظاهر الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، مع ضرورة أن ينحصر دورهم في الإرشاد والوعظ والبعد عن كل ما هو في غير صالح الوطن، لأن البعض داخل هذه المؤسسة أو تلك يستغل وجوده ليلقي بكرة اللهب علي البلد الذي نشأ وعاش فيه، وعكس ذلك مرفوض وغير مطلوب بالمرة.