الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الأحزاب.. والمسئولية القومية

الأحزاب.. والمسئولية القومية


 

محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 07 - 05 - 2011

 


إعلان الاخوان عن تأسيس حزبهم

لحظة اعلان عن تأسيس حزب "المصريون الاحرار"


هل بإمكان أحد في مصر أن يحدد كم عدد الأحزاب في مصر وما هي برامجها أو حتي عدد أعضائها؟.. البعض يمكن أن يجيب بأننا لا نعرف حقيقة العدد وإن كنا نسمع فقط عن بعض الأحزاب مثل التجمع والوفد والناصري رغم أن تواجدها في الشارع ليس بالكبير، وهذا ما جعل الكثيرين يطلقون علي أحزاب المعارضة لقب الأحزاب الورقية.

ولكن بعد ثورة 25 يناير ونجاحها في إزاحة الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم هو وحزبه الذي سيطر علي الأحزاب الأخري وعلي الحياة السياسية في مصر حتي أفسدها من أساسها، بدأت أنظار الجميع تتطلع إلي تكوين أحزاب جديدة ينتظر منها المواطن الكثير رغم مخاوفه المستمرة من أن يطولها ما طال سابقاتها من اتهامات، علما بأن الأحزاب المعلن عن تأسيسها حتي الآن تجاوز الثلاثة عشر حزبا كان آخرها حزب الحرية والعدالة الذي أعلنت عنه جماعة الإخوان المسلمين.
عدد الأحزاب الجديدة وبدون أدني شك جعل الخوف يدب في نفوس قادة الأحزاب القديمة، وهذا تحديدا ما جعلها تسعي وتبذل جهودا مكثفة إلي تغيير جلدها حتي لا تغرق وسط طوفان الأحزاب الجديدة التي بدأت ملامحها تتحدد بعد سقوط نظام مبارك.
والسؤال الآن الذي يشغل الناس ويتكرر كثيرا في أحاديثهم: هل ستكون وظيفة هذه الأحزاب الأساسية التهليل للحاكم الجديد من خلال مجلس الشعب المنتظر أو من خلال جرائدها؟ لأنه وبدون أدني حرج الأحزاب السياسية والقائمة بالفعل تعد أحزابا جديدة لا تغني ولا تسمن من جوع ومعظمها غير معروف للجماهير التي تعزف بدورها عن المشاركة في الحياة السياسية بفعل التخوف الشديد من الخوض في السياسة التي تعد من المحرمات بسبب ما يلاقيه من يخوضها من مشاكل أقلها وجوده في السجن، ولهذا اقتصر العمل في السياسة علي النخبة التي كان النظام يختارها بنفسه في وقت سابق لتكوين شكل ديمقراطي في البلاد ليظهر به أمام الرأي العام العالمي، وهو ما أدي في النهاية إلي فشل جميع الأحزاب وانفراد حزب مثل الحزب الوطني بالبلاد ليفعل فيها ما يشاء في الوقت الذي فشلت فيه الأحزاب الأخري في تأسيس قاعدة جماهيرية لها في الشارع.
الأمر الذي يجب أن ندرسه ونطرحه للنقاش الآن وليس غدا هو: هل الأحزاب القائمة بالفعل تناسب المرحلة الجديدة التي تمر بها مصر بعد ثورة 25 يناير؟.
الحقيقة المؤكدة أن أغلب الأحزاب التي حصلت علي موافقة لجنة الأحزاب من قبل لم يتعد دورها إصدار جريدة، ولم يكن لها وجود في الشارع.. بل أكاد أجزم أن هذا الوجود انتهي حاليا بعد أن قررت الحكومة ألا تقدم أي دعم مالي للأحزاب، وبالتالي فإن هذه الأحزاب لن تستمر وستبقي فقط الأحزاب ذات المرجعية بين الناس، هذا بخلاف بعض الأحزاب التي استطاعت أن تطور من برامجها وأهدافها لتتناسب مع ما يحدث في مصر حاليا، وهذا ما يجعلها تقف أمام مسئولية قومية أمام المواطن بعد أن كان هناك حزب مجرد وجوده يعد وبالا علي مصر والمصريين وسيطر علي مجلس الشعب بشكل فج من خلال التزوير وظهر هذا جليا في الانتخابات الأخيرة، وعندما شعر المسئولون عنه بمدي الجرم الذي ارتكبوه في حق البلد حاولوا استرضاء البعض من رموز المعارضة لدخول جولة الإعادة مع وعدهم لهم بضمان فوزهم ليبدو الشكل جيدا أمام الرأي العام العالمي، وهذا ما رفضه أبناء مصر الشرفاء، ولولا رفضهم هذا ما كشفهم العالم علي حقيقتهم.. والحمد لله أن هؤلاء الرموز مازالوا أحياء يرزقون، وسيأتي اليوم الذي سيذكرون فيه حقيقة هذا الدور المشبوه الذي قام به بعض رموز هذا الحزب الفاشل. هذا الدور وهذا التزوير هو ما أدي إلي مزيد من الاحتقان الداخلي الذي انفجر في النهاية وأتي لنا بثورة 25 يناير التي نأمل منها الكثير.
ولكن وضع الأحزاب قبل الثورة أو وضعها بعد الثورة، وعقب ظهور العديد من التيارات الدينية التي تدعو إلي تأسيس أحزاب تعتمد علي مرجعية دينية بعضها يستمد أفكاره وبرامجه، بل وتمويله من خارج البلاد جعل الأحزاب الأخري سواء كانت قائمة بالفعل أو جديدة أو حتي تحت التأسيس تصرخ وبأعلي صوتها مطالبة بالتأجيل حتي لا ينفرد بهم الإخوان وحزبهم «الحرية والعدالة» أو الأحزاب الأخري ذات المرجعية الدينية بالساحة السياسية، لتنظيم الصفوف وإثبات الذات واستعادة الشارع الذي ضاع منهم بفعل فاعل وبعد أن كان بإمكانهم أن يصنعوا لأنفسهم ولوطنهم الكثير، ولكنهم آثروا السلامة «أتكلم هنا تحديدا عن الأحزاب القديمة» بعد أن أهملوا المواطن المصري الذي بدوره أهملهم،وعندما أرادوا أن يستعيدوه ليقف إلي جانبهم وأصبحوا في احتياج إليه لم يجدوه، ولن يجدوه إلا إذا سارعوا وبحثوا عن أفضل الطرق لاستعادته ليكون داعما لهم ولحياة سياسية سليمة تعتمد علي الديمقراطية والمواطنة.. وإلا لن تخرجوا من نفس العباءة التي سبق أن ألبسكم إياها الحزب الوطني من قبل.. ووقتها لن ينفع معكم أي شيء بعد ذلك فإما أن تكونوا أو لا تكونوا.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.