الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
وزارة فاروق حسني وثقافة علي بابا

وزارة فاروق حسني وثقافة علي بابا




محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 28 - 08 - 2010



دهب.. مرجان.. ياقوت.. أحمدك يا رب.. هذا ما قاله علي بابا في القصة الشعبية علي بابا والأربعين حرامي والتي بدأت بأفتح يا سمسم وانتهت نهاية سعيدة بحصول علي بابا علي الثروة والقضاء علي عصابة الأربعين حرامي.

أما المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام فقد قال: إهمال وتسيب وفشل في تطبيق الإجراءات الأمنية التي سبق أن طلبتها النيابة من قبل في تأمين المتاحف المصرية، بعد حادثة سرقة تسع لوحات فنية من متحف محمد علي والتي انتهت بحادث السرقة الأخير للوحة «زهرة الخشخاش» للفنان العالمي «فان جوخ»..
ولكني أجزم بأنها لم ولن تكون الأولي أو الأخيرة في متاحفنا مادام مسئولو وزارة الثقافة قد تفرغوا لكل ما ليس له علاقة بالثقافة أو الآثار، وبعد أن انحصر دورهم في إقامة مهرجانات والإشراف عليها سواء كانت للمسرح أو للسينما أو للرقص أو للسمبوزيوم وخلافه من أنواع الثقافة والفنون والآداب التي لا نمانع في إقامتها، وإن كنا نمانع في صرف حوافز ومكافآت هذه المهرجانات للسادة الجالسين علي المكاتب في شجرة الدر والأوبرا الذين لا هم لهم سوي الحصول علي أكبر كسب من عائد الثقافة والمثقفين، متناسين دورهم الأساسي المكلفين به.
السطور السابقة والتالية ليس بها أي تحامل أو تجاوز علي هؤلاء السادة، ودليلي علي ذلك ما قاله نائب عام مصر الذي حصر مع رجاله كم الإهمال والتسيب وعدم الإحساس بالمسئولية والتي كان من نتيجتها سرقة زهرة الخشخاش للمرة الثانية، فمن كاميرات معطلة وصل عددها إلي ثلاثة وأربعين كاميرا لا يعمل منها سوي سبعة فقط.
«الحجرة التي كانت تضم اللوحة المسروقة بها كاميراتان دخلت الصيانة منذ سنتين ولم يتم إصلاحهما حتي الآن بالإضافة إلي ضعف الحراسة والرقابة» وهذا ما أكده سائحان إسبانيان في التحقيقات، علماً بأن هناك شركة أمن خاصة تتولي أعمال الحراسة غير أمن المتحف والشرطة النظامية، هذا بخلاف تسويد كشوف الجرد علي الورق فقط، وتعطل أجهزة الإنذار ضد الحرائق والمعادن، وما خفي كان أعظم، وكلها أمور تثبت ما ذكرته النيابة.
ولكن الأمر الذي يدعو للضحك وليس البكاء أن رئيس البيت الفني التابع له المتحف أكد في التحقيقات أنه طلب 40 مليون جنيه لتطوير المتحف وباقي المتاحف التابعة له، وبالطبع لم يعره أحد من مسئولي شجرة الدر أي انتباه.. في الوقت الذي خرج علينا فيه وزير الثقافة بتصريحات مفادها أنه طلب من محسن شعلان - رئيس البيت الفني - ضرورة تطوير المتحف منذ ستة أشهر ولكنه لم يتحرك، وكأن محسن شعلان صديق للوزير وليس مرؤوساً عنده.
طلب ال 40 مليون جنيه لم يجد صدي جيداً لدي مسئولي التخطيط في الوزارة، وبالأصح لدي الرجل القوي في الوزارة، وهو بالمناسبة الكل في الكل، ولا يستطيع أحد أن يعارضه، وإلا كان مصيره الاستبعاد أو التضييق عليه وعدم تنفيذ طلباته من قبل حواريي هذا المسئول.. «استقالة الفنان توفيق عبدالحميد عن رئاسة قطاع البيت الفني للمسرح ليست ببعيدة وهذا بالضبط ما جعل د. محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية يؤكد في التحقيقات أن معه جميع المستندات التي تثبت أن طلبه ميزانية لتطوير المتحف تم رفضه ..«وكأنه يقول لمن يريدون تحميله المسئولية وحده علي وعلي أعدائي».. علماً بأنه يمتلك اختصاصات وزير، ولكن هل هذه الاختصاصات يوافق عليها الرجل القوي.
وعلي الرغم من كثرة المسئولين في وزارة الثقافة سواء كانوا من داخلها أو منتدبين للعمل فيها، فإن المصائب مازالت تتوالي علي الثقافة وليست علي السادة المسئولين في الوزارة.
فبالأمس القريب وبعد تطوير المسرح القومي والقضاء علي مشكلة المياه سواء المتساقطة من القبة أو التي تظهر فجأة من تحت الأرض بفعل المياه الجوفية الناتجة عن بركة الأزبكية قديماً وبعد تأمين المسرح بجميع سبل الوقاية والحماية ناهيك عن وجود مطافئ العتبة أمامه، إلا أن كل هذا لم يشفع لهذا الصرح الثقافي فتعرض المسرح لحريق مدمر أتي علي كل شيء، قيل إنه ناتج عن شرارة أثناء إجراء أعمال الصيانة وسواء كانت هذه الشرارة عن قصد أو بدون قصد أو عن طريق الإهمال إلا أن الحريق قد وقع وأغلق المسرح وإلي الآن مازالت أعمال البناء والتطوير مستمرة ولا يعلم أحد متي سيتم افتتاح المسرح.. المهم أنه تم تسديد خانة الجاني عن طريق التضحية بأحد الموظفين الصغار وكفي الله مسئولي شجرة الدر القتال «أقصد الحريق». نفس الأمر حدث في حريق بيت الثقافة ببني سويف وكان الضحية أيضاً صغار الموظفين لأنه لابد من تقديم متهم.. المهم الابتعاد عن الكبار.. «بالمناسبة بعض صغار موظفي بيت ثقافة بني سويف مازالوا في السجن، ويتلقي ذووهم المساعدات من بعض أهل الخير».
الغريب أنه بعد كل حريق أو حادثة سرقة يخرج علينا السادة الكبار بتصريحات عن تنفيذ خطة شاملة لتأمين وتطوير المنشآت الثقافية في مصر.. لدرجة وصل معها الأمر في هذه التصريحات إلي أن «الستارة البريمو» في المسارح أصبحت مقاومة للحريق، وهذا ما ثبت فشله في حريق المسرح القومي! كما أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً، فمن سرقة في متحف محمد علي إلي سرقة في متحف محمود خليل، ومن حريق في بيت ثقافة بني سويف راح ضحيته 50 شخصاً إلي حريق المسرح القومي، ومازال العرض مستمراً ولا حياة لمن تنادي.
هذا غير أمور أخري وإن كانت بعيدة عن مسلسل السرقة والحرائق إلا أنها تبين حقيقة وكيفية إدارة الأمور داخل الوزارة.. فها هو مسئول كبير في قطاع مهم حرر ضده محضر في الشرطة لتحرشه بموظفة تعمل تحت رئاسته، وعندما وصل الأمر إلي أسماع الرجل القوي في شجرة الدر عمل أذناً من طين وأخري من عجين، واستمر السيد المتحرش في منصبه بعد أن تم الضغط علي السيدة حتي تتنازل عن بلاغها.. المثير في هذه الحكاية أن الرجل القوي في الوزارة والذي لا يحق له الإمضاء علي أي قرار وقف بجانب المتحرش إياه ومازال يسانده حتي الآن.
وهذه مسئولة أخري كتب ضدها العديد من الاستغاثات في الجرائد نظراً لطريقة إدارتها في صرح ثقافي هام، إلا أنها لا تعير مثل هذه الأمور أي اهتمام لأنها أيضاً مسنودة من الرجل اياه الذي يدير كل شيء في الوزارة.. هذا غير ما تفعله في صرف المكافآت والحوافز وفق هواها وتجزل العطاء لمن لا يعمل وتحرم من يعمل.
وهذا مسئول آخر متهم بالتكويش علي كل شيء بعد أن تفرغ لتنفيذ ما يراه الرجل القوي عن طريق أتباعه الذين ينقلون له كل صغيرة وكبيرة في قطاعه وفي القطاعات الأخري.. ولا عزاء لأي شيء آخر.
من أجل كل هذا وذاك نطالب السادة المسئولين في شجرة الدر والأوبرا بأن يرحمونا، وقبل أن يرحمونا يرحموا أنفسهم لأن ما فعلوه بنا وبالثقافة فوق الاحتمال، وأدعوهم من الآن بضرورة تحديد كبش الفداء الجديد شريطة أن يكون من صغار الموظفين للمصيبة المقبلة حتي ولو تم القبض علي سارق لوحة زهرة الخشخاش.