الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لا هو «عبدالله البغدادى» ولا هو «بشار الأسد»

لا هو «عبدالله البغدادى» ولا هو «بشار الأسد»


انتكس المثقفون والفنانون المصريون مرتين وخسروا معارك صغيرة وسهلة وواضحة ومضمونة وأسقطوا رايتهم تحت أرجلهم وساروا فوقها غير عابئين.. تلك الراية التى كانوا قد رفعوها من قبل خفاقة وقادوا بها الناس إلى أول طريق 30 يونيو أيام معركتهم الأشهر والأصعب والأكبر مع وزير ثقافة «الإخوان» أيام احتلالهم لمصر عاما كاملا أسود!

خسارة الفنان والمثقف المصرى فى معركته الأولى مع العتمة والإظلام أثناء منع برنامج «الراقصة» من إحدى الفضائيات مع أن كل الفنانات الكبار - غير الراقصات - قد رقصن فى أفلامهن إلا أن واحدة منهن لم تعترض أو تشجب أو تدافع عن قيمة وأهمية حركة الجسد فى التعبير عن نزعات ومكامن وأسرار الروح.. والتأكيد على أن الرقص سواء كان رقصا شعبيا أو بلديا ليس ابتذالا، بل فن وصلاة فى بعض الديانات الأرضية القديمة منقوش على جدران معابدنا الفرعونية العريقة، كما أنه ليس سوى ترجمة للبهجة وألق الروح وانسجامها.. نعم، صمت المثقف والفنان المصرى الذى انتفض ضد القمع والقهر والكبت وضد تسليم مفاتيح الأديان إلى جماعات إرهابية، سرقت وصادرت أدوار الله وأحكامه ومنحتها لنفسها وأساءت إلى سماحته وعدله - الهاء هنا تعود إلى الله ودينه - ومع أن الثورات تقوم من أجل الحرية إلا أن الفنانين والمثقفين لم يدافعوا عن حريتهم وتراثهم الفنى والثقافى سواء كان ذلك تمثيلا أو غناء أو رقصا أو نحتا وتصويرا.. ومن بدأ الحرب ضد الرقص سوف ينتهى بالكتاب والفكرة.
أما المعركة الثانية التى خسر فيها الفنان والمثقف المصرى بجدارة فهى منع المبدع السورى - الروائى والمخرج - من دخول مصر لحضور فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائى فى دورته القائمة أعمالها الآن مع أن له فيلما مهما كان من المفترض أن يعرض ويحصد جوائز اسمه «سلم إلى دمشق» لم يصدر الفنانون بيانا استنكاريا أو استفهاميا ضد مصادرة «محمد ملص»! محمد ملص ليس داعشيا ولا قاعديا ولا إخوانيا ولا سلفيا ولا إسرائيليا ولا قاتلا متسلسلا ولا تاجر مخدرات ولا جاسوسا قطريا أو تركيا ولا ينتمى لحاشية بشار الأسد.. لكنه ينتمى للإنسان السورى المقهور المهمش والثائر الرومانسى.. محمد ملص هو الروائى وهو أحد كبار مبدعى الفن السابع فى العالم العربى وحصد العديد من الجوائز العالمية فى أهم مهرجانات السينما فى العالم أجمع.. ولأن الفنان لا يعمل لدى السلطة، ولأن الفن لا يخدم الأجهزة الأمنية، بل هو تحقيق فى آفاق الفكر والروح، فكان يجب على وزير الثقافة والمثقف المصرى جابر عصفور أن يجيب عن كل هذه التساؤلات وأن يقود اعتراضا ضد منع دخول محمد ملص للمرة الثانية، المرة الأولى تم منعه منذ 3 أشهر لحضور مهرجان الإسماعيلية التسجيلى، من دخول بلده الثانى مصر وهو الذى جاء حاملا فيلما وليس كلاشينكوف! وهو المؤيد لانتفاضات الشعوب وحقها فى تحديد مصيرها وهو الذى يكره سياسات إسرائيل وأمريكا تجاه شعوبنا.
سوف يخسر المثقف والفنان المصرى كثيرا من مساحة أرض كان قد اكتسبها بطلوع الروح حين تخاذل عن خوض معاركه الحقيقية ضد القمع والتسلط واعتبر أن معركته الوحيدة كانت ضد جماعة الإخوان المسلمين.