
طارق الشناوي
خدعوك فقالوا.. إنها «نظرية المؤامرة»
يحلو للبعض إشاعة نظرية المؤامرة، كل ما يجرى فى ربوع مصر يراه البعض كذلك، بدءا من ثورة 52 يناير وصولا إلى مسلسلات رمضان، وهو أمر لو استسلمنا له فلن نستطيع التقدم خطوة واحدة للأمام، لأننا لا نفترض أبدا احتمال حسن النية، وسوف نكتفى هذه المرة بالإطلالة الفنية للصورة لما يطلقون عليه مؤامرة، ستلاحظ عزيزى القارئ أن من يتبنى تلك الفكرة يبدأ استدلاله بهذه العبارة التى صارت ''كليشية «فيقول» لم أكن ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة حتى شاهدت مسلسلات رمضان أو تابعت أفلام العيد فتأكدت أنها المؤامرة ولا شىء غير المؤامرة.
لديك مثلا مسلسل «سرايا عابدين» من إنتاج «M.B.C» والكاتبة كويتية هبة مشارى والعمل الفنى ملىء بالأخطاء التاريخية، لكن ألم تلاحظوا أن المخرج مصرى عمرو عرفة والأبطال أغلبهم مصريون، بل إن أكثر من تتولى الدفاع عن المسلسل فى كل أجهزة الإعلام هى يسرا، الحالة الدرامية افتقدت الجاذبية والمخرج قدم شاشة بليدة ولا يشفع له «التتر» الذى يشير إلى أنها مستوحاة من أحداث حقيقية، لأن البناء الدرامى الخيالى ينبغى إقامته على أساس تاريخى موثق، افتقدت فى هذا المسلسل الصدق الفنى وليس فقط الصدق التاريخى، مسلسل متواضع وتعبير متواضع هو وصف مهذب جدا لما رأيته على الشاشة الصغيرة من تشويه للتاريخ وتراجع للقيمة الفنية.
لو انتقلت مثلا إلى «صديق العمر» الإنتاج بأموال مصرية والكاتب مصرى والمخرج مصرى فمن الذى يتآمر إذن؟ البطل جمال سليمان وافق على الدور لأنه أراد أن يتحدى فخسر الرهان.
قال لى مخرج المسلسل عثمان أبولبن إنه عرض الدور على خمسة من النجوم المصريين ورفضوه جميعا خوفا من المقارنة بأحمد زكى، بينما جمال سليمان هو الوحيد الذى وافق وتحمس وامتلك الشجاعة، لم أستوعب حقيقة ما علاقة الفن بهذ النوع من الشجاعة، هناك العديد من المحاذير كان ينبغى أن يتنبه لها سليمان، بالمناسبة ليس من بينها على الإطلاق أن أحمد زكى أدى دور جمال عبدالناصر قبل 81 عاما فى الفيلم الشهير «ناصر 65»، لا أزال أرى أنه من الممكن أن يأتى من يؤدى الشخصية أفضل سواء كان مصريا أم سوريا، لو وجد المخرج والسيناريو وكان صالحا للدور وهو ما افتقدته تماما مع جمال سليمان.
اختلف كما يحلو لك مع مسلسل هند صبرى الأخير «إمبراطورية مين» أنا أراه يتناقض تماما فكريا وسياسيا وفنيا مع قناعاتى، ولكن هذا الخلاف يكفى أن تعبر عنه فى مقال ولا يصل الأمر إلى أن نقرأ العديد من الاتهامات تنهال على هند من نوعية أنها تهين المرأة المصرية، أو كان الأولى بها أن تنتقد المرأة التونسية!!
وبعيدا عن أن هند تحمل أيضا الجنسية المصرية وزوجها وابنتيها مصريون وهى وفى كل أحاديثها تعلن اعتزازها ببلدها تونس ووطنها الثانى مصر، إلا أن السؤال لماذا كل هذا التوجس والتحامل، نحن بصدد عمل فنى نختلف معه ولكننا لا نتشكك فى نوايا من تحمس له.
لم تخطئ الكاتبة هبة مشارى لأنها كويتية تتناول التاريخ المصرى ولكن لأنها استسهلت ولم تأخذ الأمر بالجدية المطلوبة، ولم يتلعثم جمال سليمان فى أداء دور ناصر لأنه سورى لكن لأن كل محاولاته فى ضبط اللهجة القاهرية من قبل باءت بالفشل، بينما أخطأت هند صبرى لأنها اختارت فى توقيت نفسى شائك أن تنتقد ثورة 52 يناير.
لو سألتنى من هى أكثر فنانة تقنعك بأداء دور الفتاة أو السيدة أو بنت البلد المصرية؟ لقلت بدون تردد إنها التونسية المصرية هند صبرى، وفى كل الأحوال حتى لو كان لكم رأى آخر فلا يمكن أن نُطلق على كل ما شاهدناه مؤامرة.