الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إنهم يريدون دراما «الكارت بوستال»!!

إنهم يريدون دراما «الكارت بوستال»!!


 
 الذى احتل الجزء الأكبر من المائدة الدرامية هى المسلسلات التى تناولت الكثير مما هو مسكوت عنه، قطاع وافر من المشاهدين اعتبروها تحمل تجاوزا أو فى الحدود الدنيا لا يجوز أن يُسمح بتداولها فى رمضان، والبعض اعتبرها أنها تحاول أن تقفز فوق سور الممنوعات لتصل إلى ما يجرى فى المجتمع ولكننا فى العادة نتغافل عنه ونعتبر أن إلقاء الضوء عليه يحمل إدانة أخلاقية لنا، وهكذا تفرقت السبل وتناقضت زوايا الرؤية.
 
 ويبقى السؤال الذى يتردد هل من الممكن أن نصل إلى منطقة آمنة لا نجد فيها هذا التناحر بين صوت يناضل من أجل حماية حرية الإبداع ويعتبره خطا أحمر وصوت بدأ يعلو فى السنوات الأخيرة مطالبا بحماية المجتمع من شطحات الفن والفنانين ويرى أن الخطر الحقيقى الذى يهدد المجتمع يأتى ممن يرون أن تلك الحرية خط أحمر وعليهم لإصلاح المجتمع أن يبدأوا باختراق هذا الخط.
 
هناك مطالبة فى أكثر من بيان ومؤسسة ومجالس قومية تحث الدولة على ضرورة أن تلعب الدور الأبوى فى أن تختار ما يجوز لتعرضه وتمنع ما ترى أن به تجاوزا وتصادره، هل لا نزال نعيش فى زمن يمنح الدولة إمكانية السيطرة بالمنع أم أنها لا تستطيع سوى فقط أن تواجه ما تراه رديئا بدعم ما تشعر بأنه جيد وعليها أن تُسهم فى تهيئة المناخ الصحى لتقديم دعم للفن الجيد وهو ما يُسهم فى تمرير الرسائل التى تريد إيصالها للمجتمع.
 
البعض يرنو إلى فن أقرب إلى «الكارت بوستال» الذى يُجمل الحياة ويمنح الواقع ألقا كاذبا بإبعاد كل ما هو ردىء، وكأن غض الطرف عن قُبح الحياة يجعل الواقع جميلا وكأن معركتنا انطلقت من محاربة الواقع الردىء إلى مطاردة الفن الذى يقدم هذه الرداءة.
 
صرنا بالفعل نواجه هذا السؤال عن مستوى الدراما ونتوقف أمام بعض الألفاظ والمواقف الدرامية التى نرى فيها بيت دعارة أو قوادًا ونعتبر أنها تحمل تجاوزا وفى نفس الوقت يشعرون أنه لا يليق بالشهر الكريم، وهكذا أرى القضية على الجانبين مجتمعًا غاضبًا ويحمل الفن الرداءة والغضب ازداد ترديده عند نهاية الحلقات، لو تأملت الموقف ستجد أننا فى تاريخ الدراما كله لا نقدم الشخصيات الإيجابية إلا فيما ندر وأن الشخصية السلبية هى التى تحتل المساحة الأكبر مصريا وعالميا ومن البديهى أن يتكرر هذا الأمر فى الدراما المصرية القاتل والمنحرف والنصاب شخصيات لها جاذبيتها الدرامية.
 
يوما ما سألت مخرج الروائع حسن الإمام والذى اشتهر بتقديم أشهر وأنجح الأفلام الجماهيرية وأيضا كان يقدم حياة الراقصات فى أفلام مثل بديعة مصابنى وببا عز الدين وامتثال زكى وغيرهن   لماذا لا أرى فى رصيدك أفلاما عن هدى شعراوى وسيزانبراوى وسميرة موسى وغيرهن؟ أجابنى هل فى حياة هدى شعراوى نكتة أو رقصة   أو غنوة، ربما الأمر ليس بهذه البساطة التى عبر بها حسن الإمام ولكن لاشك أن القسط الأكبر من مسلسلات رمضان توقفت عند العالم المتوحش والمنفلت والغوغائى.
 
 لى تحفظات فنية على العديد من المسلسلات فى الإسهاب فى تقديم بعض تلك المشاهد ليست من زاوية أخلاقية كما يرى البعض ولكن برؤية فنية تستند إلى علم الجمال ونقيضه القبح، نعم هناك ما يمكن أن نطلق عليه إسرافا أو مشاهد مجانية ولكن الطريق إلى تناولها يأتى فقط من خلال تقديم مقال نقدى عنها وليس باستخدام قوة الدولة فى المصادرة كما يحلو كثيرا للبعض، لم يعد من الممكن أن نشرع هذا السلاح الذى انتهى عمره الافتراضى منذ زمن ولكن علينا أن نسعى لكى نزيد وعى الناس وأن يرى الفن الجيد الذى يملك فقط إزاحة الردىء وبالمناسبة، ليس المقصود بالجيد هو الخالى من أى مشاهد جريئة ولا الردىء هو الذى يتضمنها.
 
هناك ضرورات درامية هى التى تقضى بذلك لا نريد فنا مما يطلقون عليه معقما أو نظيفا ولكن فنًا نرى فيه الحياة بحلوها ومرها وتوحشها ونبلها.