الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
سُمعة مصر وسُمعة المغرب!!

سُمعة مصر وسُمعة المغرب!!


  قبل رمضان مباشرة كنت فى زيارة للمملكة المغربية وهالنى هذا المزاج الفنى الخاص الذى يعيش على شاطئ الأغانى المصرية الطربية، أم كلثوم كالعادة تأتى فى المقدمة صوتها لايزال حاضرا فى التاكسى والبيت والشارع.
 
تفجرت الثورة العارمة عبر وسائط التواصل الاجتماعى ولا أتصوره بالمناسبة غضبا فقط مغربيا بل العديد من المصريين والعرب عندما استمعوا إلى تلك الانتهاكات العشوائية التى أعلنتها المذيعة أمانى الخياط فى «أون تى فى» ضد الشعب والمملكة المغربية اشتعلوا غضبا.
 
تم الاعتذار بعدها بساعات وظلت المذيعة تؤكد حبها لكل ما هو مغربى وأنها لم تقصد أبدا إهانة أحد وأنها زلة لسان، هل يكفى فقط الاعتذار عن تلك الجريمة التى تجاوزت كل الحدود؟ فهى لا تنتقد عملا فنيا ولا موقفا سياسيا ولكن شعب له كل المحبة والتقدير والاعتزاز فى قلوب كل شعوب العالم، فما بالكم بالشعب العربى والمصريين جميعا الذين تربطهم علاقات تاريخية مع المغرب ضاربة فى العمق، سواء من كان منهم قد زار المملكة كثيرا مثل كاتب هذه السطور أو يحتفظ فى ذاكرته الجماعية بمحبة خاصة لهذا الشعب الذى يفيض بالعراقة والحضارة والرقى، لم تتخل يوما المملكة عن مواقفها الإيجابية تجاه القضايا العربية ولا حقوق الشعب الفلسطينى.
 
لا أدرى أساسا ما الذى يمنح الآن مقدمى برامج «التوك شو» الحق فى أن ينظر إلى الكاميرا متنمرا ويبدأ فى توجيه الانتقادات إلى الأشخاص الذين يختلف معهم وينتقل وبدون حتى أن يلتقط أنفاسه إلى البلدان الشقيقة وغير الشقيقة، ويوسعها هجوما، كل ذلك وهو يعتقد أنه يخدم بلده ويحقق أيضا بنطا لدى السلطة السياسية، لقد سبق لإحدى المذيعات فى قناة أخرى أن تطاولت على سفير إثيوبيا بالقاهرة، فى وقت تحاول فيه مصر رأب الصدع فى عمقها الإفريقى الجنوبى، بينما المذيعة تعتقد أنها فى خناقة فى حارة شعبية، المطلوب هو توجيه ضربات تحت الحزام وفرش الملاية فأغلقت السماعة فى وجهه.
 
 هناك ولاشك جهل بأبجديات الإعلام، العديد من أساسيات المهنة يتم اختراقها، مقدم البرامج صار يراهن على نجوميته ويعتقد أن الطريق لتحقيقها هو استخدام الصوت العالى والذى يصل إلى حدود الصراخ، وهكذا صار أغلبهم يؤدى «مونولوج» طويلا يستضيف فيه نفسه ولصالح نفسه، وذلك بدلا من تقديم «ديالوج» يجريه مع الضيف، المذيع الذى يتحدث باستفاضة عن كرة القدم وهزيمة الأهلى أو الزمالك، لا يكتفى بهذا القدر بل ينتقل مباشرة إلى نقد مسلسل عادل إمام، وفى المسافة بين كرة القدم ومسلسلات رمضان وحتى تُصيح المائدة حافلة بما لذ وطاب يعرج أيضا على الشأن السياسى ويدلى بدلوه فى المستجدات الاستراتيجية، ما هى معلومات المذيع ولا أقول قراءاته؟ لا شىء، هو فقط يحدد موقفه طبقا لما يعتقد أن المحطة الفضائية التى يعمل لديها تتبناه والسلطة الحاكمة تريده.
 
عانينا فى السنوات الأخيرة كثيرا من هذا الانفلات، مثلا قبل نحو 5 سنوات بعد معركة مباراة «أم درمان» فى كرة القدم بين مصر والجزائر، اكتشفنا أن الإعلام يعتقد أن هناك حربا بين البلدين الشقيقين وأن اللحظة قد حانت   للاقتحام، وهكذا لم يكتف المذيعون فقط بالوقوف عند حدود التراشق اللفظى بل وجدنا عددا من النجوم المصريين بسذاجة أعادوا الجوائز التى حصلوا عليها فى المهرجانات إلى السفارة الجزائرية بالقاهرة، ولم يتوقف قطار المزايدات إلا عندما ذهب الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك إلى الجزائر والتقى الرئيس بوتفليقة فى هذه اللحظة فقط عادوا يهتفون بحب الجزائر.
 
يعيش الإعلام حالة من التخبط وصار يلعب بالكبريت، يثير القتنة بين الشعوب ويشعل النيران بين الأشقاء، عدد من مقدمى البرامج فى حاجة إلى تلقى دروس مكثفة لمحو الأمية الثقافية والسياسية، وأزيدكم من الشعر بيتا والفنية وأيضا الكُروية.
أنها جريمة لا يكفى فيها الاعتذار، الجريمة ينبغى أن يعقبها عقاب، ليس من أجل سمعة المغرب ولكن سُمعة مصر، نعم الدولة رسميا أرسلت أكثر من اعتذار وشعبيا هناك استهجان عبر مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أنه لا يزال رهانى على أن جبل المشاعر الإيجابية بين مصر والمغرب لا يمكن أن تهزه ريح!!