الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
جرائم التحرش نتيجة طبيعية للثقافة الذكورية

جرائم التحرش نتيجة طبيعية للثقافة الذكورية


 
حينما أقابل رجلا «حرا»، فى مجتمعاتنا، أتساءل كيف استطاع الهروب، من المعتقلات الذكورية؟ وكيف وهو الجنس «المدلل»، يرفض الامتيازات، التى تغدقها عليه، الثقافة الذكورية؟
 
إن الرجل الحر، نادر، ندرة المطر فى مواسم الصيف. وندرة الفصاحة، فى بلاد مقطوعة الألسنة.
 
يمكننى ملء مجلدات، عن تواضع الرجل الحر.. عن دماثة الرجل الحر.. عن نزاهة الرجل الحر.. عن استنارة الرجل الحر... عن نبل الرجل الحر.. عن فضائل الرجل الحر.
لكننى ألخص جوهره، فى أنه لا يقبل أن يسيطر عليه أحد. وبالدرجة نفسها، لا يقبل أن يسيطر على أحد.
 
حسب مفهومى هذا للحرية، لا يهمنى، أن يكون الرجل فقيرا، أو معدما. لا يهمنى إن كان لا يعرف القراءة، والكتابة. ويجهل أحداث التاريخ، وحدود الجغرافيا، وقوانين الطبيعة. لا يهمنى، إن لم يعرف لغات أجنبية، ولا يتعطر بالعطور الباريسية ولا يقتنى السجاجيد الفارسية. لا يهمنى، إن كان عاجزا جنسيا، مع النساء. أو عاجزا، عن التعامل، مع الآلات، والإنترنت، والأقمار الصناعية. لا يهمنى إن كان له نفوذ، وكادر وظيفى، «يتمرغ»، فى ترابه. أو كان على باب الله، يعيش يوما بيوم. لا يهمنى إن كان مثقفا، أو مولعا بالشعر، والروايات، أو مُحبا للأفلام، واللوحات، والموسيقى. لا يهمنى لو أبوه ملك الملوك، أو متسكع صعلوك. لا يهمنى، لو أمه رئيسة دولة، أو رئيسة وزارة، أو رئيسة عصابة، أو رئيسة رابطة الفجل.
 
الرجل الحر، لا يحتاج إلى تعليم، ومواعظ، وشهادات، وتدريب. «الحرية» هى الموهبة العظمى، التى تتيح كل أنواع التعليم. هى الجامعة الموسوعية المجانية، التى تمنح أرقى الشهادات. وهى أبرع «ورشة»، للتدريب على الإنسانية. «الحرية»، هى الثقافة الحقيقية. هى العلم الحقيقى. هى الفن الحقيقى. هى المتعة الحقيقية. «الحرية»، الفضيلة الكبرى. بل هى أم الفضائل ، وهى الينبوع الأصل، الذى تتفرع منه جميع الأخلاق النبيلة. هى أرفع تاج، يكرم الرجال، الأحرار.
 
الرجل الحر يسبح ضد التيار الذكورى. واستطاع أن يغلب إنسانيته، وإحساسه بالعدالة، على إغراء الهدايا المجانية، فى المجتمع الذكورى. يعلم الرجل الحر أن هذه الهدايا رشوة لإسكات ضميره العادل. وهو يُفضح ثقافة تحترمه، وتميزه، لمجرد أنه «ذكر». وينفر من امتيازات أخلاقية لا يستحقها، إلا على أساس تافه، مضحك، ساذج، يسمونه «التشريح البيولوجى».
 
إن المرأة الحرة، مصدر إحراج للثقافة الذكورية. لكن الرجل الحر، الفاضح، لظلم الثقافة الذكورية هو مصدر لإحراج أشد. فهى تتساءل فى حيرة: كيف تعطيه كل ما لذ وطاب من «الرخص»، الأخلاقية ، ثم ينقلب ضدها؟ لماذا يثور على ثقافة تعامله كأنه «إله»؟ لماذا يحارب فكرا، يمنحه، حق الطاعة العمياء ، والتسلط، والوصاية وكرباج الضرب، والحظر، وحق قتل إناث العائلة، دفاعا عن شرفه ؟ لماذا يتمرد على أنظمة تسهل له، استباحة المرأة، نفسيا، وجسديا؟ باعتبارها قطعة، من «اللحم»، تقع فى نطاق ملكيته الخاصة. وعليها أن تكون جاهزة دائما، مستعدة دائما، لإفراغ شهواته الجنسية.
 
إن جرائم التحرش، بكل مستوياتها، نتيجة طبيعية، للأخلاق التى تحكم الثقافة الذكورية. سوف تستمر هذه الجرائم، إذا لم نبدأ فورا بإبادة، وإعدام، الفكر الذكورى، فى البيت، والدولة، والقوانين، والإعلام، والثقافة، والفنون، والخطاب الدينى.
 
أناشد الفئة القليلة، النادرة، من رجال مصر الأحرار، والذين أنجبتهم أمهات أحرار، يندر وجودهن أيضا. أناشدهم بالتكتل، والاتحاد. وتكوين جبهة «رجال أحرار ضد الذكورية». ستكون مهمتها تعرية الفساد الأخلاقى، الذى أسس لقيام الدولة الذكورية، ونظام الحكم الأبوى. ومتابعة سريان هذا الفساد الأخلاقى، فى الحياة الخاصة و العامة، فى البيت، وفى الدولة، تحت سقف حجرات النوم، وتحت سقف البرلمان، وجميع المؤسسات.
 
سوف تعمل جبهة «رجال أحرار ضد الذكورية» على توعية النساء، والرجال، بمدى الانحطاط الأخلاقى، الذى ينخر فى عظام الفكر الذكورى، منذ آلاف السنوات.
 
وكيف أن الثورة على الاستبداد السياسى، وعلى الاستبداد الدينى، لا تكتمل دون الثورة على الاستبداد الذكورى. وكيف أن أى تفرقة بين البشر، يخدم بعضها بعضا.
 
سيعلن الرجال الأحرار، عن رفضهم التام لكل أشكال الانتهاكات الممارَسة ضد المرأة، منذ أن تولد، وحتى الموت. هم ضد الختان.. وضد الاغتصاب.. وضد الزواج المبكر.. وضد الزواج بالإكراه.. وضد الطاعة المفروضة على النساء.. وضد تغطية المرأة.. وضد الازدواجية الأخلاقية.. وضد شيطنة المرأة. سيصرّح الرجل الحر، بأنه ينفر من المرأة المطيعة، الخاضعة، الخائفة، المستسلمة، التى ترى نفسها، قطعة من اللحم، تباع فى سوق الزواج، وسوق الإعلانات.
 
إننى أرحب بكل الجهود النسائية، التى تعمل فى مجال جرائم التحرش. لكننى أرى أن جبهة «رجال ضد الذكورية»، يمكن أن تهز عرش الذكورية، بشكل أكبر، وأسرع. لأن محاربتها، تأتى من «الرجال»، أنفسهم، الذين تميزهم، وتزعم أنها تنوب عنهم.
كما أننى أقترح، إنشاء وزارة، أو جهة قومية، تكون مهمتها الوحيدة هى «ملاحقة»، الجرائم الذكورية، فى كل مكان، وإعدامها.