الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«دخان» رجب وفيلم جودار؟!

«دخان» رجب وفيلم جودار؟!


 
حصل جان لوك جودار بفيلمه «وداعا للغة» على جائزة لجنة التحكيم قبل إسبوعين من مهرجان «كان» فهل معنى ذلك أن نعيد النظر مرة أخرى فى الفيلم بعد أن صار متوجا بتلك الجائزة الرفيعة.
 
عدد من الأعمال فنية تصبح عند البعض هى «ترمومتر» لقياس الجودة الفنية، وأسماء مبدعين تتحول مع الزمن الى أيقونات ممنوع الاقتراب منها بالنقد، فى عالمنا العربى كان يوسف شاهين يتمتع بتلك الحماية، وفى فرنسا جان لوك جودار فيلمه الأخير يشعرنى بأن تفسيره «مسئولية كل مشاهد». بعض النقاد تجدهم ينحازون إلى مثل هذه الأعمال حتى لا يتهمهم أحد بالجهل.
 
قبل أكثر من نصف قرن أراد الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب متعه الله بالصحة والعافية أن يكشف إلى أى مدى يتحذلق بعضهم فى كتاباتهم التحليلية وكان وقتها قد بدأ عدد من المثقفين يتداولون مفاهيم مسرح العبث واللا معقول، وكالعادة هناك من تجدهم مثل «كذابى الزفة»، وكما يقول المثل اللبنانى «له فى كل عُرس قُرص».
 
كتب أحمد رجب مسرحية أطلق عليها «الدخان الأسود» كانت مجرد كلمات بلا رابط ولا منطق وأطلع عليها عدد من النقاد قائلا أنها من تأليف صموئيل بيكت وأنه فقط ترجمها للغة العربية، ووقع فى المصيدة عدد كبير منهم وشربوا المقلب واعتبروها تحفة رائعة. وأنتم بالطبع تعرفون الباقى حيث تولى رجب فضحهم على صفحات الجرائد.
 
 شهدت السينما منذ البدايات محاولات لا تنتهى من الإضافات تطورت من خلال خطين متوازيين هما زيادة مساحات التقنية فى الآلات المستخدمة وكذلك نضج الأفكار على الشريط السينمائى، مثلاً المخرج الساحر الفرنسى جورج ميليس أضاف الكثير للكاميرا وكان يلون الأشرطة بيديه، فى فيلم مارتن سكورسيزى «هوجو» الذى عُرض قبل عامين تناول جانباً من حياة «ميليس»، ولهذا دخل التاريخ لأنه أضاف إبداعاً تقنياً وخيالاً، ومع الزمن عرفت السينما الصوت والألوان والكومبيوتر والصوت الدولبى ووصلنا إلى سينما الأبعاد الثلاثة ولن تتوقف المسيرة دائما هناك أفكار علمية تمنح السينما إبهارا.
 
إلا أن السؤال هل أى خروج عن المألوف هو بالضروة فن؟ الإجابة بالقطع لا، يجب أن تتحدد وجهة النظر قبل أن تضع الكاميرا. الفن الارتجالى لم يكن مجرد خروج على النص بل ارتكن إلى خطوط عريضة تحكم التتابع، وبعد ذلك تمنح الممثل مساحة مقننة من الإضافة وهى بالتأكيد ليست عشوائية، ولكنها تخضع لقانون فنى وفكرى.
 
شاهدنا عبر التاريخ بعض المخرجين يلجأون مثلا إلى تقييد الزمان والمكان فى السينما مثلما فى الفيلم البريطانى «12 رجلا غاضبا»، لسيدنى لوميت الحاصل على الأوسكار فى نهاية الأربعينيات، وما قدمه المخرج صلاح أبو سيف بعد ذلك بعشر سنوات فى فيلمه «بين السماء والأرض» حيث كان الزمن فى الفيلم الأول محددا بإطار الواقع وهو مداولات هيئة المحلفين وكان الزمن فى الثانى محكوما ببقاء ركاب المصعد أثناء إقامة مباراة كرة القدم، كان هناك منطق حكم هذه الرؤية.
 
قد يرى البعض فيما شاهدناه فى فيلم «جودار» المصور طبقا لتقنية الأبعاد الثلاثة ما يمكن أن نطلق عليه جنون الفن، وكأنه يحاكى المقولة الشهيرة «الفنون جنون»، حاولت أن أجد رابطا بين الشخصيات الرئيسية الثلاثة فى فيلم جودار الرجل العازب والمرأة المتزوجة والكلب المحتار بين فصول السنة ثم فى النهاية اختلاط بكاء طفل مع نباح كلب وصفقات مالية، وكل يفسر الفيلم والشخصيات كما يحلو له.
 
 بالنسبة لى لا أخجل أن أقول لكم أننى لم أجد مايروق لى فى هذا الفيلم رغم أن كُثرا من النقاد ظلوا يصفقون لعبقرية المخرج عشر دقائق متواصلة بعد عرضه فى قاعة لوميير وواصلوا التصفيق بعدها فى نفس القاعة بعد أن حصل على تلك الجائزة الرفيعة ولكن أقول لكم فيلمكم ولى فيلمى!!