الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
تسعيرة بوش وكونداليزا رايس فى الجامعات!

تسعيرة بوش وكونداليزا رايس فى الجامعات!


 للذين يعشقون القطط مثلى ألف مبرر لاستيعاب حالات التعايش العجيبة بين مواطنى أمريكا الشمالية.. هذا المجتمع المتناغم فى جمع ولم المتناقضات بين الأسود والأبيض والصينى والأوروبى والقطط والكلاب هو نفسه المجتمع الذى يسمح لبوش الابن وكونداليزا رايس بالتعايش داخله دون ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية لهما، بل يسمح لهما - وبكل بجاحة - أن يحاضرا فى أكبر جامعات الولايات المتحدة وبأعلى سعر فى الساعة! ربما كان السؤال المتواتر بين المواطنين العرب يسأل: أين ذهب بوش وكونداليزا رايس بعد أن عاثا فى الشرق الأوسط فسادا وتدميرا وفجورا؟ هل ابتلعتهما أرض منسية.. هناك فى بلاد متوارية عن الناظرين؟ هل يندمان ويأسفان ويبكيان؟ هل قاما بزرع ضميرين بدل تلك الضمائر الفاسدة الأولى؟
 
الإجابة أن كل ذلك لم يحدث.. خرج بوش من الرئاسة وخرجت كوندى من وزارة الخارجية معززين مكرمين محاضرين - فى السياسة - فى طلبة جامعات الولايات المتحدة.. حتى بوش الابن الذى قيل إنه يتمتع بغباء خارق وبلادة مذهلة وقدرة على الإجرام منقطعة النظير، هذا الرجل أسس مركزا للأبحاث بجامعة «ساوث ميثوديثت» فى دالاس بولاية تكساس يحمل اسم «مركز جورج بوش الرئاسى»، ويقدم خدمات وأبحاثا متصلة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والصحية وأحوال المرأة سواء فى الولايات المتحدة أو على مستوى العالم.. والغرض الرئيسى للمركز هو الترويج لنفس السياسات والمبادئ التى كان يرفعها أثناء فترة رئاسته وهى الحرية والسوق الحرة! لا تتعجب!
 
المجتمع الأمريكى طيب القلب ويقبل الآخر حيوانا أو إنسانا أو شبحا.. ولن تجد أمريكيا لا يقتنى كلبا أو قطة.. ليس ذلك فقط فالقوانين الأمريكية تعاقب من يسىء معاملة الحيوان.. ولكل كلب أو قط شهادة ميلاد وشهادة وفاة.. وقبل أن يشترى الأمريكى كلبا أو قطة لابد أن يهيئ له مكانا ودخلا لينفق عليه.. وفى كل شهر يذهب به لوحدة رعاية الحيوان للكشف الدورى عليه.. وفى كل يوم يأخذه فى جولة ونزهة بالشوارع والحدائق ويوفر له كل الفرص العاطفية لكى يحب ويتزوج وينجب.. ويتم دفنه بطريقة محترمة ولائقة عند الوفاة، وتستطيع أن تسجل ذلك العشق وتلك الرحمة بالحيوان عند لحظة نشوب الحرائق الأخيرة منذ ثلاثة أسابيع فى ولايات الغرب الأمريكى التى أحرقت أيضا بيوتا وبشرا.
 
لكن منظر رجال الإطفاء وهم يعيدون كلبا لسيدة كانت قد فقدته فى الحريق.. ثم وهى تحمله بين ذراعيها وعلى صدرها.. ثم وهو يتشبث بها ويتشممها.. ثم وهى لا تكترث ببيتها الذى احترق.. لكن سعادة الدنيا الغامرة التى تتملكها حين أعادوا وردوا إليها كلبها الضائع من بين ركام الحرائق حيا يرزق.. يجعلك تندهش.
 
فى أحدث استطلاعات للرأى أجريت فى أمريكا رشحت كونداليزا رايس لمنصب نائبة الرئيس مع المرشح «ميت رومنى» وهو المرشح الجمهورى فى انتخابات الرئاسة فى العام المقبل.
 
ففى الأربعاء قبل الماضى تصدرت كونداليزا استطلاعا للرأى نشرته مؤسسة «سى. إن. إن» الدولية، حيث تصدرت الأسماء المقترحة التى يمكن أن يختارها المرشح الرئاسى الجمهورى «ميت رومنى» ضد أوباما.. ليس هذا فقط، بل أظهر الاستطلاع حصول «رايس» على غالبية أصوات الجمهوريين والمستقلين بنسبة فاقت «كريس كريستى» حاكم ولاية نيوجيرسى والسيناتور «ماركو روبيو» من ولاية فلوريدا.. لكن «رايس» قالت للصحفيين إنها ليست لديها نية للعودة إلى العمل السياسى وأنها سعيدة بالوظيفة التى تعمل بها حاليا، وهى أستاذة فى مادة العلوم السياسية الدولية فى جامعة «ستانفورد».. و«رايس» أصلا من مقاطعة «بيرمنجهام» بولاية «ألاباما»، وتقوم بجانب التدريس فى جامعة ستانفورد بإلقاء محاضرات عديدة فى كثير من المعاهد والمؤسسات الأكاديمية بداخل الولايات المتحدة.
 
فى 8 مارس الماضى أقام مركز «جورج بوش» احتفالا كبيرا فى ولاية دالاس وقام المركز بتكريم «14» امرأة مصرية فى إطار الاحتفال باليوم العالمى للمرأة.. والنسوة الأربع عشرة هن من الناشطات الثوريات.. فى الاحتفالية نفسها قامت «لورا بوش» بإلقاء خطبة تحدثت فيها عن الثورة المصرية والتونسية قائلة إنه ثبت للعالم كله عدم إمكانية بل استحالة قمع المرأة.. لأن المرأة فى التحرير والمرأة فى شارع بورقيبة أثبتت ذلك.
المجتمع الأمريكى لا ينظر لبوش وكوندى باعتبارهما مجرمى حرب ولا يكترث بما آل إليه حال العراق وأفغانستان وكثير من دول الشرق الأوسط ولا حتى بأحلام كونداليزا رايس فى بناء شرق أوسط جديد.. تلك الأحلام التى دمرها وجعلها كوابيس السيد حسن نصر الله عام 2006 فى هزيمته لقوات المحتل الإسرائيلى كل تلك الأشياء لا تعنى المواطن الأمريكى.. فالمهم عنده هو تلك القدرة على التعايش وجمع الشتات والمتناقضات داخل تلك المساحة المسماة بالولايات المتحدة الأمريكية تلك الإمبراطورية التى لم تسقط بعد.∎