
طارق الشناوي
محلب يمنح قبلة الحياة لهيفاء!!
أتصورها أشبه بقبلة الحياة منحها من حيث لا يدرى المهندس إبراهيم محلب لهيفاء وهبى بهذا القرار بمصادرة فيلم «حلاوة الروح» الذى كان لا يحقق أى رواج فى دور العرض، كان يستعد لمغادرة الشاشات، الفيلم ينتمى إلى سينما المناظر التى تعيدنا مرة أخرى لتعبير «قصة ولا مناظر» الذى انتشر فى الثمانينيات، المقصود بقصة أنه فيلم يحتوى على قيمة فكرية ولديه حبكة، أما المناظر فى إطارها الدلالى تعنى مشاهد الجنس والعرى، وفى العادة كان الجمهور يفضل - أقصد الأغلبية بالطبع - المناظر، ويرفض القصة، حيث يبدأ فى إحصاء عدد القبلات واللقطات الساخنة، يقارنه بسعر التذكرة وعندما يكتشف أنه أخذ بالثمن ما يريده يشعر بالانتصار، كان يفصلنا قرابة عقد من الزمان عن عصر الانتشار الفضائى، وهى فترة تستطيع أن تطلق عليها العصر الذهبى لشريط الفيديو، حيث كنا نلاحظ أنه بين كل محل فيديو ومحل فيديو محل فيديو.
واكب ذلك أشرطة يطلقون عليها- على سبيل السخرية - ثقافية وشاهدنا فيلما يسخر منها يحمل نفس الاسم «فيلم ثقافى»، المقصود بها أفلام «البورنو»، أتذكر فى تلك السنوات أثناء انعقاد مهرجان القاهرة السينمائى أن الزحام فى الشارع وأمام دور العرض كان يؤدى إلى توقف المرور بالساعات، حيث تعودت الرقابة أن تسمح بهامش من تلك اللقطات، المتفرج كان يحدد بوصلة الاختيار على حسب ما توحى به العناوين. ومع الأيام لم تعد هذه الأفلام تحقق أى رواج، بل إن مهرجان القاهرة السينمائى وعلى مدى يزيد على خمسة عشر عاما أصبح خارج اهتمام الناس، ولم يعد يعنيهم مشاهدة أفلامه سواء أكانت قصة أم مناظر، وتلك قصة أخرى!!
إلا أننا فى السينما المحلية لا تزال لدينا أفلام تبحث عن المناظر مثل «حلاوة روح»، لا يوجد شىء فى الفيلم سوى أن المنتج السبكى والمخرج سامح عبد العزيز أرادا استثمار هيفاء وهبى لتسويق الصورة الذهنية التى صدرتها وروج لها الإعلام، ولا تنسى أن أكثر من استفتاء وضعها على قمة أكثر النساء جاذبية فى العالم.
هل من الممكن أن يصمد عمل فنى فى دور العرض وهو لا يعتمد سوى على أنوثة البطلة؟ أسرفت لقطات الفيلم فى هذا الشأن حتى وصلنا إلى مرحلة التشبع وتلك الجرعة الزائدة والتى امتدت ساعة ونصف الساعة لعبت دورا عكسيا، ورغم أنها ليست المرة الأولى التى نشهد فيها سماحًا رقابيًا، فى تاريخ السينما المصرية ستعثر على ما هو أكثر مثل أفلام «حمام الملاطيلى» و«5 باب» و«درب الهوى» و«بدون رقابة» و«أحاسيس» وغيرها وكانت أحداث هذه الافلام تجرى فى أجواء مشابهة، وبها ما يمكن أن نطلق عليه «تلكيك» لتقديم تلك المشاهد، هذه المرة مع فيلم «حلاوة روح» أرى أن المشكلة ليست فى أنهم حاولوا اقتباس فيلم عالمى شهير «مالينا»، ولكن لأنهم أخفقوا فى السرقة، دائما هناك حضور مبالغ فيه لهيفاء، فإذا لم يجدوا مبررا لتصويرها عارية استجاروا بالأحلام فهى تحلم أنها ترقص أو نتابعها من خلال عيون طفل يشاركها البطولة، فهو دائما ما يتلصص عليها ويشاركه المتفرج فى التلصص.
يقولون إن هند رستم باعتبارها رمزا للأنوثة فى السينما العربية، كانت تُقدم مثل هذه المشاهد، إلا أن الحقيقة أنها كانت كثيرا ما أدت أدوارها وهى ترتدى الجلباب لتثبت أن الأنوثة ليست بالعرى.
لا أميل أبدا فى عصر السموات المفتوحة إلى هذا الرأى، ولكنى أرى أن الجمهور الذى ذهب للفيلم من أجل المناظر سوف يمل سريعا عندما لا يعثر على قصة ولكن رئيس وزراء مصر كان له رأى آخر فى «حلاوة روح» وبدلا من أن يترك الفيلم يغادر دار العرض فى هدوء منح هيفاء قبلة الحياة!!