الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ابن الله

ابن الله


يبدو أن السينما الأمريكية كالسياسة الأمريكية ليس لها صاحب، وحليف دائم، وأحياناً ليس لها دين، فبعد مشاهدة ساعتين وسبع عشرة دقيقة هى زمن الفيلم الأمريكى الأحدث (ابن الله) والمعروض الآن فى جميع سينمات القارة الشمالية، سوف تكتشف عند آخر مشهد أنه فيلم مش بس بيطبطب على أوباما، وعلى اليهود كمان، وعلى حساب العقيدة المسيحية! فلم يكتف صناع الفيلم بحذف دور الشيطان عندما اكتشفوا أن وجهه يشبه وجه أوباما، بل حذفوا معه كل الحيثيات والحكايات المثبتة فى الديانة المسيحية بتورط اليهود فى صلب السيد المسيح.. وبدا الفيلم خاليا تماما من وسوسة الشياطين وغدر اليهود وكأنه عالم من الملائكة، فلماذا جاءت المسيحية إذن؟ ولمن جاءت؟ بل أنت تسأل ولماذا صنعوا الفيلم؟
 
الفيلم مصنوع سينمائياً بكل الجودة والمهارة التى تخدم على هذهِ الصناعة الأبرز والأهم فى الولايات المتحدة الأمريكية من صور ومشاهد تقترب فى كادراتها من اللوحات الفنية المذهلة، وموسيقى تصويرية اعتمدت على المؤثرات الصوتية والترانيم الكنسية والأوركسترا، ومونتاج سلس ساهم فى التناغم بين قسوة الطبيعة وبراءة الشخوص، وإخراج اعتمد على 3 من كبار مخرجى أمريكا هم: (كريستوفر سبنسر) و(كريستين ريس) و(تونى ويتسيل )، وتبارى الممثلون جميعاً فى مهارة الأداء ليس فقط بتعبيرات الوجه والجسد والتوفيق فى اختيار الملابس والاكسسوارات، بل فى دقة تفاصيل الشخصية التى لم تنفصل لحظة عن واقع البشر الذين عاشوا فى فلسطين المحتلة منذ أكثر من 2000 عام، فبدت أظافر (ديوجو مورجادو) الذى قام بدور المسيح متسخة، وشفته العليا جافة وكأنها مدممة من شدة العطش وقسوة الطبيعية التى كان يختبئ ويلجأ إليها مع حوارييه، أضف إلى ذلك تماهيه التام مع الشخصية وتحكمه فى عضلات وجهه المعبر لحظة الخوف أو البكاء أو الألم، ولم تظهر السيدة العذراء والتى قامت بتمثيل دورها الإيطالية (روما داونى) إلا فى مشاهد قليلة كان أجملها على الإطلاق لحظة موت المسيح بعد صلبه على كتفها الأيمن ثم وهى تمسد جسده المدمم من التعذيب والصلب، وهى لقطة بليغة تشبه لقطة أخرى لها فى بداية الفيلم عندما حملته صغيراً لكن هذهِ المرة على -كتفها الأيسر- وكأن المشهدين يوحيان بأن الرسالة قد اكتملت.
 
اهتم الفيلم بمسألة (أنسنة) المسيح وأجاب عن بعض الأسئلة العالقة للآن: فمشهد المقبرة المفتوحة بعد الدفن والتى لم يكن بداخلها جثمان المسيح بعد انتهاء صلبه، ظهر المسيح فى الفيلم كشبح وأحياناً كخيال وغالباً كفكرة، خاصةً عندما جاء لحوارييه سائراً فى لباس الموت وكفاه مخروقتان فى أماكن صلبهما بالمسامير الغليظة، ولم يخلع المسيح كفنه ولم يغلق الثقبين الواسعين بكفيه حتى آخر مشهد، لكنه لم يذكر هو والفيلم من الذى خانه: أوباما أم اليهود أم منتجو الفيلم؟.