
هناء فتحى
سينما 25 يناير
سوف تعيش سينما 25 يناير- مجموعة الأفلام التسجيلية والدرامية القصيرة والطويلة التى أنتجت مباشرةً فى ذيل الأيام الأولى من تنحى مبارك - مأزقا تاريخياً وأخلاقيا وربما فنياً لم تعشه أفلام ارتبطت بالثورات أو بالحروب من قبل.. وربما يتم ملاحقتها ضميرياً لأنها سقطت مثلنا جميعاً فى ذات البراءة والسذاجة ونفس الارتباك والالتباس والتضليل الذى سقط فيه الشعب العربى كله من تونس لمصر لليمن لليبيا وانتهاءً بسوريا..وما بتنا ندركه ونستوعبه الآن من حقائق وأحداث كانت خافية أو مبهمة أو مغلوطة أو مقصودة أو منقوصة عما حدث فى الـ 18 يومًا الأولى تحديداً يجعلنا نعتقد أن كثيراً من هذه الأفلام صارت من قبيل الفكاهة أو الطرفة السينمائية.. أو صارت فى ذمة الله.. وربما يأتى يوم قريب يراجع فيه المخرج الكبير «يسرى نصر الله» حساباته ويعيد كتابة وتصوير فيلم آخر عن موقعة الجمل.
وحتى نصنع سينما صادقة عن هذهِ المرحلة لابد أن يدلى الجميع باعترافاته وأن يفرج أشخاص متنفذون فى مصر وفى الدول العظمى عن أوراقهم وصفقاتهم السرية، أى لابد من إعادة كتابة تأريخية وتوثيقية حقيقية ودقيقة لوقائع ويوميات ذلك الخروج العظيم للشعب المصرى منذ ليلة 25 يناير وحتى إرسال مرسى الى السجن.. وهى كتابات وتدوينات ربما تستغرق عشرات السنين نظراً لارتباطها بأطراف دولية خطيرة.. فالمسألة لم تكن بذات البراءة التى كنا نعتقد ولا ذات السذاجة والخفة التى بدت عليها كثير من هذه الأفلام.
الغريب يا أخى أن معظم هذه الأفلام قد حصل على جوائز دولية.. وبعضها كفيلم «الميدان» ما زال يحصل!! واحنا مكناش عارفين كل ده كان ليه؟
حتى نصنع سينما «ثورات» صح لابد أن نبدأ من هنا، من عندنا، من مصر، أن نكشف أوراقنا على ترابيزة البلد بلا خجل، بل باعتذار وندم.. أن يبدأ الكبار فى كتابة مذكراتهم بنزاهة وصدق دون أن يقتلوا وتلقى جثثهم من شرفات «لندن».
هل تعتقد أننا أخطأنا فى إنتاج أفلام تحكى وقائع وأسرار ثورة يناير فقط؟ وعلينا أن نراجع التاريخ كله فنحن لم نتعلم كيف نكتب تاريخنا الحديث، يا أخى ده إحنا معرفناش نعمل تسجيل حقيقى لسينما أكتوبر.. لكن كل هذا كان مقبولاً وممكن يعدى زمان،، لكن بعد أن أصبح كل فرد ماشى فى الشارع هو وسيلة سينمائية فى حد ذاته بل إن هذا المواطن نفسه شريك فى الحدث وشاهد عليه، فليس الكبار وحدهم هم من يصنعون تاريخ الأمم والشعوب، وبعد أن صارت الحروب والثورات على الفضائيات لحظة بلحظة ع الهوا، لم يعد ممكناً تزوير التاريخ أو قلب الحقائق والضحك ع الناس.
حتى أن «مرسى العياط» ملك المواقف الساخرة وبطل سينما المستقبل العالمية الكوميدية لن نستطيع أن ننتج فيلماً ظريفاً عنه لأن باقى عناصر الفيلم وأبطاله الدوليين ممكن يولعوا فينا كلنا.