الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إيه.. فيه أمل !!

إيه.. فيه أمل !!


يوم 25 يناير كلنا انتظرنا انفراجة أمل بعد أن ثارت مصر ضد الديكتاتور الذى جثم على قلبها ثلاثين عاما ومرت قرابة ثلاث سنوات ولانزال ننتظر.
 
قرأت فى الأسبوع الماضى تلك الحكاية، سبعون عاما عاشها الفرنسى جان سواك تحت وطأة الظلم عندما فصل من العمل فى وزارة التربية الوطنية الفرنسية، بعد أن رفض التجنيد فى صفوف الأعداء الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، وأخيرا جاءه الإنصاف وأعادوه للخدمة بعد أن تجاوز الرابعة والتسعين وكان تعقيبه على القرار أنه «تأخر بعض الشىء»، تخيلوا رجل يقف على شاطئ النهاية ويرى إهدار العقود السبعة من عمره مجرد «فركة كعب».
 
تقول الحكمة «اليأس حر والرجاء عبد»، الرجل لم يؤمن بهذه الحكمة فلم يتوقف عن مناشدة المسئولين وأمضى عمره فى عرض قضيته وأخيرا وجد من ينظر بعين الحق والإنصاف لأوراقه، هل كان عليه أن ييأس لينعم بحريته، أم أنه اختار الطريق السليم، أتصور أن الحرية هى فى الإمساك بالرجاء، والعبودية هى فى الارتكان لليأس، نعم هناك ثمن ندفعه، هذا الرجل كان عنوانا للنضال حتى ولو كانت قضيته فى الظاهر شخصية جدا، فهو من عمر المناضل الراحل نيلسون مانديلا الذى كانت دائرة أحلامه تحتوى العالم كله، وعندما ساوموه على حريته مقابل أن يتنازل عن مبادئه اختار السجن، بينما جان سواك أراد فقط إعادته إلى وظيفته، ولكن بنظرة أكثر تأملا تكتشف أن مجرد إصراره على انتزاع الحق بالعودة لوظيفته هو بالتأكيد لم يعد قادرا على أن يشغلها تضرب مثلا لنا جميعا بأن الرجاء حر والنضال حتى آخر العمر.
 
استقبلنا عاما جديدا وكأن 2013 قد مر علينا فقط فى بضع ساعات، دائما ما أستقبل العام الجديد بتلك الشطرة الشعرية «أجمل التاريخ كان غدا» عن قصيدة سعيد عقل «مُر بى» التى شدت بها فيروز بلحن عبدالوهاب، السنوات بات إيقاعها لاهثا، لدينا جميعا آمال شخصية وعامة نحملها على ظهورنا من أعوام سابقة وتزداد ثقلا مع تراكم الأيام، هل ننتظر بابا نويل لتحقيقها، فى مصر باتت العائلات الثرية تؤجر بابا نويل بزيه المعروف وذقنه البيضاء لمدة دقائق معدودة مقابل 60 دولارا ليقدم هدايا مدفوعة الثمن مسبقا لأبنائهم.
 
هل ينقذ بابا نويل شعوبنا العربية مما نعانيه لو عقدنا معه صفقة ولكن السؤال من يدفع الثمن؟، تتذكرون حالنا فى 2011 مع بداية ثورات الربيع العربى كيف كنا ننتظر القادم بفرح ونشوة وشعرنا أن المستقبل المزروع بعبير ثورتى الياسمين واللوتس هو الأروع، ثم تابعنا ما حل بعد ذلك ببلاد الربيع والتى تعيش فى خريف طال مداه، كانت الثورات ضرورة لأنها ضد الظلم الذى عانته تلك الشعوب، وما حدث بعد ذلك من تداعيات حالت دون أن نتنفس عبير الحرية ونعيش نشوة الانتصار كان هو الأعراض الجانبية، لما مارسته السلطات الحاكمة فى تلك البلاد، حيث تم تجريف المجتمع المدنى، وعندما حان وقت قطف الثمرة تنازع الجميع وظهرت الجماعات المتطرفة التى تتدثر بالدين تريد الاستحواذ على كل شىء.
 
حالنا الثقافى والفنى به أمل مشوب بقدر من الإحباط ولكن لا يمكن أن نغفل أننا حققنا بعض الومضات.
 
«إيه.. فيه أمل» على رأى فيروز، حتى لو «تأخر بعض الشىء» على رأى جان سواك!!