نهاية عبدالله المسطول
عاصم حنفي
يا عينى على الأخ عبدالله ابن محمد مرسى العياط.. وقد جاءت نهايته أسود من قرن الخروب.. والقاضى يحكم عليه بسنة سجن مع الشغل وغرامة عشرة آلاف جنيه لتورطه فى جريمة تعاطى الحشيش.. وهى نهاية مأسوية دراماتيكية لعلها تكون درسًا لأبناء الحكام فى الحاضر والمستقبل ولا أحد أبدًا فوق القانون.. وهذا هو الدرس.
وفى العالم كله أنت حر.. تمارس حريتك كما يعجبك.. بشرط ألا تعتدى سيادتك على حرية وحقوق الآخرين.. وليس من حقك أبدًا أن تدخن الحشيش فى الطريق العام.. ثم تتبجح وتدعى أنك فوق القانون لأن أبوك رئيس سابق للدولة.. أو تدعى أنهم يضطهدونك لأنك ابن الرئيس السابق.
هذا الأسبوع وفى بلاد الخواجات.. جرجروا الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى إلى التحقيق لأن الشبهات حامت حول استغلاله للنفوذ.. ولأنه أعطى امتيازات خاصة للمحروس نجله الخريج الحديث من الجامعة!
فى بلاد الخواجات أيضًا.. اتهم المحققون الرئيس الأسبق بيل كلينتون أنه تهرب من الضرائب.. ففسر الرجل المسألة وخضع للتحقيق ولم يشك أو يتذمر.
المسألة بوضوح أن الشخصية العامة وأبناء الشخصية العامة يعيشون فى بيت من زجاج.. وكل شىء مكشوف والتحركات محسوبة.. وعلى الشخصية العامة تتحمل تبعات المنصب.. أن ينعم بالنفوذ والفلوس ولا يقبل أن يمسه أحد.
عندنا الأحوال تختلف.. والمشكلة الحقيقية فى أبناء المسئولين الحاليين السابقين واللاحقين أيضًا.. والواحد منهم يمارس الأخطاء والمخالفات والجرائم أحيانًا.. ولا يقبل بالحساب العادل.. ولا تعرف يا أخى ما المطلوب من الدولة فى مواجهة هؤلاء.. ما المطلوب منها فى مواجهة جريمة ابن مرسى المشهور جدا بسوء السلوك .. فهل المطلوب وقد ضبطت الجريمة وتحققت منها.. فهل كان من اللياقة أن تغض البصر مثلا.. وأن تمارس الطناش حتى لا يتهمها أنصار مرسى بأنها متحيزة ضده.. هل كان الواجب على الدولة أن تبتلع أدلة الجريمة وأن تمارس فضيلة النسيان؟!
فى بلاد الخواجات وعندما تقدم المخطئ للقضاء.. حتى لو كان مسؤلا أو ابن مسئول.. فهذه شهادة إبراء ذمة للأجهزة من تهمة المشاركة وغض البصر.. وهو درس للمجتمع وللأجيال الجديدة.. بأن من ينحرف يسقط مهما كان موقعه أو صداقاته أو وظيفة أبوه فى الماضى أو الحاضر والمستقبل..
وفى الحقيقة فإن أولاد الرؤساء هم سبب الخراب المستعجل الذى تعانى منه مصر الآن.
رؤساء أى شىء.. ولا أقصد رؤساء الجمهورية تحديدا.. وإنما أقصد المسئولين عن المواقع المختلفة.. وهناك حالة إصرار على أن يتولى الأبناء مواقع الآباء.. وقد صارت المسألة قانونا عاما.. أن يتولى الأبناء المواقع المميزة خلفا للآباء. وابن الطبيب لابد أن حتمًا أن يعمل طبيبًا.. وابن أستاذ الجامعة يواصل مشوار بابا.. وابن الضابط هو أول الناجحين فى كشف الهيئة وابن السفير ينجح بامتياز فى امتحانات القبول للدبلوماسيين الجدد.. وبنت المذيعة تحتل الشاشة الصغيرة لتساعد ماما فى المشوار.. وابن الممثل يمثل ليعوض غياب بابا وانحسار الأضواء والفلوس.. فما الجديد إذن وقد صارت الواسطة وشغل شيللنى وأشيلك هما مفتاح القبول للوظائف الجديدة.. ذات العائد المضمون.. والمستقبل الاجتماعى والمادى المتميز.. ولم يخطئ ابن مرسى ولم يخرج عن الخط!!
قبل أن يتولى أبوه منصب رئيس الجمهورية.. وقبل أن يصبح محمد مرسى العياط الرئيس.. محمد مرسى تشاجر أبناؤه مع ضابط المرور فى أحد ميادين محافظة الشرقية.. واقتادهم الضابط إلى قسم الشرطة بتهمة التعدى عليه أثناء تحرير مخالفة لسيارتهم.. وقد حاولت الحاجة أم أحمد التوسل للضابط للتنازل عن المحضر دون فائدة.. حتى جاءهم الغوث والفتوى من مكتب الإرشاد.. حيث اتهموا الضابط بأنه سب الدين لهم.. بل وأحضروا أكثر من خمسين شاهدا.. أقسموا بذقونهم أن الضابط هو المخطئ.. وانتهت الواقعة بعد الضغط على الضابط من الداخلية شخصيا بالتنازل عن المحضر.
وعندما تولى الوالد المنصب الرفيع.. ضبط ابن مرسى مع أقارب له يقود سيارته مخمورا وتم الطناش عن المحضر.. ومرة أخرى قاد سيارته دون لوحات معدنية وأنذر الضابط أنه سيرسله وراء الشمس.. ومرة ثالثة ورابعة وعاشرة.
ابن مرسى الذى تطاول عبر تويتر والفيس بوك على قيادات الصحافة والمجتمع.. تصور أنه من الناس الواصلين الذين لا يجوز المساس بهم.. مع أن من المفترض أننا أمام القانون أولاد تسعة.. سواسية كأسنان المشط.. لا فضل لمواطن على مواطن آخر سوى بالسلوك الطيب والانصياع للقانون.
وفى بلاد برة يشددون العقوبة على الشخصية العامة وأبناء وأقارب الشخصية العامة.. لأنه من المفترض أن تراقب الشخصية العامة تصرفاتها.. وأن ينأى بنفسه عن مواطن الشبهات.. لأنه ليس من أحاد الناس والمفترض أن يكون سلوكه قدوة للآخرين.. وتحركاته تقاس بالمسطرة.. وتصرفاته تحسب عليه بميزان الذهب.. ومن ثم لا يجوز لابن حضرة رئيس الجمهورية أن يقود سيارته مخمورًا.. أو وهو مسطول لامؤاخذة.. وعندما يستوقفه عسكرى الحراسة أمام القصر الجمهورى وهو يتطوح ويصرخ فيه أنت موش عارف أنا مين.. الآن عرفنا إنت مين يا عبدالله.







