الجمعة 6 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

كسرت كل التابوهات: أيقونة الثورة المصرية إلى أين؟

كسرت كل التابوهات: أيقونة الثورة المصرية إلى أين؟
كسرت كل التابوهات: أيقونة الثورة المصرية إلى أين؟


رغم أن الحياة كانت ومازالت حولهن.. باباً مغلقاً على السلطة والظلم والأنانية.. فإن الحياة كانت ومازالت بالنسبة لهن.. باباً مفتوحاً على المستقبل والأمـل والتحرر.. إنها المرأة المصرية.. حتشبسوت.. كليوباترا.. شجرة الدر.. إيزيـس.. المانحة للحياة.. التى انصهرت فى هتاف المصريين فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. مع الكل الذى ينادى بحق الحياة.. فشعرت أنها قويـة.. وأنه لم يعد أحد يملك القدرة على تعريتها.. والنفاذ إليها.. فارتفعت على أكتاف الشباب.. المتعلمة.. وغير المتعلمة.. والقبطية.. والمسلمة.. والمسنة.. والشابة.. انطلقت تهتف.. بصوت غير صوتها.. صوت توحد فيه كيانها الذى مضى.. وكيانها الآتى.. وكيان هذه الآلاف من الشباب والنساء والأطفال.. الكل يدفعها إلى الأمام.. الكل يحيطها.. الكل يحميها.
 
وكسرت المرأة المصرية بمشاركتها فى الثورتين.. كل التابوهات التى كانت تحصر دورها فى الأمومة والإنجاب.. بعيداً عن المشاركة فى المجال العام السياسى.. فالنساء فى ثورة يناير كُنَّ فى الصفوف الأمامية.. جنبًا إلى جنب مع الرجال.. افترشن الأرض.. وواجهن عصى الأمن المركزى.. وضرب البلطجية .. والقنابل المسيلة للدموع.. والرصاص الحى.. واستشهدن.. وتم ضربهن بقسوة بالغة.. وسحلهن.. وتعريتهن.. وتحملن ما لا يحدث للرجال.. حين انُتهكت أعراضهن خلال بعض الهجمات الأمنية.. لفض الاعتصامات.
 
 ورغم كل الإهانات.. والانتهاكات .. استكملت المرأة المصرية.. المسار الثورى بكل عزيمة.. وإرادة.. والآن يعود لمصر وجهها المضىء.. وتعود للمرأة صورتها الحقيقية.. التى بدأت منذ أكثر من قرن.. حينما خرجت فى مظاهرات عارمة فى ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطانى.. حيث شاركن فى قطع خطوط السكك الحديدية.. وإخفاء المنشورات.. وتوزيعها.. وإخفاء المناضلين فى بيوتهن.. وسقطت منهن شهيدات.. ومع ذلك صدر دستور 1923 دون أن يمنح المرأة حقوقها السياسية.. مما أدى إلى تصاعد الدعوة للمطالبة بحصولها علي هذه الحقوق.
 
وسعت المرأة لتأسيس أحزاب سياسية تدافع عن قضاياها.. منها «الحزب النسائى الوطنى».. الذى طالب بحق النساء فى جميع وظائف الدولة.. و«الاتحاد النسائى المصرى».. الذى طالب عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب.. بإشراك النساء مع الرجال فى حق التصويت.. وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية.. وعضوية المجالس المحلية والنيابية.
وفى 19 فبراير عام 1951 خرجت مظاهرات نسائية.. خلال المؤتمر النسائى.. تهتف بأن البرلمان للنساء والرجال.. وفى 12 مارس 1953اعتصمت مجموعة من سيدات حزب «بنت النيل» فى مبنى نقابة الصحفيين.. وأضربن عن الطعام.. مطالبات بحقوق المرأة السياسية كاملة.
 
وبدأت النخبة السياسية تلتفت لمطالب المرأة المصرية.. إذ استطاعت بموجب دستور 1956 الحصول على حق التصويت والترشيح.. وبدأت الحياة البرلمانية للمرأة المصرية عام 1957 حيث رشحت 6 نساء أنفسهن للبرلمان.. فازت منهن اثنتان.. وجاء تعديل قانون الانتخابات عام 1972 كفرصة كبيرة بتخصيص 30 مقعداً للنساء.. ورغم إلغاء تخصيص المقاعد للمرأة فى مجلس الشعب.. فإن نسبة تمثيلها ظلت بعدها مرتفعة نسبياً.. حيث بلغت نحو 3,9٪ .. حينما ارتفع عدد النائبات فى البرلمان إلى 18 نائبة من إجمالى 456 عضواً فى مجلس 1987 وتراجعت نسبة تمثيل المرأة فى المجالس المتعاقبة.. ليدق ناقوس الخطر فى مسيرة الكفاح السياسى للمرأة.
 
ورغم مشاركة المرأة المصرية.. المكثفة والمبهرة.. فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو.. والاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية .2014 والتى تؤكد أنها نجحت فى تجاوز حالة الاغتراب السياسى.. الذى عانت منه قبل ثورة يناير.. مما دفع العديد من المحللين إلى الاعتقاد.. بأن السياسة أصبحت من أولوليات المرأة المصرية فى الفترة الحالية.. إلا أن ثمة مخاوف مستقبلية تثار.. خاصة بعد استبعاد النساء بقوة من عملية صنع القرار السياسى.. وغياب التمثيل الجيد فى الأحزاب والبرلمان.. بل وتهميشهن.. والتعدى عليهن.. والتحرش بهن.
 
 ورغم أن قضية المشاركة السياسية على رأس أولويات أجندة المرأة المصرية.. فإن ثقافة المجتمع مازالت تلعب دور القوة الناعمة.. التى تزيف وعى النساء.. إلى حد أن يصير حدوث الخلل.. شيئاً طبيعياً فى حياتهن .. من خلال السيطرة الشخصية عليهن.. واستلاب إرادتهن.. ومصادرة أجسادهن.. ونرى هذا واضحاً فى المظهر الذى تبدو عليه ملابس النساء المصريات الآن.. والذى لم يعد يعبر عن شخصيتهن المميزة.. الضاربة فى عمق التاريخ.. والتى اختلفت تماماً عن أناقتهن فى الماضى.. والتى كانت رغم تحررها.. أكثر جمالاً.. وتألقاً.. بل واحتشاماً.. والأهم أنها كانت تعبر عن هويتهن وسحرهن.. فالنساء المصريات لم يعدن قادرات على مواجهة هذا التغيير فى المجتمع.. وربما كان هذا خيارهن المجبر.. الذى يمنحهن أدوات السيادة والقوة داخل المجتمع.. لأنه لن يسمع لهن صوت.. إلا إذا كن يخضعن لمقاييسه وثقافته الزائفة.
 
وحين نتساءل فى نهاية الأمر: لماذا أحبت وتعلقت العديد من النساء المصريات.. وصفقن بحرارة.. وابتهجن من القلب.. ورقصن فرحاً.. للمرشح الرئاسى «عبدالفتاح السيسى».. يرد تاريخ نضالهن الوطنى الطويل.. أنه حين تظاهرن ضد الثلاثى الذى جثم على أنفاسهن.. وعطل تطورهن سنوات طويلة.. وهم «الاحتلال البريطانى.. والقصر الملكى.. والرجعية المصرية».. وحينما خرجن فى ثورة القاهرة ضد الاحتلال الفرنسى عام 1798 وشاركن فى أعمال الكفاح الطويل ضده.. تظاهرن أيضاً فى ذات الوقت.. كى يطالبن أزواجهن بمعاملتهن باحترام.. أسوة بمعاملة الرجال الفرنسيين لزوجاتهم.. حيث لم تطلب المرأة فقط «التحرر الوطنى».. وإنما طلبت أيضاً الاحترام والمعاملة على قدم المساواة.. وهذا ما قدمه لهن الفريق «عبدالفتاح السيسى».. حينما وجدن فيه الفارس النبيل .. الذى غامر بحياته فى لحظة تاريخية.. ليس من أجلهن فحسب.. بل من أجل وطن بأكمله.. وحينما منحهن بصدق.. مشاعر الامتنان.. والحب.. والتقدير.. والاعتزاز.. فى كل كلمة يتوجه بها إليهن.. وهذا ما افتقدته المرأة المصرية.. طوال تاريخ نضالها الطويل.
 
 إن غاية ما نسعى إليه هو أن تصل المرأة المصرية إلى هذا المقام الرفيع.. وأن تخطو هذه الخطوة على سلم الكمال اللائق بها.. فتمنح حقها من الرقى فى المشاركة السياسية.. إلا أنه بلا شك.. شىء صحى وقوى.. أن نملك شجاعة الاعتراف والمواجهة والمعرفة.. وأن تملك المرأة المصرية القدرة على إجراء العملية الخطرة بنفسها ولنفسها.. وأيا كان موضع الألم والجرح والنزيف.