وضع خارطة طريق واضحة باستحقاقات محددة لاستعادة الوطن
بيـان 3 يوليو موقف تاريخى لجيش وطنى وتفاعل شعبى غير مسبوق

محمد الجزار
12 عامًا مرت على ثورة 30 يونيو المجيدة وإصدار القيادة العامة للقوات المسلحة بيان 3 يوليو 2013، فى استجابة لموجة احتجاجات شعبية عارمة طالبت بإنهاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية، حيث تلاقى القرار مع الإرادة الشعبية الجارفة، بعد مهلة 48 ساعة منحتها القوات المسلحة لمرسى وجماعته الإرهابية لتلبية مطالب الشعب، والذى شكل لحظة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، حيث تداخلت إرادة الجماهير الغفيرة فى الميادين مع موقف المؤسسة العسكرية.
وبات يوصف هذا اليوم بـ «يوم الخلاص» من حكم الجماعة الإرهابية، الذى لم يتحمله الشعب سوى عام واحد ذاق خلاله مرارة محاولات الجماعة الإرهابية للسيطرة على مفاصل الدولة عبر مخطط التمكين وإقصاء مختلف القوى الوطنية من المشهد برمته ناهينا عن الانهيار الذى أصاب مرافق الدولة .
وعن هذه اللحظة المفصلية يقول اللواء أركان حرب الدكتور إبراهيم عثمان هلال، الخبير الاستراتيجى ونائب أمين عام مجلس الدفاع الوطنى سابقًا: إن بيان 3 يوليو 2013 من أهم البيانات السياسية فى تاريخ مصر الحديثة وإحدى الخطوات الاستباقية لمنع انهيار الدولة وتفكك مؤسساتها، فهناك العديد من الأحداث الجسام أدت إليه أبرزها وأهمها ثورة 30 يونيو 2013 التى انفجرت من داخل قناعات الشعب المصرى بضرورة إقصاء جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم، ونزل ملايين المصريين للفظ هذه الجماعة الإرهابية.
وأضاف: كانت هناك مطالب شعبية واضحة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة نتيجة ممارسات الجماعة على مدار عام كامل لم تراع فيه أى قوانين ولم يراع الرئيس الإخوانى الدستور والقانون بل بالعكس فقد تعهد بحماية الخاطفين فى واقعة تسليم الجنود السبعة بجنوب مدينة رفح.
ويؤكد اللواء الدكتور إبراهيم عثمان هلال، أن ثورة 30 يونيو 2013 حققت أهدافها الجوهرية وهى تتماشى مع القانون نتيجة الإخلال الصريح بالعقد المبرم بين الحاكم والمحكوم وهو ما يترتب عليه فسخ العقد، ففى مساء يوم 2 يوليو 2013 ألقى مرسى خطابًا يرفض فيه المطالب الشعبية كما ذكر كلمة الشرعية وتمسكه بها عشرات المرات، الأمر الذى خيب آمال المصريين وأصاب الشعب بأكمله بالإحباط، وبعد انتهاء المهلة التى منحتها القوات المسلحة وتحديدًا فى التاسعة مساءً يوم 3 يوليو 2013 أعلن وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى إنهاء حكم الجماعة الإرهابية على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد وتعطيل العمل بالدستور إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ففى 4 يوليو أدى المستشار عدلى منصور اليمين الدستورية رئيسًا مؤقتًا لجمهورية مصر العربية، وفى 8 يوليو صدر إعلان دستورى تشكلت بناء عليه لجنة العشرة ثم لجنة الخمسين وتم إصدار الدستور بعد استفتاء الشعب عليه فى يناير 2014، وتم انتخاب رئيس مصرى بانتخابات ديمقراطية حرة فى يونيو 2014، وبدأ مجلس النواب العمل فى يناير 2016.
وأوضح اللواء الدكتور إبراهيم عثمان هلال، أن بيان 3 يوليو 2013 (يوم الخلاص) جاء استجابة لشرعية شعبية واسعة النطاق لملايين المصريين المتظاهرين والرافضين لحكم مرسى وجماعته لذا قامت القوات المسلحة المصرية الباسلة بتصحيح مسار ثورة يناير 2011 وإقصاء جماعة الإخوان الإرهابية وإعادة تمكين مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة المصرية منعًا لانهيار الدولة وتحسبًا لنشوب حرب أهلية كانت محتملة، الأمر الذى أحدث تحولًا استراتيجيًا داخليًا أعاد الاستقرار السياسى وتحقيق نوع من التعافى الاقتصادى قصير المدى، كما أحدث تحولًا خارجيًا للحفاظ على المصالح المشتركة مع القوى الدولية والإقليمية، وفى ضوء ما سبق فإن بيان 3 يوليو 2013 جاء بالرمزية السياسية والعسكرية والأمنية والدينية والمدنية استجابة لمطالب ملايين المصريين فى الشارع تجنبًا لفوضى شاملة، كما طرح خارطة طريق واضحة باستحقاقات محددة وموقوتة تم تنفيذها لاستعادة الوطن.
فى السياق ذاته، أكد اللواء الدكتور محمد الغبارى، مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، أن 30 يونيو ثورة شعب على الطغيان وهو ما أدى إلى فشل جماعة الإخوان الإرهابية فى الحكم بعد تنحية كل داعميها وانفرادها بالحكم.
من جهته أكد اللواء الدكتور محمد الشهاوى رئيس أركان الحرب الكيميائية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن منصة 3 يوليو، هذه المنصة التى رسمت مصر الحديثة ولولا 30 يونيو ما كانت منصة 3 يوليو التى ارتقاها قادة القوات المسلحة ورجال القضاء والأزهر والكنيسة والوجوه المدنية والحزبية، وأنهت مساعى الإخوان للسيطرة على جميع مفاصل الدولة، لتعيد ثورة 30 يونيو لمصر سيادتها وريادتها.
وقال: إن القيادة السياسية واجهت 3 تحديات رئيسية هى: غياب الأمن والاستقرار السياسى، الإرهاب والتطرف، والانهيار الاقتصادى، لكن الدولة قامت بمشروعات التنمية والإصلاح الاقتصادى والإدارى، وتنفيذ مشروعات التنمية المستدامة.
وأضاف، إن أهم ما يميز ثورة 30 يونيو أنها أعادت الوطن إلى مساره الطبيعى وجنَّبته الانقسام والاقتتال الداخلى.
وأوضح، أنه من خلال عملية حق الشهيد والعملية الشاملة «سيناء 2018» استطاعت مصر القضاء على الكتلة الصلبة للإرهابيين وإلى جانب الجهود الأمنية، كان سلاح التنمية حاضرًا وبقوة فى الاستراتيجية المصرية لمكافحة الإرهاب.
من جهته قال اللواء الدكتور نصر سالم مدير جهاز الاستطلاع الأسبق والمستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات، إن 30 يونيو ثورة شعبية حقيقية وتعبير عن إرادة شعبية رفضت فشل الإخوان ومشروعهم الذى كان يخطط لحكم مصر 500 عام وكان هناك أكثر من 30 مليون مصرى فى شوارع القاهرة والمحافظات يطالبون بالحرية والأمن والديمقراطية وهو ما طالبوا به فى ثوره 25 يناير لشعورهم بأن كل ما طالبوا به لم يحدث بل تراجعت الأمور وأكبر مشهد هو ما حدث فى الاتحادية وفى المقطم أمام مقر جماعة الإخوان الإرهابية لمجرد رفض حكم الإخوان وكانت الشوارع سوف تتحول إلى بحور من الدماء إذا اشتبكت جماعة الإخوان مع الشعب وحسب ما قاله الإخوانى محمد البلتاجى من إن توقف الإرهاب فى سيناء مرهون بعودة مرسى، وهذا الدور الكبير للقوات المسلحة أنقذ البلد من كل ما يحدث.
ويرى العميد طارق العكارى المتخصص فى الشأن الاستراتيجى، أن البداية الحقيقية للصدام مع الجماعة الإرهابية كانت فى 22 مارس 2012 بما حدث أمام مقر الإخوان بالمقطم ثم حصار مدينة الإنتاج الإعلامى 24 مارس ثم حركة تمرد 28 أبريل، وحاول الجيش احتواء الموقف حتى آخر وقت وفوت الفرصة على كل من أراد النيل من هذا البلد بتحذيراته على المدى المتوسط والقصير، وقبل 30 يونيو كان هناك آلاف المقاتلين التابعين لجماعة الإخوان الإرهابية، ولكن القوات المسلحة كانت وستظل دائمًا قائمة على حماية الأمن القومى المصرى، وقبل 30 يونيو بنحو 15 يومًا كانت القوات المسلحة منتشرة فى جميع أنحاء البلاد تحسبًا لما سيحدث وخاصة المناطق الحدودية.
وأشار إلى أن الجماعة الإرهابية لم تدرك على مدار 84 عامًا ماهية وطبيعة الشعب المصرى وأيديولوجيته المعتدلة الوسطية. والويل كل الويل لمن تسول له نفسه أن يمس هذه الطبيعة المصرية الراسخة منذ آلاف السنين.
مظاهر فشل حكم الجماعة الإرهابية
تجلت مظاهر فشل حكم الجماعة الإرهابية فى مختلف قطاعات الدولة ووفقًا للواء الدكتور محمد الغبارى، فإنها تمثلت فى التالى:
1- اقتصار التعيينات الحكومية والمناصب العليا فى الجهاز الإدارى على عناصر الجماعة.
2- الفشل فى إدارة أزمة نقص الوقود وانقطاع الكهرباء والمياه المستمر.
3- عدم قدرة الجماعة على حل مشاكل المصانع المتوقفة نتيجة الثورة.
4- الفشل الذريع فى السياسة الخارجية على المستويين الإقليمى والدولى.
5- مشروعات اقتصادية فاشلة مثل إقليم قناة السويس وبيع الآثار المصرية لدولة قطر لتوفير سيولة الإصلاح.
6- إعلان فرض حظر التجوال على منطقة القناة وخاصة بورسعيد دون التمكن من تنفيذه، مع عدم القدرة أو الرغبة فى إعادة الأمن والأمان إلى الشارع المصرى وعودة الشرطة ورفع كفاءتها.
يضاف إلى ذلك ضعف القيادة السياسية أثناء إثارة موضوع سد النهضة وفضيحة مؤتمر مرسى على الهواء مما آثار الإثيوبيين والأفارقة وأظهر مصر بالدولة المعتدية كما لم يلجأ المخلوع إلى مجلس الأمن القومى المصرى.