الإثنين 14 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
من القاهرة إلى قرطاج:  مسار الشعوب فى إسقاط حكم الإخوان

من القاهرة إلى قرطاج:  مسار الشعوب فى إسقاط حكم الإخوان

بعد الثورة، عاشت تونس واحدة من أخطر مراحلها عندما تغلغلت حركة الإخوان تحت شعار «الشرعية الانتخابية»، مستغلة مناخ الحرية لتفكيك الدولة واختراق مؤسساتها. ولم يكن مشروعهم نظريًا أو سياسيًا فقط، بل امتد إلى التمكين والإرهاب المنظم والاغتيالات السياسية، فسفروا الشباب واغتُيل جنودنا وزعماء سياسيون مثل شكرى بلعيد، ثم محمد البراهمى، أمام صمت مريب من الحكومة التى كان يقودها الإخوان، وصمت أقرب إلى التواطؤ منه إلى العجز.



فى ذلك الوقت، كانت مصر قد سبقت الجميع بوعى شعبى وقرار سيادى واضح. يوم 30 يونيو 2013، خرج عشرات الملايين إلى الشوارع فى أكبر ثورة شعبية فى التاريخ المعاصر لإسقاط مشروع التمكين الإخوانى، ومواجهة الاستبداد الدينى المغلَّف بخطاب ديمقراطى كاذب. واستجابة وطنية لصرخة شعب أنهكته الفوضى والوعود الكاذبة.

فى تونس، لم يتأخر الرد الشعبى كثيرًا. خلال صيف 2013، انطلقت شرارة «اعتصام الرحيل» فى منطقة «باردو»، امتدادًا طبيعيًا لرفض حكم الإخوان بعد الاغتيالات ومحاولات تفكيك الدولة عبر دستور مفخّخ، وتعيينات ولائية وحكومية موجهة، ومحاولات لتسييس الأمن والقضاء. خيّم الأحرار لأشهر أمام مجلس نواب الشعب مطالبين برحيل الحكومة وإنقاذ الدولة. لقد كنا فى مواجهة مفتوحة مع مشروع غريب عن الدولة الوطنية، يعمل بتنسيق إقليمى عابر للحدود، ويؤمن بأن تونس «مجرّد مرحلة».

لكن المعركة فى تونس كانت أطول. قاوموا بصيغ التوافق والتحالفات، واخترقوا المؤسسات باسم الوحدة الوطنية، واختبأوا وراء شعارات «الانتقال الديمقراطي»، بينما كانوا يهيّئون لإعادة التموقع بعد كل أزمة. وظنّ البعض أن المعركة انتهت.

ثم جاءت لحظة 25 يوليو 2021. لم تكن قرارًا فرديًا من الرئيس قيس سعيد، بل لحظة سيادية انتظرها الشعب طويلًا لتصحيح المسار، وتفكيك منظومة الفساد والابتزاز السياسى.

لقد أُغلقت أبواب التلاعب بالدولة، وبدأنا نُعيد رسم معالم جمهورية تضع المواطن أولًا، وتحمى سيادتها من الاختراق الخارجى.

إن ثورة 30 يونيو المصرية لم تكن حدثًا منعزلًا، بل لحظة وعى عربية، جسّدت بداية إسقاط مشروع «الأخونة السياسية». وما فعلته مصر بشجاعة وحسم، نُكمله اليوم فى تونس بإصرار. مصر حسمت مصير الإخوان منذ 2013، وتونس اليوم تتحرّر منهم نهائيًا، لا فقط سياسيًا، بل قانونيًا وفكريًا وتشريعيًا.

إن الشعوب لا تُهزم، وإن تأخرت فى المواجهة، فإنها حين تنتفض، تسقط أخطر المشاريع وأكثرها تمويهًا. ونحن اليوم، فى تونس، نكتب الصفحة الأخيرة من كتابهم، بنفس العزم الذى بدأ فى القاهرة قبل أكثر من عقد.

 تونس - كاتبة وصحفية