الأحد 13 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
عبر «الثورة»..  كيف حمت مصر نفسها من جماعة الإخوان؟

عبر «الثورة»..  كيف حمت مصر نفسها من جماعة الإخوان؟

 شهدت مصر فى أعقاب 25 يناير2011، حالة من التوتر السياسى والاجتماعى الشديد، تزامنًا مع صعود جماعة الإخوان وسعيها للسيطرة على المشهد السياسى، وهو ما أثار مخاوف عميقة لدى قطاعات واسعة من الشارع المصرى والقوى الوطنية.



فى هذا السياق المتقلب، برزت ثورة 30 يونيو 2013، وهى ثورة شعبية وسياسية تصدت لمحاولة الإخوان فى احتكار السلطة، ومنع انزلاق الدولة نحو أحادية الحزب أو الفكر. هذه الثورة لم تكن مجرد رفض؛ بل كانت تعبيرًا عن إرادة جماعية لحماية الدولة ومؤسساتها.

مهدت 30 يونيو بقوة فعل الشعب، قيام الدولة ومؤسساتها آنذاك بخطوات حاسمة لمواجهة نفوذ الجماعة، شملت حل تنظيم الإخوان رسميًا، وملاحقة قياداته قضائيًا، إلى جانب تعزيز دور الجيش والشرطة فى حفظ الأمن والاستقرار. كما لعبت القوى السياسية والمجتمع المدنى دورًا كبيرًا، من خلال التظاهرات السلمية، والتحالفات الوطنية التى أبرزت رغبة المصريين فى الوحدة، وبناء دولة حديثة تقوم على مبادئ المواطنة.

وقد أسفر هذا التصدى عن تحقيق الاستقرار السياسى، وظهور قيادة جديدة عملت على صياغة دستور جديد يُعبّر عن تطلعات الشعب المصرى فى الحرية والعدالة الاجتماعية. كما ساهمت هذه المرحلة فى تعزيز الوعى الوطنى بأهمية الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، ورفض الانقسامات الحزبية والطائفية.

ومن الواضح أن الجيش المصرى لعب دورًا محوريًا فى حماية الدولة والمجتمع، خاصة فى مواجهة ممارسات الجماعة التى اتسمت بطابع ميليشياوي، وسعت لتقويض الدولة الوطنية لصالح أجندة الجماعة العالمية. حاولت الجماعة تحويل مصر إلى مركز إقليمى لقيادة التنظيم الدولي، متبنية سياسة الإقصاء والتهميش تجاه كل من عارض مشروعها.

إن تجربة مصر فى التصدى لجماعة الإخوان خلال ثورة 30 يونيو، تؤكد أن حماية الأوطان لا تتم إلا من خلال تضافر الجهود بين الشعب والدولة، وبناء مؤسسات ديمقراطية قوية تضمن المشاركة والشفافية وتمنع الاحتكار.

ولا بد من القول إن تجربة الدولة الجديدة فى مصر أثبتت قدرتها على التعافى السريع داخليًا، من خلال استعادة الأمن، وإعادة إطلاق الحياة السياسية والديمقراطية، مع الحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعى. أما على الصعيد الخارجي، فقد شهدت مصر عودة قوية لدورها الإقليمى والدولي، بعد فترة من الغياب والتراجع.

صحيح  أن جماعة الإخوان وصلت إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، إلا أن استخدامها للديمقراطية كان وسيلة للسيطرة على مفاصل الدولة، وليس غاية فى حد ذاتها. ومن هنا جاء الدور الوطنى للمؤسسة العسكرية، التى التزمت بمبادئ الديمقراطية، لكنها تدخلت عندما أصبح الأمن القومى والسلم الاجتماعى فى خطر.

فالشرعية الحقيقية لا تُستمد فقط من الصناديق، بل من إرادة الشعب. ولهذا كان تدخل الجيش لحماية الدولة وتوفير سبل الانتقال السريع نحو سلطة مدنية قادرة على إدارة شئون البلاد، بما يضمن للمواطنين حقوقهم، ويحافظ على هوية الدولة المستندة إلى تاريخ طويل من السيادة والاستقلال.

 بيروت – أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية