الأربعاء 2 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

10 سنوات من الجنس الميدانى!

10 سنوات من الجنس الميدانى!
10 سنوات من الجنس الميدانى!


التحرش الجنسى فى المجتمعات النامية أصبح أمرا مألوفا، فالهوس الجنسى والنظرة الجسدية للمرأة وخلق الحجج الواهية مثل ارتفاع تكاليف الزواج و«إيه اللى خلاها تلبس عباية كباسين» بمثابة لب القضية لأن عدم الاعتراف بالخطأ وتجريمه خلق جيلا من الذكور - وليس الرجال - لا يختلفون فى طبائعهم عن الحيوانات.
 
فى مصر مثلا نجد أن التحرش الجنسى يسير بمستوى متقدم مما يجعلنا فخورين بالتقدم ولو فى مجال التحرش الجنسى فنحن نشتاق إلى المراكز الأولى منذ «صفر المونديال» فسنجد أن التحرش قد ظهر جليا وأصبح إحدى القضايا الكبرى منذ ما يقرب من 10 سنوات، تحديدا بعد الفوز المشرف والمتتالى لكأس الأمم الأفريقية تحت قيادة المعلم حسن شحاتة.. جميعنا - إلا قليلا - نزل وهتف والله وعملوها الرجالة فى شارع جامعة الدول العربية، بنات وولاد احتفلوا بالفوز على طريقتهم وهنا ظهر السعار الجنسى لدى البعض وأصبح النزول فى التجمعات هو أمر حتمى لهم لأن هناك العديد من الحسناوات اللاتى يقعن فريسة سهلة لهم ولعل التحرشات حينها كانت بمثابة أمر مستهجن وجديد لكن واقع الأمر أن التحرش كان قائما ولكن بشكله المستتر، فالتحرشات الفردية فى مصر ظلت لسنوات كثيرة يبدو أن انتقالها إلى تحرشات جماعية بمثابة التحول المنهجى فى سياسة المتحرشين فى ظل مناخ ذكورى،عام يرى فى المرأة أنها مجرد شهوة ومشايخ ترى أن جسدها عورة ومجتمع يرى فى لبس المرأة المثير السبب الأكبر للتحرش بها، ثم كانت الطامة الكبرى من «نفسنة» نساء تعانى من الفتور الجنسى وعدم اهتمام الذكور بها لتصب جم غضبها على النساء اللاتى يتعرضن يوميا لمعاكسات تصل إلى حد التحرش. فتجد المرأة تخرج لتلوم المرأة الأخرى وسط ضحكات متقطعة من أشباه الرجال!
 
ووسط هذا المناخ المتحرش تخرج فتاة من هنا أو هناك لتقدم بلاغا فى شاب تحرش بها ضاربة عرض الحائط بالأعراف والتقاليد واضعة جملة «الناس حتقول عليكى إيه» فى سلة المهملات وهنا دخلت قضية التحرش الجنسى منحى جديدا عن طريق بعض البنات - اللى بميت راجل - واللاتى قررن عدم الرضوخ لممارسات المتحرشين بهن.
 
وبعد سنوات من التحرش الجماعى خصوصا فى الأعياد والمناسبات مثل شم النسيم ورأس السنة وعيد الفطر وعيد الأضحى جاءت ثورة 25 يناير خالية من التحرش ضاربة أروع الأمثلة فى التحضر والرقى ولكن لأن «التحرش مصطلح سيئ السمعة فقد استغله أعداء الثورة ليبثوا الكراهية تجاه الثوار وليحولوا قبلة المتظاهرين بميدان التحرير إلى بقعة «نجسة» بها كل الموبقات من مخدرات ومسكرات ومضاجعات جنسية كما أفتى المناضل المباركى طلعت زكريا.
 
ولأن الفكرة قد نجحت ولاقت قبولاً بين الناس فنحن أمة اقرأ التى لا تقرأ والشائعات لدينا هى مصدرنا الأساسى للمعلومات فقد تطورت فكرة التحرش إلى جهاد النكاح ولكن هذه المرة داخل ميدانى رابعة والنهضة فأصبح سلاح المعارضين لكل فريق هو التشهير الجنسى وظٌلم التحرش الجنسى لأول مرة فى هذين الموضعين!!
 
ولكن بعيدا عن ثورة الـ18 يومًا أو اعتصامى رابعة والنهضة فإن التحرشات داخل الميادين العامة أصبح سلوكا يوميا وكانت الكارثة الأكبر هى التحرش بمراسلة قناة فرانس 24 على الهواء مباشرة وهنا استيقظت الدولة المصرية من سباتها المتقطع بعد إدانة المنظمات الحقوقية العالمية لهذا الفعل المشين وأصبح الاهتمام بمعالجة ظاهرة التحرش أمرا رسميا حتى وإن كانت النتائج غير ملموسة على أرض الواقع حتى الآن.
 
ومع غياب دور قوى للدولة فى مواجهة المتحرشين كانت بعض الحركات الشبابية مثل «امسك متحرش» و«شفت تحرش» بمثابة طوق النجاة لكثير من الفتيات اللاتى يقمن بعمل إجراءات احترازية للدفاع عن أنفسهن فى حالة تعرضهن لتحرش أو اعتداء على غرار ما شاهدناه فى فيلم «678» وتعد موجة الأفلام والأغانى الهابطة أحد أهم العوامل فى زيادة معدلات التحرش والدليل «هاتى بوسه يابت».
 
كما يعد الخطاب الأحادى من قبل بعض الدعاة الذين يؤمنون أن المرأة هى المسئولة عما يحدث لها لأنها لم تلتزم بالحجاب الشرعى لنسمع الجملة الأشهر «هى إيه اللى وداها هناك» حتى وصلنا إلى تبرير لما حدث لفتاة جامعة القاهرة منذ حوالى أسبوع من تحرش جماعى بها وبدلا من فصل هؤلاء الطلبة وحرمانهم من الدراسة وجدنا من يقول - وهم النخبة الزائفة - أن الشباب تعبانة ونفسها تتجوز والبنت لبسها مثير!
 
ورغم أن التحرش الجنسى أمر مرفوض شكلا وموضوعا إلا أن هناك حالات جائزة للتحرش - فى رأيى - وهى الموافقة الضمنية لكلا الطرفين مثل التحرش داخل قاعات السينما أو فى جنينة الأسماك لأنه نوع من التحرش الإيجابى الذى يحدث برضا الطرفين.
 
زمان.. وبالرغم من قصر ملابس الفتيات فى ستينيات القرن العشرين فى مصر إلا أن حوادث التحرش كانت أقل كثيرا بما لا يقارن بما يحدث حاليا ربما لأن خريج الجامعة كان يستطيع الزواج بعد شهرين من انتظامه فى عمله الجديد وكانت الحياة أبسط من كده، لذلك لا مفر من عودة الثقافة والوعى والقيم والأخلاق فمن استطاع الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم.