الثلاثاء 17 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المال أم السلطة.. من صاحب الكلمة الأخيرة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

فى خضم الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب ومحاكمته فى عدد من القضايا، اجتمع عدد من أثرياء «وول ستريت» قبل أيام فى أحد فنادق نيويورك، واتفقوا على «شىء واحد»، دعم الملياردير الجمهورى، حتى وإن تمت إدانته.



وقالت الشخصيات البارزة فى قطاع الأعمال والتمويل الأمريكى، الذين اجتمعوا خلال حفل لجمع التبرعات فى فندق بيير بجادة مانهاتن الخامسة فى نيويورك، إن ترامب سيظل خيارهم الأول لشغل منصب الرئيس، وفق مصادر أمريكية.

ترامب وفق المصادر الأمريكية يحظى بدعم قوى منهم لعدة أسباب، منها الوعود ببعض من المناصب السياسية من جهة، أو  من خلال تسهيلات تجارية من جهة أخرى، فأباطرة «وول ستريت» لن يقدموا دعمهم لمرشح رئاسى مجانًا خاصة أنهم وفق تصريحات للملياردير الأمريكى أوميد مالك، رئيس «صندوق 1789 كابيتال» أنهم كانوا يعتبرون ترامب اسمًا صغيرًا فى القطاع التجارى والعقارى.. لكن الآن الصورة تغيرت 180 درجة.

>الدعم مقابل السلطة

يتزايد عدد المليارديرات الذين يدعمون الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب فى حملته الانتخابية، رغم إدانته جنائيًا فى 34 تهمة قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية.

وأقصى عقوبة قد يواجهها ترامب بعد إدانته من قبل هيئة المحلفين فى نيويورك، هى السجن لأربع سنوات، إلا أنه عادة ما تصدر أحكام أقصر للمدانين بمثل هذه الجريمة أو أنهم يواجهون غرامات أو يتم وضعهم تحت المراقبة.

 

 

 

وتساعد موجة الدعم الضخمة الرئيس السابق على تضييق فجوة جمع التبرعات مع الرئيس جو بايدن واغتنام زخم جديد فى سباقه للبيت الأبيض، وقد تبرع البعض بالفعل بالملايين لحملته، وأعلن البعض الآخر عن خطط  للقيام بذلك، والبعض الآخر يقول الآن فقط إنهم سيصوتون له.

ويأتى التحول فى توجهات أثرياء الولايات المتحدة الذين تخلوا عن ترامب بعد أن اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول الأمريكى فى السادس من يناير 2021، بعد وعود ترامب بخفض الضرائب على الأثرياء وإلغاء اللوائح التنظيمية.

وبحسب موقع «أوبن سيكريتس» الذى يتتبع التبرعات حسب الحجم، شكلت التبرعات الضخمة 14 فى المئة من تمويل ترامب فى عام 2016، لكنها ارتفعت إلى 68 فى المئة خلال العام الجارى.

من بين أبرز المليارديرات الداعمين للرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، إيلون ماسك، ثالث أغنى رجل فى العالم، حيث  التقى ماسك بترامب فى مارس الماضى، وفقًا لتقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، وتحدث ماسك مع ترامب عدة مرات خلال الأشهر الماضية، وبحسب ما ورد فى تقرير الصحيفة الأمريكية، ناقش ترامب منح ماسك دورًا استشاريًا رسميًا بشأن أمن الحدود، وهى قضية يركز عليها ماسك بشدة.

كما كشفت الصحيفة الأمريكية أن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك ناقشا فى لقاء جرى مؤخرا عدة نقاط، منها شغل ماسك لمنصب سياسي فى إدارة ترامب أو الحزب الجمهورى، وقال أشخاص مطلعون على المحادثات للصحيفة الأمريكية إنه لم يتم بعد التوصل  لطبيعة الدور بشكل كامل وقد لا يحدث، لكن الرجلين ناقشا طرق منح ماسك صفة رسمية استشارية ذات تأثير على السياسات المتعلقة بأمن الحدود والاقتصاد.

كما أطلع ماسك، إلى جانب الملياردير الأمريكى نيلسون بيلتز، ترامب على خطة طوراها للاستثمار فى مشروع يعتمد على البيانات لمنع تزوير الناخبين، وفقا لبعض الأشخاص.

كما أخبر بيلتز وماسك ترامب عن حملة نفوذ جارية بالفعل فى دوائر النخبة، حيث يستضيف ماسك وحلفاؤه السياسيون تجمعات لقادة الأعمال الأقوياء فى جميع أنحاء البلاد لمحاولة إقناعهم بعدم دعم حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن.

>تجمع المصالح

وتعتبر هذه اللقاءات علامة على ذوبان الجليد فى العلاقة التى كانت فاترة فى السابق بين ترامب وماسك.

ومنذ عامين فقط، كان ترامب وماسك يتبادلان الإهانات علنًا، لكن فى الأشهر الأخيرة، قام الرجلان بتطوير علاقة ودية ويتحدثان عبر الهاتف عدة مرات فى الشهر مع اقتراب الانتخابات، حسبما قال الأشخاص المطلعون على محادثاتهما.

وقد أجرى الثنائى مناقشات حول الهجرة والتكنولوجيا والعلوم، بما فى ذلك قوة الفضاء الأمريكية.

وقال الأشخاص المطلعون إن وجهات نظرهم ومصالحهم أصبحت أكثر توافقًا، حيث اتصل ماسك بترامب مباشرة على هاتفه المحمول.

 

 

 

وأخبر ترامب ماسك، أحد أغنى الأشخاص فى العالم، أنه يريد إيجاد طريقة لإشراكه بشكل أكبر إذا فاز فى الانتخابات الرئاسية.

وجرت المناقشة حول الدور الاستشارى ومشروع التصويت فى اجتماع فى فلوريدا، مع مجموعة من الأصدقاء الأثرياء والأقوياء، حسبما قال بعض الأشخاص المطلعين على المناقشات.

وفى تفاصيل اللقاء قالت «وول ستريت جورنال» إنه وبينما كان الضيوف يتناولون وجبة الإفطار صباح الأحد الماضي تحدث بيلتز وترامب وماسك عن انتخابات نوفمبر، وانتقدوا إدارة بايدن للبلاد.

وأشار إيلون ماسك إلى أنه غير مهتم بمجرد كتابة شيك إلى لجنة العمل السياسى الفائقة، والتى يمكنها قبول مبالغ غير محدودة من المال من الجهات المانحة وهى طريقة شائعة لطبقة المليارديرات لدعم المرشحين.

وبدلاً من ذلك، اختار استخدام نفوذه فى دوائر الأعمال والتكنولوجيا النخبوية للمساعدة فى هزيمة بايدن من خلال حشد دعم الحلفاء المؤثرين.

>دوافع خفية

وتتحرك دوافع «ماسك» بسبب المخاوف بشأن اتجاه البلاد، وفقا لشخص مطلع على تفكيره، ومن بين أمور أخرى، انتقد ماسك ما أسماه «فيروس العقل المستيقظ»، وهو عبارة عن شعار شامل للسياسات الليبرالية بما فى ذلك برامج التنوع والمساواة والشمول التى يقول المحافظون إنها تخلق انقسامات.

من جانبه، أبدى الرئيس السابق إعجابه بثروة ماسك، وبالتحول نحو اليمين فى سياسة الرئيس التنفيذى لشركة تسلا.

وقال ماسك إن سياساته «معتدلة إلى حد ما» وتبرع بمبالغ أقل للديمقراطيين والجمهوريين فى السنوات الماضية، وفقا لملفات لجنة الانتخابات الفيدرالية.

وتغيرت سياساته علنًا فى مايو 2022، عندما غرّد قائلا إنه سيصوت لصالح الحزب الجمهورى لأن الديمقراطيين «أصبحوا حزب الانقسام والكراهية، لذا لم يعد بإمكانى دعمهم».

وقال بريان هيوز، المتحدث باسم حملة ترامب: «الرئيس ترامب سيكون الصوت الوحيد للدور الذى يلعبه الفرد فى رئاسته».

وكان ماسك قد عمل فى المجموعات الاستشارية للأعمال بالبيت الأبيض خلال فترة رئاسة ترامب، لكنه استقال منها فى عام 2017 بعد معارضته لقرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ.

ماسك لم يكن الوحيد الذى أعلن عن دعمه لترامب، فهناك ستيف شوارزمان، الرئيس التنفيذى لشركة بلاكستون، مؤيدًا لدونالد ترامب أيضًا، وقال شوارزمان لموقع أكسيوس «إنه يدعم ترامب وسيتبرع له باعتباره تصويتًا من أجل التغيير».

يعد المؤسس المشارك لشركة بلاكستون من بين أغنى 40 شخصًا فى العالم، بثروة تبلغ 41 مليار دولار.

وكذلك أعلنت مجموعة من الأسماء المألوفة فى الحزب الجمهورى دعمها لترامب فى الأشهر الأخيرة، بالإضافة إلى شوارزمان، ومن بينهم شخصيات مثل قطب الفنادق روبرت بيجلو والمستثمر الناشط نيلسون بيلتز.

كان روبرت بيجلو، الملياردير المالك لشركة بادجت سويتس أوف أمريكا ومؤسس بيجلو ايروسبيس، يدعم المرشح الجمهورى رون دى سانتيس سابقًا لكن بعد انسحاب ديسانتس من السباق وإعلانه دعم ترامب فى ترشحه، وضع بيجلو خططًا لمنح أكثر من 20 مليون دولار لترامب، كما شارك أيضًا فى رئاسة حملة جمع التبرعات الأخيرة فى منزل بولسون فى فلوريدا.

>تبرعات مقابل تسهيلات

وفق تقرير لوكالة «بلومبرج» أوضح أن بعض الممولين الذين تخلوا عن ترامب بعد اقتحام مؤيديه مبنى الكابيتول فى 6 يناير 2021، والذين نأوا بأنفسهم عنه بينما كان يدَّعى أن الانتخابات التى أُجريت فى عام 2020 قد «سُرقت منه»، يحتشدون خلفه مرة أخرى.

وظهر التزام عمالقة «وول ستريت» تجاه ترامب بشكل بارز فى حفل جمع التبرعات الفاخر فى فندق بيير فى جادة مانهاتن الخامسة بنيويورك، والذى عقد قبل 16 يومًا من صدور الحكم. ضده بالادانة من محكمة نيويورك

الحدث، الذى حضره ممولون مؤثرون واستضافه الملياردير هوارد لوتنيك، سلط الضوء على المشاعر السائدة بين الحاضرين: ترامب هو مرشحهم المفضل للرئاسة بغض النظر عن نتيجة المحاكمة، وفق وصف «بلومبرج».

والدافع الأساسى لهذا الدعم الدائم هو المال، وفق تقرير «بلومبرج»، إذ تحظى وعود ترامب بخفض الضرائب على الأثرياء، وإلغاء القيود التنظيمية بقبول خاص لدى هذه الفئة.

وقال أوميد مالك، رئيس «صندوق 1789 كابيتال» والمشارك فى استضافة حفل جمع التبرعات لترامب، لـ«بلومبرج»، إن تأثير الحكم على دعمه لترامب «سيكون أقل من الصفر»، واصفًا المحاكمة بكونها «تسليحًا للنظام القانونى والعدالة القضائية».

وشكّك رئيس «صندوق 1789 كابيتال» فى أن يغير الحكم القضائى رأى أى من الأثرياء الذين حضروا حفل جمع التبرعات الذى استضافه الملياردير هوارد لوتنيك.

وقبل ساعات من تردد أصداء الحكم فى وول ستريت وواشنطن، نقلت «بلومبرج» أن مليارديرًا بارزًا آخر فى نيويورك، وهو بيل أكمان، يميل أيضًا إلى دعم الرئيس السابق.

وفى وقت لاحق، أبدى أكمان موافقته على تدوينة فى منصة «إكس» كتبها رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، وقال فيها إن النظام القضائى الأمريكى، بمن فيهم المدعى العام فى مانهاتن الذى ينظر فى القضية، والقاضى، وهيئة المحلفين، يخضعون لأهداف سياسية.

كما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية عن الملياردير الأمريكى نيسلون بيلتز،  فى وقت سابق من هذا الشهر إنه سيصوت لصالح ترامب، لكن التبرعات قد تكون أو لا تكون قادمة، وقال للصحيفة «لست سعيدًا بذلك»، مضيفًا أنه لا تزال لديه شكوك بشأن ترامب لكن مخاوفه بشأن مدى أهلية بايدن للمنصب طغت عليها.

تبرع بيلتز، الذى خسر مؤخرًا معركة رفيعة المستوى مع شركة ديزنى ورئيسها التنفيذى بوب إيجر، للسيناتور تيم سكوت خلال موسم الانتخابات التمهيدية الرئاسية.

وقد تلقى ترامب أيضًا دعمًا من الرؤساء التنفيذيين الأثرياء فى مجال الطاقة بعد ما يبدو أنه جهد منسق للتواصل مع تلك الصناعة.

وبحسب تقارير إعلامية وجه ترامب نداءات مباشرة للتبرعات مقابل قيود أكثر مرونة على أشياء مثل التنقيب عن النفط فى حالة فوزه.

وزاد هارولد هام، مؤسس ورئيس شركة النفط والغاز الطبيعى كونتيننتال ريسورسيز، من تحالفه مع ترامب فى الأشهر الأخيرة.

وتُظهر بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية مساهمة قدرها 614 ألف دولار من (هام) إلى لجنة جمع التبرعات المشتركة لترامب فى نهاية مارس.

واستفاد ترامب من مشكلاته القانونية لجمع الأموال من المانحين الأثرياء، وحصدت حملته 25 مليون دولار أكثر من بايدن فى أبريل الماضى.

>عداء أم صداقة

وتسلط هذه التطورات وتوقيت حدوثها الضوء على التفاعلات المتغيرة بين ترامب وبعض القادة الماليين فى البلاد، ويتجلى ذلك بوضوح فى مانهاتن، والتى انطلق منها ترامب لعالم الثروة.

وعلى مدى عقود، كانت النخب فى مسقط رأس ترامب تسخر منه، إذ اعتبروه اسمًا صغيرًا فى القطاع العقارى، أما فى الوقت الحالى، تحظى وعود الرئيس السابق بشأن الضرائب واللوائح التنظيمية بقبول المديرين التنفيذيين، على الرغم من إدانته فى أول محاكمة جنائية لرئيس أمريكى فى تاريخ البلاد.

وقال مؤسس بنك Donaldson, Lufkin & Jenrette الاستثمارى دان لوفكين: «لم يُعرف قط عن وول ستريت أنها مكان للشخصيات النزيهة». وأضاف: «هل هناك استعداد لدعم ترامب إذا بدا أنه يسير على الطريق الصحيح؟ نعم. أنا لست فخورًا بذلك، ولست جزءًا منه أيضًا».

وكان لوفكين يدعم نيكى هيلى، المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية.

>ردود فعل متفاوتة

وكانت ردود فعل مجتمع «وول ستريت» على إدانة ترامب مختلطة، حيث اختار البعض مثل الملياردير بارى ستيرنليخت البقاء على الحياد فى الوقت الحالى.

وفى الوقت نفسه، يتوقع آخرون أن المشاكل القانونية التى يواجهها ترامب يمكن أن تعزز جاذبيته، على نحو متناقض، وتصوره كـ«فدائي» لنظام قضائى متحيز سياسيا.

ومع احتدام السباق الرئاسى، تستمر أجندة ترامب المالية فى اجتذاب قدر كبير من الدعم من «وول ستريت»، مما يشير إلى أن المصالح الاقتصادية ربما تفوق الاعتبارات القانونية والأخلاقية بالنسبة لبعض القادة الماليين الأكثر نفوذًا فى أمريكا.