الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الميدان» الذى لن يرضى عنه الفلول ولا الإخوان

«الميدان» الذى لن يرضى عنه الفلول ولا الإخوان
«الميدان» الذى لن يرضى عنه الفلول ولا الإخوان


مصر تصل إلى الأوسكار لأول مرة فى التاريخ. الجائزة الأهم والأقوى فى عالم السينما والتى ترفع من شأن المتنافسين عليها، حيث تلفت إليهم انتباه العالم. وتمنحهم وبلادهم تقديراً فنيا كبيرا. مصر تدخل الأوسكار من خلال الفيلم الوثائقى «الميدان» إخراج «جيهان نجيم» والذى يحكى فى مائة دقيقة حكاية مصر فى ثلاث سنوات. الفيلم الذى ربما لن يراه الجمهور المصرى، فقط لأنه لن يرضى الكثيرين الآن.. الكثيرين الذين يشككون فى ثورة يناير وكل من شارك فيها، الذين يروجون لهذه الثورة على أنها نكسة ومؤامرة.
 
الكثيرين ممن يرفضون النظر للماضى القريب جداً والذين يريدون ويتمنون محوه من الذاكرة القصيرة للمصريين. والسبب أن الفيلم يعيد علينا عرض الصور الحقيقية لكل ما حدث فى ميدان التحرير. ليكون كما لو أنه المطرقة التى تدق على بطحة الرأس التى لن تزول ولا بملايين العمليات التجميلية. للثورة شبابها النقى، الذين لم يكتفوا بالجلوس باسترخاء على المقاعد المريحة فى الاستوديوهات المكيفة ليظهروا فى مختلف القنوات الفضائية البراقة. ليتحدثوا حول السياسة والثورة ودم الشهداء. أصحاب هذه الثورة كما يقدمهم «الميدان» - هم كل شباب مصر البسطاء، الذين لم نعرف أسماءهم ولا مهنهم ولم نصادف وجوههم إلا فى الشوارع والحارات.
 
منذ عدة أسابيع انفردت «روزاليوسف» بحوار مع المخرجة «جيهان نجيم» حول فيلم «الميدان». الفيلم الذى كان حينها على بعد خطوات قليلة من الوصول لجائزة الأوسكار. والذى وصل بالفعل قبل أيام قليلة إلى الخطوة الأخيرة لها. بحصوله على الترشح النهائى للجائزة. ليذكر اسم مصر للمرة الأولى فى 95 عاما هى عمر الجائزة، كدولة تنافس بفيلم من صناعة واحدة من بناتها.
 
إعلان ترشح «الميدان» للجائزة يأتى قبل أيام من الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير. كما لو أنه الهدية التى يمنحها بعض من أبناء هذه الثورة لها.
 
«الميدان» ينقسم نصفين: النصف الأول يقدم ثورة يناير وما تبعها من حكم المجلس العسكرى وارتباكه فى الأزمات الثورية والنصف الثانى عن الإخوان وانتهازيتهم وقفزهم على الثورة لجنى المكاسب السياسية ثم سقوطهم المدوى فى 30 يونيو.
 
أهم أبطال الفيلم وربما واحد من أهم أبطال الثورة. «أحمد حسن» مؤكداً لم نسمع اسمه من قبل فى الإعلام فهو ليس نجما ولكنه شاب مصرى حقيقى وليس مزيفا. غيور على وطنه، شرس فى الدفاع عن مبادئ الثورة: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. لا ينتمى لأية أحزاب ولا توجهات سياسية، ينتمى فقط لمصر. «أحمد» الذى لم يترك ميدان التحرير إلا قليلاً، يترك الميدان ثم يعود إليه. يخرج منه فى أحد المرات بعد أن امتلأ بالإخوان يرددون «إسلامية إسلامية» فيخرج صارخاً «خدوا الميدان.. بس الثورة جايه جايه». 
 
«أحمد» هو كلمة السر فى الميدان، هو الشباب الذين تواجدوا فى الميدان، «أحمد» هو «مينا دانيال» و «علاء عبد الهادى» و«جيكا» ومئات الشهداء الذين سقطوا فى الميدان.
 
هو كل شاب كان يكذب على أمه عندما تتصل به وتسأله أين أنت؟. فيقول لها إنه على المقهى مع أصدقائه بينما هو واقف يواجه بطش الأمن فى شارع محمد محمود. «أحمد» وأمثاله هم من أسقطوا ثلاثة أنظمة فى عامين ونصف.
 
وعلى خلاف «أحمد» فكريا ولكن على شاكلته إنسانيا تظهر شخصية «مجدى» واحد من المنتمين لتنظيم الإخوان المسلمين. يشعر بالثوار ولكنه يتبع الإخوان. يتألم ويبكى من أفعال الإخوان ولكنه لا يتركهم، إيجابى فى مشاعره، شديد السلبية فى أفكاره. ينزل أحيانا لميدان التحرير مخالفاً أوامر الجماعة. ولكن «مجدى» يتقدم خطوة نحو متطلبات وطنه ثم يتراجع خطوات لمتطلبات جماعته، يوبخ ابنه على الوقوف أمام أصدقائه الثوار فى أحداث الاتحادية ولكنه ينضم لاعتصام الإخوان فى رابعة.
 
فيلم «الميدان» يعنى كثيراً بالحالة الفنية التى صاحبت ثورة 25 يناير. من التصفيق والهتاف على نغمات متجانسة بشعارات الثورة مروراً بالأغانى ورسومات الجرافيتى.. ومن خلال الفنانين تظهر شخصيات رئيسية فى الفيلم وهم الممثل «خالد عبد الله» والمطرب «رامى عصام».. «خالد عبد الله» الذى ولد وعاش خارج مصر لسنوات. يعود إلى وطنه قبل الثورة ليظل فى مصر مشاركاً فى كل أحداثها. محاولاً المشاركة الإيجابية. باستخدام الكاميرا الخاصة به لتصوير كل ما يحدث فى الميدان. وعرضه فيما بعد على الموقع الإلكترونى «مصرين» الذى قام بتأسيسه لينشر كل الفيديوهات المتعلقة بما يحدث للثوار. «خالد» ينحدر من أسرة معارضة عاشت تناضل من أجل الحرية لثلاثة عقود. أما «رامى عصام» فقد اشتهر بأنه مطرب الثورة كان من معتصمى ميدان التحرير من الأيام الأولى للثورة وقد اعتقل وعذب فى المتحف المصرى أثناء حكم المجلس العسكرى. «رامى» قام بالغناء ضد مبارك وضد المجلس العسكرى وضد الإخوان.
 
وينتهى الفيلم بعد أن زال نظام الإخوان مع كلمات «أحمد» قائلاً «احنا مبندورش على قائد يحكمنا احنا بندور على ضمير». وتنزل عناوين الفيلم على صوت «رامى» يغنى «يا نظام غبى افهم بقى مطلبى حرية.. حرية.. حرية».